رأي

المستقبل المنتظر

 

 أبوبكر المحجوب

كل الشعوب لديها نظرة مستقبلية لهذه الألفية الثالثة المبشّرة بقرن مقبل ذا آفاق واسعة ، وكان قدومها مصحوب بآليات جديدة لعصر مختلف تماما عن العصور السابقة ، فهو عصر على خلفية الجيل الثالث والرابع ويستقبل الجيل الخامس ، في تطور سريع جدا لكل تقنيات الاتصالات والمواصلات والذكاء الاصطناعي والفوتو والهندسة الوراثية ، والعديد من الاختراعات البديلة عن اختراعات القرن الماضي ، كل هذا شكّل صدمة حضارية في عقول كل الشعوب وباتت خائفة من المستقبل رغم ما تشيعه القنوات الفضائية من تفاؤل ، والخوف أكثر عند شعوب الدول النامية ، إذ أن هذا التطور سيجعل منها سوقا استهلاكيا فقط ، بينما الدول المتقدمة ستزداد ثراء وتحسنا في مستوى معيشتها ، وهذا ما جعل الهجرة مطلبا من كل الذين يملكون قدرات خاصة ويطمحون في تحقيق آمالهم بتحسين مستوى معيشتهم ، والخوف يزداد أيضا مع هذا التقدم العلمي والتكنولوجي ، فيما لو أُستخدم بشكل لا أخلاقي ، وإلى أين سيصل كل ذلك في المستقبل بالإنسان في كل مكان على هذه الأرض ..

ورغم أننا من الدول النامية ، إلا أنه نملك من المؤهلات والقدرات والموارد البشرية والطبيعة الجغرافية والأرض الغنية بالمعادن والصالحة للزراعة ، كل هذه تجعلنا نسير نحو المستقبل بكل ثبات و يقين .

وهي فرصتنا الذهبية بأن نكون دعاة علم وعمل ، مستثمرين كل العلوم الحديثة لحل كل مشاكلنا السياسية والاقتصادية و الاجتماعية ، وأهمية هذه الفرصة وجودها في مفترق تاريخي حضاري وإنساني ، ولو غفلنا عنها قيد أنملة فهناك من يتربص بنا والقائمة تطول من دول الجوار إلى العديد من دول عربية ، وبعض من دول أفريقية وآسيوية  وأوروبية أيضا .

وحذار من أي حكومة قادمة أن تبرم عقود مع أي دولة كانت حتى نشرع في رسم سياساتنا العامة الداخلية والخارجية ونضع خططنا التنموية الشاملة في مشاريع واجبة التنفيذ. فتنمية قدراتنا المحلية يحرر إرادتنا ويبعد الآخر عن استغلالنا ، وتحسين نوع الحياة في مناطقنا الريفية يعيد التوازن ما بينها وبين مدننا, كذلك تشجيع المواطنة والمشاركة على المستوى المحلي يفتح الآفاق إلى فرص عمل جديدة ،  بأفكار وآليات هذا العصر، فباعتماد التعليم المدرسي والتعليم خارج المدرسة باستخدام التقنيات الحديثة والعلوم الجديدة ، فبهذه المبادئ الأربعة والتي وضعتها اليونسكو من أجل مساعدة الدول النامية على تحقيق نهضة  ذاتية ، يتم فيها  محاربة الفقر والجهل والمرض .. وهذا ما فعلته سنغافورة وأندونسيا وماليزيا قديما وما تفعله رواندا والسنغال وغيرها حديثا .. وكما ننادي بلم شمل الليبيين في مصالحة وطنية ، علينا أن نعمل على مشروع وطني كبير للم شمل الجميع ، علماء وقياديين ، ومفكرين ، أدباء ومثقفين ، فجامعاتنا لها أكثر من سبعة عقود وهي تقوم بتخريج كل هذه الفئات.

وهذا حق الوطن عليهم. أيضا علينا بإتاحة الفرصة للشباب عماد هذه الأمة و الذين يشكلون أكثر من 60% من تعداد السكان. يجب تسخير كل الطاقات من أجل بناء ليبيا واللحاق بدول قد سبقتنا بالأمس القريب, ولا تستغرب لو وجدت أن دولة ما تريد أن تساعدنا في مشروع ما وتمنح لنا الأموال والخبرات ، وهذا كله مقبول في عدم وضع توصيات مسبقة ، كاختيار مكان المشروع ونوعه فهذه الأمور باتت واضحة من أن لها مقاصد غير معلنة,  وهي مساعدات لا تخدم ليبيا والليبيين وبالتالي واجب الاعتذار عنها ولا يجب قبولها بأي شكل من الأشكال. ومن  هنا تأتي أهمية رفع القدرات المحلية ، وتطبيق العلوم الحديثة واستخدام التكنولوجيا لتقليل التكلفة وتفادي الأخطاء ضمانا لمسيرة التنمية. إن مشاركة كل فئات الشعب بما يرفع مستقبل هذه الأمة ككل ، وبعيدا عن  مظاهر لا تمثل تقدما حقيقيا ولا يشارك فيها أبناء هذا الوطن هو المستقبل المنتظر ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى