رأي

دور المفتش العام في كشف الفساد 

 

 أبوبكر المحجوب

 

يتصور الكثيرين أن مكتب المفتش العام يلعب دور الشرطي الذي يحمل بيده العصا لمن عصا أو يمثل البعبع الذي يؤرّق نوم الكثيرين حيث كان التفتيش سابقا مبنيّا على نظامي المخابرات و الاستخبارات , حيث يعملان على التربص بالسلبيات           و يوقعان أشد العقوبات.و قد بقيت هذه النظرة سائدة لفترة طويلة , ما أدى إلى أن تشرّبتها أغلبية الناس على كافة المستويات, و لهذا كان الكل ترتعد فرائسه عند سماعهم بوجود تفتيش على دائرته أو وزارته .

لقد مرّ شعبنا بفترات مظلمة  وعصيبة و لمدة ليست بالقصيرة و قد عانى فيها من الفقر المقذع و من شظف العيش ما أدى إلى استفحال الفساد الإداري و المالي  نتيجة الحاجة إلى المال لتلبية احتياجاتهم الحياتية خصوصا الشريحة العاملة في القطاع الحكومي  لكون رواتب الموظفين كانت لا تمثل سوى نسب بسيطة من الحاجة الفعلية للعيش الكريم . و لأجل إعطاء بعض الحقوق للإنسان الليبي, بادئ ذي بدئ تم تعديل راتب الموظف بما يضمن عيشه بمستوى يحميه من الفساد بكل أنواعه , و ما زالت الدراسات مستمرة لتحسين الوضع المعيشي للموظفين بعمل سلم للرواتب يتناسب مع الشهادة و الخبرة . أما المرحلة الأخرى التي تم إنجازها فهي استحداث هيئة النزاهة العامة, و التي تعمل على تحقيق النزاهة والشفافية من خلال عملها الدؤوب في متابعة و رصد الفساد و معالجته, و لأجل دعمها و إسنادها, تم تفعيل دور الرقابة المالية لتكون اليد اليمنى للهيئة مما يحقق التدقيق الشامل لكل مصاريف و إيرادات دوائر الدولة, و لذلك فاستحداث مكاتب تفتيش عمومية لتكون اليد اليسرى للهيئة في وزارات الدولة و هي تمثل العيون والأذان   و الضمير للوزير .

العيون ترى الفساد و تعالجه, والأذان تسمع عن وجود الفساد فتمحوه و الضمير الذي يصحح المسار الخطأ للأفراد , عملا بمبدأ « الوقاية خير من العلاج «. إن مكاتب تفتيش العموميين إذا قدر لها أن تعمل بكل نزاهة و شفافية و بروح الحرص والتعاون مع هيئة النزاهة و ديوان الرقابة المالية على بناء الوطن العزيز و انتشاله من هوة السقوط ,  و لمحو الفكرة السابقة عن التفتيش يتوجب على المفتشين العموميين إيضاح دورهم الفعال و المهم بحسب القوانين النافذة في هذا المضمار للوزراء و الوكلاء و المديرين العاملين في الوزارات لتسهيل مهمتهم , و كذلك لوضع مبدأ لمعالجة أسباب الفساد الإداري والمالي في الوزارات لأن دور مكتب التفتيش العمومي هو تطوير العمل الإداري و الفني بما يخدم الصالح العام .

إن عملهم يكون فاعلا في حالة إلمام المفتش العام بكل التفاصيل الدقيقة التي تخص وزارته من حيث الهيكلية , الملكات,  التوصيف الوظيفي , الخطة الإستراتيجية , توزيع المهام والواجبات حسب الاختصاص , و لكن ما يحدث  هو أن عمل مكاتب المفتشين العموميين ما زال متعثرا بسبب الفهم الخاطئ لدورهم و طبيعة عملهم و للمعوقات التي يواجهونها في حالة طلب معلومات معينة خصوصا إذا كانت تخفي وراءها فسادا , كما أن الخوف الساكن في نفوس الناس من تدخلهم في الإخبار عن الفساد ما زال مسيطرا على الكثيرين ما يؤدي إلى استمرار ذوي النفوس الضعيفة ممن يتبوءون مناصب عليا في استغلال مناصبهم لجمع الأموال بطرق غير مشروعة , لذا يتوجب علينا العمل يدا بيد لإيصال الفكرة الصحيحة عن دور مكاتب المفتشين العموميين لكل أبناء الشعب لزرع الثقة في نفوسهم من أجل القضاء على الفساد الذي يضرّ بمصلحة كل الليبيين , كما أتمنى أن يكون هناك دعما لهذه المكاتب على صعيد السلطات العليا من الدولة والحكومة حيث دعمهم بالملكات ذات الكفاءة و الميزانية اللازمة من أجل تحقيق نجاحات كبيرة في هذا المشروع الوطني ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى