إجتماعي

تكدس الطلاب في الفصول الدراسية

عواطف الصغير

لعل‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬تدني‭ ‬مستوى‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬بلدي‭ ‬ليبيا‭ ‬الحبيبة‭ ‬هو‭ ‬تكدس‭ ‬الطلبة‭ ‬في‭ ‬الفصول‭ ‬الذي‭ ‬يحوَّل‭ ‬العملية‭ ‬التعليمية‭ ‬إلى‭ ‬تلقين‭ ‬فقط‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬مجال‭ ‬ٌ‭ ‬للتفاعل‭ ‬بين‭ ‬الطالب،‭ ‬والمعلم،‭ ‬ودون‭ ‬أن‭ ‬يكلف‭ ‬الطالب‭ ‬بواجبات‭ ‬منزلية‭ ‬فلا‭ ‬وقت‭ ‬للمعلم‭ ‬كي‭ ‬يصحح‭ ‬أربعين‭ ‬إجابة؛‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬معامل‭ ‬العلوم،‭ ‬والحاسوب؛‭ ‬حيث‭ ‬هي‭ ‬مكدسة‭ ‬أيضًا،‭ ‬ويشترك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬طالب‭ ‬في‭ ‬جهاز‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬المعامل،‭ ‬كالمجهر‭ ‬مثلاً،‭ ‬وكذلك‭ ‬أدوات‭ ‬المعمل‭ ‬الخاصة‭ ‬به‭ ‬وعندما‭ ‬لا‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬فعلاً‭ ‬فإن‭ ‬الطالب‭ ‬الذي‭ ‬يتخرج‭ ‬من‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانوية‭ ‬يكون‭ ‬ضعيفًا‭ ‬في‭ ‬النواحي‭ ‬العملية‭ ‬والتطبيقية‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الجامعية‭ ‬ومع‭ ‬الأسف‭ ‬يتخرج‭ ‬الطالب‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬تحصيل‭ ‬نظري‭ ‬لأن‭ ‬ما‭ ‬يحفظ‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬ينسى‭ ‬ودون‭ ‬أي‭ ‬خبرة‭ ‬عملية‭ ‬لعدم‭ ‬تدريبه‭ ‬الكامل‭ ‬في‭ ‬المعامل،‭ ‬زيادة‭ ‬اكتظاظ‭ ‬الطلاب‭ ‬في‭ ‬الفصول‭ ‬في‭ ‬نظري‭ ‬يؤثر‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬الطالب‭ ‬على‭ ‬التعلَّم‭ ‬والفهم‭ ‬الجيد‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬بذل‭ ‬المعلم‭ ‬مجهود‭ ‬مضنٍ‭ ‬ليس‭ ‬لتوصيل‭ ‬المعلومة‭ ‬وحسب‭ ‬فلربما‭ ‬أصبح‭ ‬توصيل‭ ‬المعلومة‭ ‬اليوم‭ ‬شيئًا‭ ‬نادر‭ ‬الحدوث‭ ‬لكن‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬الطلاب،‭ ‬ومنع‭ ‬خلافاتهم‭ ‬الكثيرة‭ ‬وفض‭ ‬المنازعات‭ ‬هذا‭ ‬غير‭ ‬دور‭ ‬المعلم‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬مقابلة‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬هم‭ ‬لهم‭ ‬إلا‭ ‬الاطمئنان‭ ‬على‭ ‬جلوس‭ ‬أبنائهم‭ ‬في‭ ‬المقدمة‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬لمن‭ ‬يستحق‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬ضعاف‭ ‬النظر،‭ ‬أو‭ ‬أصحاب‭ ‬الطول‭ ‬القصير‭ ‬وغيره‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬اهتمام‭ ‬المعلم‭ ‬بمهارات‭ ‬الطلاب‭ ‬في‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬حيث‭ ‬أصبحت‭ ‬المدارس‭ ‬تقبل‭ ‬طلابًا‭ ‬ليس‭ ‬لديهم‭ ‬أدنى‭ ‬فكرة‭ ‬عن‭ ‬القراءة‭ ‬أو‭ ‬الكتابة،‭ ‬وأن‭ ‬ذلك‭ ‬سيسبب‭ ‬معاناة‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬التعليمية‭ ‬بأكملها‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تبدأ‭ ‬مشكلة‭ ‬أخرى‭ ‬وهي‭ ‬كره‭ ‬الطلاب‭ ‬للمدرسة‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬لهم‭ ‬كابوسًا‭ ‬يودون‭ ‬الهروب‭ ‬منه‭ ‬فتبدأ‭ ‬بمشكلة‭ ‬التسرب‭ ‬‮«‬الغياب»؛‭ ‬ثم‭ ‬تستتبعه‭ ‬ظاهرة‭ ‬أخرى‭ ‬وهي‭ ‬انتشار‭ ‬الدروس‭ ‬الخصوصية‭ ‬وهي‭ ‬تستنزف‭ ‬الأهل‭ ‬ماديًا‭ ‬لإنقاذ‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬إنقاذه‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬أبنائهم‭.‬

زيادة‭ ‬عدد‭ ‬الطلاب‭ ‬وانحدار‭ ‬مستواهم‭ ‬التعليمي‭ ‬مرجعه‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬إمكانات‭ ‬المدرسة‭ ‬بحيث‭ ‬إنها‭ ‬تستوعب‭ ‬عددًا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬الفصول‭ ‬الموجودة‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬إمكانات‭ ‬للتعليم‭ ‬تكفي‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭. ‬

ونستطيع‭ ‬القول‭ ‬إنّ‭ ‬مرحلة‭ ‬التعليم‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬لها‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬اللبنة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬توثيق‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة‭ ‬في‭ ‬عقول‭ ‬النشء‭ ‬بحيث‭ ‬تسير‭ ‬خلفها‭ ‬كل‭ ‬المراحل‭ ‬التعليمية‭ ‬التالية؛‭ ‬فالتلميذ‭ ‬الذي‭ ‬يكون‭ ‬ضعيف‭ ‬المستوى‭ ‬ولديه‭ ‬مشكلات‭ ‬في‭ ‬الاستيعاب‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬التعليم‭ ‬الأساسي‭ ‬يصعب‭ ‬أن‭ ‬يتخطى‭ ‬تلك‭ ‬المشكلة‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬التعليمية‭ ‬اللاحقة‭.‬

وختامًا‭ .. ‬هل‭ ‬نستطيع‭ ‬إيجاد‭ ‬حل‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬المشكلات؟،‭ ‬هل‭ ‬المشكلة‭ ‬في‭ ‬ضعف‭ ‬الإمكانات‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬للمشكلة‭ ‬أوجه‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬نعلمها‭ ‬؟‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬متحضرة‭ ‬يزيد‭ ‬فيها‭ ‬عدد‭ ‬تلاميذ‭ ‬الفصل‭ ‬عن‭ ‬ثلاثين‭ ‬تلميذا‭ ‬فهل‭ ‬عجزت‭ ‬ليبيا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬تبني‭ ‬مدارس‭ ‬معدة‭ ‬لاستيعاب‭ ‬أبنائها‭ ‬؟‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تطلب‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬نبني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجموعة‭ ‬صغيرة‭ ‬من‭ ‬الشوارع‭ ‬مدرسة‭ ‬للتعليم‭ ‬الأساسي‭ ‬فالكثافة‭ ‬السكانية‭ ‬التي‭ ‬توفرها‭ ‬هذه‭ ‬الشوارع‭ ‬تكفي‭ ‬لأن‭ ‬تجعل‭ ‬معدل‭ ‬كثافة‭ ‬الفصل‭ ‬ثلاثين‭ ‬تلميذًا،‭ ‬وهي‭ ‬أعلى‭ ‬معدل‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬المتحضر‭.‬

ولا‭ ‬نقول‭ : ‬متى‭ ‬سينصلح‭ ‬الحالُ‭ ‬؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى