رأي

حول مكافحة الظواهر السلبية

 

محمد بن زيتون

تعايشنا منذ العام 2011م وإنبلاج ثورة فبراير مع مجموعات  تنادي بمكافحة الظواهر السلبية؛ وهي مجموعات دينية ذات توجه جديد على المجتمع الليبي الذي ورث منذ العهد الفاطمي ثم الحكم العثماني؛ وبعهدها الإيطالي إقامة الأضرحة والتبرك بها، كذلك دفن القبور بالمساجد أو ملاصقة لها وكان الحال زيارتها محبّبة ويطلب من الزوار الطواف بها وكأنها ولا يمثل الكعبة الشريفة وكنا صغاراً في الخمسينيات وبداية الستينيات نتبع أهلنا في زيارات هذه الأضرحة خاصة ضريح الشيخ عبدالسلام الاسمر، ولكننا نحن الأطفال لم نهتم كثيراً بالدعاء وطلب الحاجة من أصحاب الأضرحة بقدر التمتع بالفرجة على الحضرة وأكل ما يقدم من الطعام وكأن الأمر أشبه برحلة زردة لا غير .. لم يكن الشرع والدين على يسر كما هو الآن فكانت الجموع تعج بالجهل والأمية وقليل من يتفقه في دينه وحتى من يحفظ (جزء عم) كانت تذبح بشأنه الذبائح ويقدم الطعام للجميع في المساجد أو البيوت فرحة بهذا الحدث الكبير، ونذكر جيداً أن  الاحترام دائما كان يخص الشيخ والمعلم والشرطي في المجتمع الليبي وكان الأول كمرجع ديني والثاني كمرجع علمي والشرطي كمرجع قانوني لحل المشكلات المختلفة لكراهية النَّاس للذهاب للمراكز والمحاكم وغيرها وهؤلاء كانوا  يتصدرون المجالس دائماً.

بالأمس هُدمَ مسجد الشعاب والأندلسي وانتهكت معلمة تاريخية بميدان الغزالة وكثير من الأضرحة والزوايا دون إنذار أو مشروعية قانونية واضحة فكنا نرى بعض مرتدين زي الشرطة أو المسلحين مع بعض المدنيين من رجال الدين بمرافقتهم للهدم والنبش وغيرها.. اليوم يتكرَّر الفعل باسم القانون بحجة إنتشار السحر والشعوذة وتضيع معالم وكتب وسير تاريخية ويهدَّد تراث الجهاد بالمحو والضياع حتى تتناسى الأمة مجاهديها ومعارك الجهاد المدونة صوتًا وصورة وكتابة بآلاف المؤلفات والأقراص والأشرطة، ومن حقنا في وسيلة صحفية مثل (فبراير) والتي قامت على مبادئ واضحة من حرية التعبير والرأي بما ينفع  الدين والنَّاس ويخدمهم ويحق الحق ولو كره المفسدون.

بينما صار مع الصحوة الدينية اليوم كثير من المظاهر التعبدية للقبور والأضرحة من الماضي بفضل الأئمة والوعاظ المنتشرون في المساجد والقنوات الفضائية وشبكة التواصل ووجود  دار الإفتاء هل في وطننا ليبيا فقط ظواهر مثل الصوفية وقراءة القرآن في الزوايا واحتفالات العيد النبوي  وماذا عن بيع وتجارة المخدرات وأماكن الدعارة وبيع الخمور السرية والعلنية  والفساد الإداري والمالي كسرقة المال العام والخاص ودفن الأحياء في المقابر الجماعية والإنقلاب على الشرعية والهجوم على العاصمة والتسبب في خراب المدن وقتل الأبرياء وتشريد الأطفال وموت المئات جراء الألغام وخطف النساء والرجال أو أن ذلك ليس من المظاهر الهدامة في المجتمع .. لماذا تكون الجماعة المذكورة هي آمرة الضبط والقاضي والجلاد معا وهل لديهم أمر من المحاكم أو النيابة العامة مثلا في فعل ذلك بل وهل ذلك من قوانين البحث الجنائي ومكافحة الإرهاب وهل توجد آلية للتظلم من السلطات الفاعلة عند التعدي على القانون وحرية وحقوق الإنسان حياً وميتاً أو يسجن لمدة سنوات دون حكم، كثير من الأجوبة تهز الشارع ولا تجد إجابة لها .. وفي إنتظار ما تفضي به الجهات ذات الإختصاص.

والله من وراء القصد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى