رأي

حافة العشق.. لا تقرأ هذا المقال.. لأنه طويل وممل ومثير للأسى..

 

 

الناجي الحربي

تصلني رسائل بين الحين والآخر.. ليست عن طريق الخاص أو أي صندوق بريد.. ولعلها تصل بعضكم دون أن نشعر أو نكترث جميعا لهذه الرسائل.. فيما نمارس حياتنا كيفما اتفق..

كانت أول هذه الرسائل عندما تجاوزت سن الأربعين حيث بدأ النظر يقصر  وأصبح البعيد قريبا.. ترددت على أطباء العيون داخل الوطن وخارجه.. واقتنيت نظارات عديدة .. واحدة للقراءة  وثانية لقيادة السيارة  وثالثة مزدوجة الرؤية ورابعة لشاشة التلفزيون والهاتف واللاب توب.. لكنني أهملت المراجعة الدورية منذ ثلاث سنوات ما أدى إلى تردي وأزدياد مشاكل العيون .. حتى أنني وجدت صعوبة بالغة في قيادة السيارة ليلا والقراءة في الضوء الخافت كما كانت عادتي  .. وأصبحت اعتمد على حاسة اللمس.. حتى أن حاسة السمع هي الأخرى أصابها الضعف وهي الرسالة الثانية ..

ثالث الرسائل جاءت بتصحر شعر رأسي وغزو اللون الأبيض لما تبقى منه.. إذ كنت مزهوا لهذه الثالثة خاصة طغيان اللون الأبيض.. وظننت أنني بلغت مرحلة الوقار  وبه ستكون لي مكانة مرموقة بين أفراد قبيلتي  ..

أما الرسالة الرابعة فهي انحناء ظهري  وبطء الحركة وعدم قدرتي على حمل أسطوانة الغاز وأكياس الأرز والسكر ذات الخمس كيلو .. وصاحب ذلك عجزي عن ركوب سلالم العمارة التي أقطن بها .. فعندما ينقطع التيار الكهربائي ألوذ ببيوت أبنائي وأشقائي حتى تعود الكهرباء كي أصل شقتي بواسطة المصعد رغم ممارستي لرياضة المشي المناسبة لعمري و رغم نومي المبكر ونهوضي الباكر .. ورغم المحافظة في الأكل.. فلا أحب المعلبات وكثيرا ما أتجنب الولائم الفاخرة .. وغالبا ما أنام من دون عشاء..

أهم  وأقسى رسالة تصلني من يوم لآخر هي رحيل أبناء جيلي فجأة بسبب أو بآخر .. فأحيانا صديق يفارق الحياة بسبب هبوط في السكري أو بسبب سكتة قلبية أو بسبب الورم اللعين .. وبهذا أكاد لا أخرج من البيت إلا نادرا.. فلم يعد الزمن زمني .. ولا أصدقاء من أبناء جيلي أفهمهم ويفهمونني.. كما أن إيقاع الحياة أصبح سريعا لا يتناسب مع الهدوء الذين عشناه.. ولا سبيل أمامي سوى الركون للراحة على نطع مع  مسبحة  طويلة محافظا على الصلوات.. متابعا لقناة المجد للقرآن الكريم … أطال الله في أعماركم…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى