اجتماعي

عيد الأضحى وصلة الرحم

فايزة العجيلي

يأتي‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭ ‬المبارك‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬حاملاً‭ ‬معه‭ ‬عبق‭ ‬الإيمان،‭ ‬وبهجة‭ ‬اللقاء،‭ ‬وروح‭ ‬التكافل‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تغيب‭ ‬عن‭ ‬ذاكرة‭ ‬الأمة،‭ ‬هو‭ ‬ليس‭ ‬مجرّد‭ ‬مناسبة‭ ‬دينية‭ ‬تُذبح‭ ‬فيها‭ ‬الأضاحي،‭ ‬وتُوزع‭ ‬اللحوم،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬فرصة‭ ‬نادرة‭ ‬تتجدد‭ ‬فيها‭ ‬العلاقات،‭ ‬وتُجبر‭ ‬بها‭ ‬القلوب،‭ ‬وتُمدّ‭ ‬فيها‭ ‬جسور‭ ‬المحبة‭ ‬بين‭ ‬الأقارب‭ ‬والأحبة‭.‬

في‭ ‬زمن‭ ‬تتسارع‭ ‬فيه‭ ‬وتيرة‭ ‬الحياة،‭ ‬وتفرض‭ ‬علينا‭ ‬مشاغلها‭ ‬عزلة‭ ‬غير‭ ‬مرئية،‭ ‬يأتي‭ ‬العيد‭ ‬ليقول‭ ‬لنا‭:)‬توقفوا‭ ‬لحظة،‭ ‬تواصلوا،‭ ‬تزاوروا،‭ ‬تذكروا‭ ‬أن‭ ‬صلة‭ ‬الرحم‭ ‬من‭ ‬أسمى‭ ‬القربات‭ ‬وأجلّ‭ ‬الطاعات‭(.‬

فزيارة‭ ‬العمّات‭ ‬والخالات،‭ ‬والسؤال‭ ‬عن‭ ‬الأجداد،‭ ‬ولمّة‭ ‬العائلة‭ ‬على‭ ‬مائدة‭ ‬العيد،‭ ‬كلها‭ ‬مظاهر‭ ‬تلامس‭ ‬جوهر‭ ‬الإسلام‭ ‬وتُعيد‭ ‬التوازن‭ ‬لعلاقاتنا‭ ‬الاجتماعية‭.‬

ولعلّ‭ ‬أجمل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬العيد‭ ‬تلك‭ ‬اللحظات‭ ‬التي‭ ‬تتقاطع‭ ‬فيها‭ ‬مشاعر‭ ‬الفرحة‭ ‬مع‭ ‬برّ‭ ‬الوالدين،‭ ‬وتصافح‭ ‬القلوب‭ ‬بعضها‭ ‬بعد‭ ‬خصام،‭ ‬أو‭ ‬فتور‭.‬

كم‭ ‬من‭ ‬قطيعة‭ ‬أنهتها‭ ‬قبلة‭ ‬على‭ ‬جبين‭ ‬خالٍ،‭ ‬أو‭ ‬عناق‭ ‬مع‭ ‬ابن‭ ‬عمّ؟‭.‬

وكم‭ ‬من‭ ‬بيت‭ ‬امتلأ‭ ‬دفئًا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬دقّ‭ ‬عليه‭ ‬أحد‭ ‬الأقارب‭ ‬باب‭ ‬العيد؟

صلة‭ ‬الرحم‭ ‬ليست‭ ‬واجبًا‭ ‬اجتماعيًا‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬عبادة‭ ‬منسية‭ ‬عند‭ ‬البعض،‭ ‬وعد‭ ‬الله‭ ‬واصلها‭ ‬بالبسط‭ ‬في‭ ‬الرزق‭ ‬وطول‭ ‬في‭ ‬العمر‭. ‬وفي‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى،‭ ‬تتجسد‭ ‬هذه‭ ‬الصلة‭ ‬في‭ ‬أجمل‭ ‬صورها‭: ‬عطاء‭ ‬دون‭ ‬انتظار،‭ ‬وتسامح‭ ‬بلا‭ ‬حدود،‭ ‬وقلوب‭ ‬بيضاء‭ ‬تنبض‭ ‬بحب‭ ‬الآخر‭.‬فلنغتنم‭ ‬هذا‭ ‬العيد‭ ‬لنجدد‭ ‬علاقاتنا،‭ ‬ونتجاوز‭ ‬الخلافات‭ ‬الصغيرة،‭ ‬ونحيي‭ ‬ما‭ ‬اندثر‭ ‬من‭ ‬ودّ،‭ ‬فكما‭ ‬نوزع‭ ‬لحم‭ ‬الأضحية،‭ ‬فلنوزّع‭ ‬أيضًا‭ ‬المحبة‭ ‬والمصافحة،‭ ‬ولنُضحّي‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬كبريائنا‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬ترميم‭ ‬ما‭ ‬تصدّع‭ ‬من‭ ‬الروابط‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى