يأتي عيد الأضحى المبارك كل عام حاملاً معه عبق الإيمان، وبهجة اللقاء، وروح التكافل التي لا تغيب عن ذاكرة الأمة، هو ليس مجرّد مناسبة دينية تُذبح فيها الأضاحي، وتُوزع اللحوم، بل هو فرصة نادرة تتجدد فيها العلاقات، وتُجبر بها القلوب، وتُمدّ فيها جسور المحبة بين الأقارب والأحبة.
في زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة، وتفرض علينا مشاغلها عزلة غير مرئية، يأتي العيد ليقول لنا:)توقفوا لحظة، تواصلوا، تزاوروا، تذكروا أن صلة الرحم من أسمى القربات وأجلّ الطاعات(.
فزيارة العمّات والخالات، والسؤال عن الأجداد، ولمّة العائلة على مائدة العيد، كلها مظاهر تلامس جوهر الإسلام وتُعيد التوازن لعلاقاتنا الاجتماعية.
ولعلّ أجمل ما في العيد تلك اللحظات التي تتقاطع فيها مشاعر الفرحة مع برّ الوالدين، وتصافح القلوب بعضها بعد خصام، أو فتور.
كم من قطيعة أنهتها قبلة على جبين خالٍ، أو عناق مع ابن عمّ؟.
وكم من بيت امتلأ دفئًا بعد أن دقّ عليه أحد الأقارب باب العيد؟
صلة الرحم ليست واجبًا اجتماعيًا فقط، بل هي عبادة منسية عند البعض، وعد الله واصلها بالبسط في الرزق وطول في العمر. وفي عيد الأضحى، تتجسد هذه الصلة في أجمل صورها: عطاء دون انتظار، وتسامح بلا حدود، وقلوب بيضاء تنبض بحب الآخر.فلنغتنم هذا العيد لنجدد علاقاتنا، ونتجاوز الخلافات الصغيرة، ونحيي ما اندثر من ودّ، فكما نوزع لحم الأضحية، فلنوزّع أيضًا المحبة والمصافحة، ولنُضحّي بشيء من كبريائنا في سبيل ترميم ما تصدّع من الروابط.