رأي

تلوث البيئة البحرية جريمة عامة

 

 

محمد بن زيتون

ورثت الدولة عبئا ثقيلا بعد حكم 42 سنة بسبب فشلها في إرساء منظومة تنقية مياه الصرف الصحي  لكافة بلديات ومدن الدولة غرباً شرقاً وجنوباً وكانت توجد حلول نهائية لو التفتت الدولة لبناء بنية تحتية كاملة ومتينه وحديثة ورغم كانت توجد تجربة خجولة في إنشاء مشروع بمنطقة أبي سليم لتنقية مياه الصرف  للبلدية إلا أنها كانت فاشلة لعدم توفر الإمكانيات اللازمة لذلك وتكالب سماسرة السلطة على تحويل منطقة المشروع لمنطقة سكنية كبيرة وتحويل قطع أراضي لمزارع خاصة للمسؤلين وذوي القربى والمحسوبين وقد جف المشروع وتلاشى وتحول لخرابة.

(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس )اليوم يصب في البحر الأبيض على سواحله الليبية أكثر من 46 أنبوب صرف مجاري تصب في شواطئ العاصمة طرابلس وحدها من جنزور حتى منطقة القرابوللي ومثلها في بنغازي تقريبا مما يسبب في ثلوت بحري كبير مما حدا بالمصطافين صيفا الخروج إلى مناطق بعيدة للإصطياف في شواطئ نظيفة وآمنة تجاوز المائة كلم أحيانا ولكن أغلب السكان ليست لهم إمكانية التنقل بعيدا فيضطرون للإصطياف في مصائف وشواطئ قريبة منهم مما قد يسبب لهم أمراض جلدية وغيرها مستقبلاً.

يتداول في شبكة المعلومات وما يثيره صيادون الأسماك أن وجود تناقص كبير في أعداد الأسماك ونفوق أكثرها جراء تلوث المحيط البحري بالمواد الكيماوية والزيوت المحروقة والتي تصب في فتحات الصرف الصحي ليلا نهارا ودونما رادع إضافة إلى الفتك بأنواعها المتعددة بفعل جرائم التفجيرات المتعمدة بهدف الحصول على أسماك سهلة المنال بينما التفجيرات تقتل كل أنواع السمك المستوطن واحجامها الصغيرة مما قد يسبب في إنقراض أعدادها مستقبلاً.

بالنظر لحالة الموانئ البحرية وما تعانيه من تلوث كبير بفعل تخلص السفن  من مياه الصابورة والزيوت والوقود والقمامة بإحجام كبيرة كذلك عدم إكثرات المواطنين برمي المخلفات والقمامة وخاصة أكياس النايلو والمواد البلاستيكية والتي تقتل الأسماك والأعشاب البحرية والحيض البحري  على طول الساحل مما قد يؤدي إلى هجرة سمكية وتصحر كبيرفي المحيط البحري.

لقد آن الأوان لتلتفت البلديات أولا ثم الحكومة على وجه خاص لتدارك الأمر قبل فوات الأوان فالثروة السمكية هي مكسب كبير للدولة يعتاش منها آلاف الصيادين والعاملين بمهنة بيع السمك وتمثل نوع ضروري في السلة الغذائية الليبية أسبوعيا إضافة إلى إمكانية تصديرها للخارج  فيجب إدراج ثقافة الحفاظ على هذه الثروة البحرية في مناهج التعليم  والمعلقات الساحلية إضافة إلى وضع الضوابط والتعليمات والقوانين المشددة لذلك مع ضرورة بناء بنية تحتية لمعالجة وتنقية مياه الصرف كما يجري في العالم المتحضر اليوم وتوفير مراكب خاصة لتنظيف الموانئ البحرية من القمامة الطافية أولا بأول ومراقبة السفن البحرية وتحذيرها من رمي المخلفات والزيوت وغيرها ووضع مخالفات كبيرة بحقها لمنع حدوث كوارث بالحيض البحري المتاخم , حتى يعود رونق شاطئ البحر إلى سابق عهده ونحافظ على الثروة السمكية وتكون سواحلنا نظيفة وآمنة وصحية ويتمتع المصطافون بشمسها وبحرها دون آفات وأمراض لا قدر الله .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى