رأيعربي ودولي

التزاما بالموضوعية والعدالة وسعيا إلى التسوية السلمية — ستواصل الصين لعب دور بناء في تهدئة الوضع في أوكرانيا

 

بقلم السيد “وانغ تشيمين” القائم بأعمال السفارة الصينية لدى ليبيا

في الوقت الحاضر، أصبحت القضية الأوكرانية محور اهتمام المجتمع الدولي ولفتت أنظار العالم بأسره.

كثير من الأصدقاء الليبيين يهتمون بموقف الصين من القضية الأوكرانية، إذ أود أن أطلعكم على بعض المعلومات.

القضية الأوكرانية لها حيثيات تاريخية معقدة، والوضع الحالي ليس ما تريد الصين أن تراه.

تتخذ الصين دائمًا موقفا موضوعيا وعادلا من القضية الأوكرانية، داعيةً إلى احترام سيادة الدول وسلامة أراضيها، والالتزام بالمقاصد والمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة إضافة إلى الاستجابة للشواغل المشروعة والمعقولة لجميع الأطراف.

كما تدعو الصين إلى مفهوم أمني مشترك وشامل وتعاوني ومستدام، بينما يجب على المجتمع الدولي دعم المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا لإحراز نتائج فعلية والدفع بتهدئة الوضع في أقرب وقت ممكن.

منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، بذلت الصين جهودا دؤوبةً في الدعوة للحوار والتفاوض بشتى الطرق وفي مناسبات مختلفة، ولعبت دورها في تخفيف حدة الوضع وذلك يتمثل في الثوابت الخمسة.

الأول هو الثبات على الاتجاه الصحيح للدفع بالمفاوضات السلمية، والدعوة إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الاقتتال، ودعم الحوار المباشر بين روسيا وأوكرانيا.

والثاني هو الثبات على الدفاع عن القواعد الأساسية للعلاقات الدولية ومعارضة دفع الدول الصغيرة والمتوسطة الحجم إلى الخطوط الأمامية للألعاب الجيوسياسية.

والثالث هو الثبات على منع عودة عقلية الحرب الباردة وتعزيز التضامن الدولي بحزم.

والرابع هو الثبات على حماية الحقوق والمصالح المشروعة لجميع الدول، ومعارضة العقوبات أحادية الجانب التي لا أساس لها في القانون الدولي لتجنب الإضرار بالتبادلات الاقتصادية والتجارية الطبيعية بين الدول وحياة شعوبها.

والخامس هو الثبات على توطيد السلام والاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتعزيز التكامل والتعاون الإقليميين بغية حماية زخم تنمية المنطقة الذي تحقّق بشق الأنفس.

في 1 أبريل، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ، خلال اجتماعه الافتراضي مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أربعة اقتراحات بشأن حل الأزمة الأوكرانية كالآتي.

أولا، يجب مواصلة دعم المفاوضات السلمية باعتبارها الطريقة الوحيدة القابلة للتطبيق لتجنب تصعيد الوضع.

ينبغي على المجتمع الدولي أن يواصل تهيئة الظروف والبيئة للمفاوضات بين روسيا وأوكرانيا وفتح مجال لتسوية سياسية، بدلاً من صب الزيت على النار وتأجيج الخلافات.

ثانيا، يلزم منع حدوث أزمة إنسانية أكبر. قد طرحت الصين مبادرة من ست نقاط بشأن الوضع الإنساني في أوكرانيا، وقدمت عدة دفعات من المساعدات الإنسانية الطارئة لأوكرانيا وكذلك تبرعت بإمدادات إلى الدول الأوروبية التي استقبلت عددًا كبيرًا من اللاجئين.

ثالثا، ينبغي بناء سلام دائم في أوروبا وأوراسيا.

يكمن السبب الجذري للأزمة الأوكرانية في المشاكل الأمنية الإقليمية المتراكمة وطويلة الأمد في أوروبا.

تدعم الصين أوروبا، وخاصة الاتحاد الأوروبي، للعب دور قيادي، كما تدعم الحوار بين أوروبا وروسيا والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لإنشاء إطار أمني أوروبي متوازن وفعال ومستدام.

رابعًا، يتعين منع الصراع المحلي من التوسع، إذ يجب أن نلتزم بالسيطرة على الوضع والحفاظ على استقرار نظام الاقتصاد العالمي وقواعده وأسسه وتعزيز ثقة الناس.

أود التأكيد على أن الصين قلقة للغاية من الآثار غير المباشرة للأزمة الأوكرانية، ولا سيما تأثيراتها الهائلة على البلدان النامية.

قد تشابكت وترابطت مصائر جميع البلدان بعضها مع البعض بشكل وثيق مع التطور العميق للعولمة.

في قطاع الغذاء على سبيل المثال، فوفقًا لبيانات الأمم المتحدة، تعتمد العديد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك ليبيا، اعتمادا كبيرا على استيراد القمح من روسيا وأوكرانيا.

فبعد الصراع بين روسيا وأوكرانيا، شهدت بعض البلدان التي تواجه دائما نقصًا في الغذاء، ارتفاع أسعار السلع الناجم عن مشكلة الإمدادات الغذائية العالمية، الأمر الذي يزيد من الأعباء الواقعة على أكتاف السكان المحليين.

لذلك، فإننا نعارض تسييس الاقتصاد العالمي واستخدامه كأداة وسلاح مما يؤدي إلى حدوث أزمات خطيرة عالمية في مجالات التمويل والتجارة والطاقة والعلوم والتكنولوجيا والأغذية وسلسلة الصناعة وسلسلة التوريد، ويجعل شعوب البلدان النامية تتحمل التكلفة في نهاية المطاف.

وصف الرئيس شي جين بينغ ذات مرة العلاقات بين الدول المجاورة على النحو التالي، يمكن للناس اختيار جيرانهم، لكن لا يمكن نقل البلد، لذلك هناك خيار واحد فقط، أن نكون جيرانًا جيدين.

لم تطبق الصين هذا المفهوم في علاقاتها مع الدول المجاورة لها فحسب، بل تدمجها أيضًا في الدفع بالتسوية السلمية للقضايا الدولية والإقليمية بما في ذلك القضية الأوكرانيا.

ستواصل الصين لعب دور بناء في تهدئة الوضع في أوكرانيا، وستعمل مع جميع الأطراف للسعي لإيجاد حل للصراع الروسي الأوكراني واستعادة السلام في أوروبا في أقرب الآجال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى