كي لا نزيد في رصيد ندمنا
أمين مازن
أعلنت رئيسة البعثة الأممية بالإنابة ستيفاني ويليامز بالإجتماع الذي التأم في جينيف بالثالث و العشرين من اكتوبر عن توصل الطرفين المكلفين من المجتمع الدولي ببحث المسار العسكري في ما اصطُلِحَ على تسميته 5+5 إلى الإتفاق على وقف إطلاق النار بشكل دائم، و في المكان الذي توقف فعلياً في وقتٍ سابق منذ أشهر، و رجّح أكثر من مراقب أنه سيُعتَمَد مهما طال الإنتظار و تعددت المناورات، و شهد ذات اليوم التوقيع على ما أكد الخطوط العامة للتسوية المنتظرة، تلك التي ذكرتنا بليبيا الأربعينيات حيث الكلمة العليا للدول دائمة العضوية بمجلس الأمن و إن صُوِّغَ ذلك بأغلبية أصوات الجمعية العمومية للأمم المتحدة و صوت مثل صوت دولة هايتي، ليشرع في ذات اليوم في فتح الطرق الرئيسة برّاً و جواً فيلمس المتساكنون أنهم لم يعودوا كَمّاً مُهملاً و أن ما يُتْجَه إليه من من تحديد مناطق نزع السلاح ليس أكثر من تأمين مصادر القرار في السلطة المنتظرة من أي ضغط قد يُقدِم عليه أي مغامر، شأنها شأن مصادر الثروة و الأمن بالداخل و الخارج و أن كل ما يروج حول مثل هذا التوجه من خشية على وحدة الوطن و اعتبار مثل هذا التنظيم منذراً بتقسيمه ليس أكثر من استمراء للعبة القفز إلى الأمام و رفع شعار الوحدة لابتلاع نصيب الجميع بدعوى أكذوبة التضحية لصرف النظر عن مضاعفة الإستغلال و لا سيما حين يسود خطاب الكراهية و الإقصاء و احتكار تفسير المقدس و ارتداء مسوح الفضيلة و اختراع مواصفات خاصة للوطنية، بمعنى أن ما تمت به البداية عملياً و ما لاح من امكانية التوجه إليه نظرياً يمكن الوصول إليه عملياً هو الآخر، خاصةً حين يتصدر المسار مثل هذا النوع من الأكفاء و يسود مثل هذا الخطاب من المتكونين مهنياً و يلوح ما يطمئن عن امكانية مساندتهم اجتماعيا و الإحتكام إلى التاريخ الذي يحفظ لنا دوماً من الأقدر على التمكين لأهم التوجهات المصيرية المتعلقة بليبيا ككل منذ مؤتمر غريان في عشرينيات القرن الماضي إلى مؤتمر مسلاتة في أربعينياته عندما قبل الأهل بالقليل القابل للزيادة بدل الإصرار على الكثير الذي لا قدرة لبلوغه، و كانت تلك الرحلة التي مجالها ليس هنا و لم نغفلها في ما تيسر تدوينه ورقياً أو إلكترونياً، أما و أن الصدفة شاءت أن يتم هذا التوقيع و البلد على أبواب احتفالات المولد النبوي الموءود من الكورونا فإن الأمل كبير في أن تدفع هذه الأجواء الروحانية نحو مزيد الفاعلية المدركة بأن كل تسوية يتصور السفهاء بأنها ستتيح لهم تصفيات حساباتهم أو إقصاء خصومهم ليس أكثر من وهم، كما أن المندوبة الدولية الجامعة بين مهمتها السامية و جنسيتها غير البعيدة عمّا يجري فوقتت لها التوقيع قبل انتهاء مهمتها كي ترتبط هذه التسوية بدور أكثر جدية و أحسن استثمارٍ للمقدرات و للدور المنتظر و الذي لن يكفيه استيعاب الجميع و إنما سيمتد بقوة نحو المحيط اللهم إلا إذا لم نرعَ هذا التطور النوعي حق رعايته فنزيد في رصيد ندمنا حيث لا ينفع الندم.