إقتصادتقارير

مخاوف المواطن الليبي من توغل المهاجرين.. هل تتحول الهجرة للاستيطان ؟!

من أهم القضايا التي باتت تشغل المواطن الليبي حاليا قضية المهاجرين العرب والأفارقه على وجه الخصوص التي لم تعد مجرد قضية بل هاجس يتخوف منه كل ليبي بعد أن غزت هذه العمالة حتى البيوت الليبية والمحلات والورش بل حتى في نمط المعيشة الى جانب ما تسببت به هذه المشاركة الحياتية من مشاكل وكوارث على الصعيد الاجتماعي ونحن هنا لسنا ضد التدفق البشرى المتنوع عبر كل القارات بل ضد عدم تقنين هذه الهجرة وعدم وضع ظوابط تحكم هذا التدفق البشري المخيف ، فمرات عديدة التي تناولت فيها صحيفة فبراير ملف الهجرة غير الشرعية أو كما يحلو للبعض بوصفها بغير القانونية ونوهنا إلى أن مشكلة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا و بالأخص إلى السواحل الإيطالية من أهم المشاكل التي طفت على سطح الأحداث في ليبيا بعد عام 2011 باعتبارها مشكلة يمتزج فيها المحلّي والخارجي بمسبباتها و نتائجها علي كلا الطرفين  حيث تنتهي حياة عديد المهاجرين  يومياً خلال محاولاتهم تجاوز الحواجز بين الدول أو غرقا أثناء عبورهم البحر الأبيض المتوسط، أملا في الوصول إلى الشواطئ الأوروبية هرباً من عوامل الفقر والبطالة والحاجة التي يواجهونها في بلدانهم الأصلية سواء من داخل ليبيا أو من الدول الافريقية الأخرى.

ورغم أن هذه الظاهرة يعود لها الفضل تاريخيًا في إعمار الأرض وتلاقي الحضارات وتعارف الشعوب، إلا أنها تحولت في الزمن المعاصر إلى هجرة ذات اتجاه واحد بسبب الأوضاع السيئة في مناطق كثيرة من الدول النامية، بالإضافة لانعدام التوازن بين دول العالم؛ ما دفع العديد من الحالمين بتحقيق مستوى معيشي أفضل، والتخلص من شبح الفقر الذي يطاردهم  في بلادهم. فقد تسارعت وتيرة الهجرة غير الشرعية واتسع نطاقها من قِبل المهاجرين من دول الجنوب كردِّ فعلٍ على الإجراءات الأمنية الصارمة التي لجأت اليها الدول الأوروبية بُعيْد إصدارها «القانون الجديد للهجرة» في العام 1995 المتعلِّق أساسًا بمسألة التجمع العائلي أو حقِّ لمِّ الشمل للحدِّ من تدفق المهاجرين إلى أراضيها.

وحتى مطلع العام 2011 ظلَّت الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط متحكَّمًا فيها من قِبل حكومات الدول المغاربية الثلاث؛ حيث شكَّلت ورقة ضغط من قِبلهم لابتزاز القارة العجوز التي استجابت في أحايين كثيرة لمطالب الدول المغاربية الثلاث إمَّا عبر الاتفاقيات الاقتصادية الثنائية المبرمة بين بعض دول الاتحاد الأوروبي وهذه الدول، أو من خلال تنسيقات أمنية؛ الأمر الذي جعل أعداد المهاجرين غير الشرعيين تتناقص بشكل كبير حتى وصلت في ليبيا إلى 234 مهاجرًا فقط طيلة العام 2010 كما ورد فى الوكالات

وقد أشارت أحد التقارير عن المنظمة الدولية للهجرة انه وبسبب عدم الاستقرار في ليبيا تمكن المهربون والمتاجرون والمجرمون بشكل عام من التصرف مع الإفلات من العقاب لأنهم يفترسون المهاجرين واللاجئين المستضعفين خاصة بعد انتشار أخبار في بعض صفحات التواصل الأجتماعى عن مقتل 30 شابا ليبيا غرقاً في حادثة معروفة العام الماضى ، وتداولت الصفحات صورا وفيديوهات لجثة شخص ليبي ألقى بها البحر على الشاطئ ليتبين فيما بعد أنها تعود لشاب ليبي من منطقة (تغرنة) بمدينة غريان ، ومع تخوف الأهالي على مصير أبنائهم بعد ورود معلومات عن غرق المركب يسعى البعض للبحث عن معلومات لدى جمعية الهلال الأحمر فرع زواره ومديرية الأمن خاصة بعد ان شهدت الآونة الأخيرة إقبالاً غير مسبوق للشباب الليبيين في الرغبة في الهجرة من البلاد والاستجابة للعروض المتاحة من قبل بعض المهربين ، بعد أن انتشرت في بعض صفحات الفيسبوك صور لشباب من بعض المدن الليبية وهم في قارب الهجرة في البحر وهو ما دعا المفوضية والمنظمة الدولية للهجرة السلطات الليبية إلى اتخاذ خطوات حازمة ضد المهربين والمُتاجِرين. و انه يجب أن يشمل ذلك تعطيل وإنهاء عصابات التهريب التي تقودها الجماعات الإجرامية لمنع المزيد من الاستغلال والانتهاكات.وان على المجتمع الدولي أن يساعد هذه الجهود وأن يقدم المزيد من الدعم للسلطات في مكافحتها لشبكات الاتجار بالبشر.                                                            

 وبحسب تقرير منظمة الهجرة فقد وصل أكثر من 17000 شخص إلى إيطاليا ومالطا هذا العام عن طريق القوارب من ليبيا وتونس ، بزيادة ثلاثة أضعاف مقارنة بعام 2019. ويمكن التحكم فيه لكن بالإرادة السياسية وتضامن الاتحاد الأوروبي مع الساحل الأوروبي ونص التقرير كذلك التأكيد على الحاجة الملحة إلى تجاوز الترتيبات المخصصة إلى آلية إنزال أسرع وأكثر قابلية للتنبؤ بعد أن  لقي ما لا يقل عن 302 مهاجرًا ولاجئًا حتفهم على هذا الطريق هذا العام حتى الآن. وفقًا لمشروع المهاجرين المفقودين التابع للمنظمة الدولية للهجرة ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ، ومن المرجح أن العدد التقديري الحالي للوفيات أعلى من ذلك بكثير.وفى ذات الصدد أعلنت منظمة الهجرة الدولية، وفاة 114 مهاجرًا غير شرعي وفقدان 436 آخرين، خلال محاولتهم عبور البحر المتوسط من ليبيا إلى الشواطئ الأوروبية، وذلك خلال الفترة من الأول من يناير وحتى 30 أبريل الماضيين..

وأكدت المنظمة الدولية للهجرة، اختفاء حوالي 600 شخص كانوا يحاولون الوصول إلى أوروبا عن طريق البحر من تونس وليبيا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022 وهو أعلى رقم منذ 2014.

وبدل أن تتراجع معدلات الهجرة عبر ليبيا أثناء ذروة تفشي وباء كورونا، بعد أن أغلقت الدول حدودها، كشف تقرير للمنظمة الدولية للهجرة في ليبيا عن 200 مهاجر غير شرعي وصلوا إلى سواحل إيطاليا ومالطا في الأسبوعين الأخيرين من شهر مايو وأوضح التقرير أن ما يقارب 900 مهاجر غير شرعي انطلقوا من الشواطئ الليبية في الفترة من 14 إلى 28 مايو قاصدين سواحل أوروبا وتم اعتراض 679 منهم وإعادتهم إلى ليبيا بينما استطاع الباقون الإفلات والوصول إلى الضفة الأخرى من البحر المتوسط.

وهنا يمكننا الأشارة لمناطق تصدير الهجرة غير الشرعية عبر ليبيا، كالتالى:

منطقة القرن الإفريقي: إثيوبيا وإريتريا والصومال والسودان.

منطقة الساحل الإفريقي: النيجر ومالي وبوركينافاسو ونيجيريا والكاميرون.

منطقة الشرق الأوسط: سوريا وفلسطين ومصر والعراق واليمن.

منطقة المغرب العربي: المغرب والجزائر وتونس.

تمر الهجرة غير الشرعية عبر ليبيا بثلاث مراحل بدءًا من الدول المصدِّرة للهجرة وصولًا إلى الشواطئ الشمالية للمتوسط من خلال مهرِّبين متخصصين في إيصال المهاجرين إلى نقطة محددة حيث يتحول المهاجرون من مهرِّب إلى آخر على طول مسار الرحلة

والمتتبع للظاهرة لا شك أنه سيلحظ تباطؤًا وتراخيًا من قِبل الاتحاد الأوروبي حيال الهجرة غير الشرعية حتى هذا الشهر؛ فغرق المهاجرين وموتهم بالمئات في عرض البحر لا شك أنه شكَّل سقوطًا أخلاقيًّا للقارة العجوز التي طالما تشدقت بحقوق الإنسان وحقه في الحياة!

ومنذ اندلاع أزمة  كورونا علّقت معظم سفن الإنقاذ الإنسانية، مثل أوشن فايكنغ وسي ووتش، أنشطة إنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط. كما أدت إجراءات مكافحة الجائحة إلى إغلاق الحدود والمطارات في مختلف دول العالم

وفى هدا الصدد ذكرت بوابة الوسط أن وزارة الداخلية الإيطالية بعثت رسالة إلى بروكسل تطلب فيها دعمًا أوروبيًّا في مواجهة تدفقات الهجرة من ليبيا في أعقاب تحذير أجهزة الأمن من استعداد نحو 20 ألف مهاجر استئناف رحلاتهم من ليبيا.

وحسب الرسالة التي نقلتها إذاعة «فرنسا الدولية»العام الماضي  فإن خمس دول هي: (إيطاليا وإسبانيا واليونان ومالطا وقبرص) طلبت من الاتحاد الأوروبي ضمان سياسة الهجرة بناء على «إعادة توزيع عادلة وتلقائية وإلزامية» بين الدول الأعضاء بعد عمليات الإنقاذ للمهاجرين في البحر الأبيض المتوسط. بالإضافة إلى ذلك، تطلب الدول الخمس أيضًا دعم بروكسل لإعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى أوطانهم.

وأشارت أجهزة الأمن الخارجية الإيطالية إلى أن نحو 20 ألف مهاجر مستعدون لمغادرة ليبيا خلال فصل الصيف إلى ساحل جنوب شبه الجزيرة ، حيث تم استئناف عمليات الإنزال من قبل مجموعات صغيرة.

ولهذا طرحت هذه الظاهرة شديدة التعقيد داخل  أروقه مؤسسات الاتحاد الأوروبي إذ مارست عديد الضغوطات على دول الضفة الأخرى من المتوسط  لإيجاد حلول ناجعة لهذه المعضلة الكونية وهو معجل بلقاء الظرف الليبي ونائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والمنسق المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإغاثي ، بحضور منسق برامج الأمم المتحدة الاغااثي في ليبيا.

حيث أكدوا على ضرورة وضع حلول جذرية لمسألة الهجرة والتسلل إلى أطراف ليبيا، وبأن هناك برنامجين وهما برنامج الشراكة الإستراتيجية مع ليبيا، و خطة الاستجابة الإنسانية في ليبيا عامة، مركزه بالخصوص على الجنوب الليبي.

ويرى مراقبون أن ملف الهجرة لا يمكن علاجه بالمقاربة الأمنية الصرفة أو تحميل دول الجنوب المسؤولية فقط لأن هذه الظاهرة أمست كونية شأنها شأن الإرهاب حيث تتحمل دول الشمال جزء من المسؤولية جراء أزمة التكافؤ العامة التي يعيشها الكون في ظل عالم مفتوح.

حيث إن عملية الإصلاح الحقيقية تنطلق بداية من النظر في أساس المشكل الذي يدفع ملايين البشر للمخاطرة بحياتهم و تجاوز المياه أملا في جنة منتظرة ما وراء البحار.

وهو ما جعل من الاتحاد الأوروبي يدق جرس الإنذار مع تفاقم ظاهرة الهجرة السرية منذ اندلاع أزمة  كورونا وتوقف سفن الإنسانية عن أنشطتها بإنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط.

والخلاصة أن موضوع الهجرة لم يعد ملفا دوليا بقدر ما هو بات تهديدا أمنيًا واستنزف للموارد الاقتصاديًة للدولة الليبية  بعد الازدياد المخيف لأعداد المهاجرين في ليبيا  وهو ما يستدعي تكاثف الجهود المحلية و التعاون الدولي الفعلي من المنظمات الإنسانية ودول الجوار للحد من هذه الظاهرة، وحماية حقوق المهاجرين 

إنسانيًا وصحيًا وحماية أهل البلد اقتصاديا وأمنيا..  

ملف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى