عُرِفَتْ تاريخيًا بـ أرتميس Artmis في اللهجة الدورية، على اسم أخت أبوللو، حامي قوريني، تقول الروايات الشفوية لسكان مسّة، بأنها سميت ماسة لوجود أحجار بيضاء تشبه الألماس، لكن منذ تشييد البلدة ثم تحور الاسم فيما بعد، وسميت أيضاً )أم الدالية(، ثم عاد الاسم الأول من جديد بالظهور، ولكن بعد أن تعرض للكثير من التحويرات، فأتى الاسم الحالي )مسّة(، وفي فترة الاستعمار الإيطالي سميتْ Luigi Razza على وزير الأشغال العامة في وزارة المستعمرات الإيطالية، وهو صحفي إيطالي، وسياسي فاشي، كان عضوًا في الحزب الوطني الفاشي، شغل عدة مناصب بارزة خلال الحكم الفاشي في إيطاليا، ثم رجع الاسم العربي مسّة بعد تحرير الوطن من الاستعمار الايطالي. وهناك من يقول أن اسم مسّة لايزال مجهولاً، إلا أن Henry Swainson Cowper في كتابه The Hill Of the Graces يقول بأن كلمة مسّة من أصل إغريقي، بمعنى الأراضي الداخلية.
تحدث عنها الرحالة الإيطالي Giuseppe Haimann في كتابه قورينائية، الذي ألفه بعد رحلة قام بها إلى ليبيا، وهو رحالة ومستكشف ايطالي قام بزيارة بنغازي 1881م، وترأس بعثة علمية لاستكشاف الجبل الاخضر، وقدم وصف شامل للمناطق التي زارها حيث شمل النواحي الجغرافية والنباتية والجيولوجية والسكانية، وقدم العديد من اللوحات الجميلة التي رسمها بيده للمناطق التي زارها واصدر كتابه الشهير قورينائية عام 1886م، عمل محامي في مدينة ميلانو والي جانب ذلك رساما واختصاصيا درس ثقافة العرب ولغتهم، وقام بأسفار كثيرة للشام ومصر.
توجد ببلدة مسّة عدة معالم ومباني قديمة، منها قصر الملك ادريس السنوسي ومزرعته الخاصة، والكنيسة الايطالية القديمة وساحتها المعروفة بـ Piazza، وهي الآن متحف وجمعية )عين الصقر( التراثية، وتوجد بمسّة أيضًا دار رعاية المسنين التي تم تأسيسها في عهد المملكة الليبية.
زارتها Elena del Montenegro زوجة ملك إيطاليا Vittorio Emanuele وكان بصحبتها Italo Balbo الذي عينه الحزب الوطني الفاشي حاكمًا على ليبيا، ومعه وزير الأشغال العامة Luigi Razza، ومن هذه الزيارة اطلق اسم Razza على بلدة مسّة، وخدمة للمستوطنين شيدت بها بعض المرافق الخدمية، منها :
مبانٍ سكنية، وعيادة طبية، وكنسية كاثوليكية، ولخصبة أراضيها التي اشتهرت بإنتاج الكروم، واجود اصناف العنب الذي تنتج منه العصائر والعنب المجفّف )الزبيب(، ومُنحت الاراضي بقرار من الحزب الوطني الفاشي الايطالي لمستوطنين من المزارعين الايطاليين.
كما قامت لجنة منظمة الأراضي اليهودية في أغسطس عام «1908م»، بذكر المكان بإيجاز في تقريرها المنشور في موقع الأنبا تكلا:
ودعا اسم الموضع )مسّة ومريبة(، وفسروا بأن مريبة هو نبع بقرب رفيديم خرج من الصخر في حوريب عندما ضربه موسى بأمر إلهي.
ويُقال له أيضًا )مسّة(، وهو اسم عبري معناه )تجربة(، وظن بعضهم أنها في وادي فيران بقرب جبل سربال، وظن غيرهم أنها في مضيق الواطية عند طرف وادي الشيخ الشرقي، وبالطبع كلها ادعاءات، لأغراض في أنفسهم.
ولمن لا يعلم من أبنائنا، في مناطق الجبل الأخضر عجائب قد لا توجد في العالم، منها لوحات فنيّة طبيعية جميلة ألهمت العالم، لكنها منسية، ومخفية عن أنظار من يتولون المسؤولية، وكم نتمنى الاهتمام والحفاظ على هذه المأثر الجميلة، وعلى كنوز الجبل الأخضر على الأقل من ذوي الاختصاص.
تقول الباحثة في التاريخ القديم أ. غزالة العرفي:
كانت مسّة في العصور القديمة من أهم المراكز التجارية، إذ تعد هذه البلدة من المناطق القديمة بالجبل الأخضر، حيث يبلغ عمرها إلى أكثر من 2500عام، فقد أنشئت في وقت حضارة الإغريق في بداية القرن السادس ونهاية القرن الخامس ق.م، بعد أن أنشاء عاصمتهم في قوريني، ثم امتد نفوذهم غرباً فأسسوا منطقة بالاغراي، وشيدوا بها مصنع خاص بالنبيذ، ولكن كانت تلك المنطقة تعاني من نقص في عدد الكروم، فلم يكن امامهم إلا الزحف والامتداد غرباً حتي وجدو ضالتهم، فأسسوا منطقة واطلقوا عليهم اسم أرتميس نسبة إلى (آلهة الرعي) وحماية الشباب والخمر عند الإغريق، وبها مدينة أثرية متكاملة حول نبع المياه شمال البلدة، وتشتهر بمقابر كثيرة تمتد حتى نبع أم اقبيبة، كما تمتاز البلدة بزراعة الكروم.