
في عالمنا العربي الذي ينشأ فيه الإنسان على الطاعة والالتزام بالمرجعية العامة فإن أكثر الكتب تأثيرًا فيه هي كتب الدين والسياسة، لذلك تعمد المؤسسات الدينية والأمنية إلى مصادرة الكتاب الذي تتعارض أفكاره مع الأنظمة والعقائد السائدة في المجتمع.
لكن ما فائدة مصادرة كتاب، يمكن للقارئ أن يجد نسخة مصورة منه في أحد المواقع؟، هل هو الخوف من أن يصدق القارئ ما فيه من أفكار مخالفة ويعتنقها؟، وهل القارئ المعاصر بهذه السذاجة حتى يتخلى عن قناعاته ومعتقداته القديمة ليتبنى قناعات جديدة؟.
إن عملية امتصاص الأفكار الجديدة وتبنِّيها بطيئة جدًا بين القراء العرب، لأن الجديد في العقل الجمعي العربي يعني التعارض مع السائد، وهو عادة ما يثير الخوف والريبة فيه، لذلك فإن ضحايا قراءة الكتب لدينا هم قلة محدودة ومعزولة، وفي الغالب يقع القارئ العربي ضحية لما يقرؤه حين يعاني وضعًا وجوديًا مأزومًا ومهيأ نفسيًا لاعتناق البديل الفكري المخلص، ولكن تظل مثل هذه الحالات قليلة ومحدودة الأثر، ولا يمكن أن تشكل خطرًا على النظام، أو المرجعية العامة.
هل يمكن لكتاب يدعو إلى حرية الفكر أن يقنع شعبًا لديه قابلية للاستعباد بفوائد الحرية الفكرية؟.
هل يتوقع أن يكون لكتاب عن الاقتصاد الحر تأثير على النظام الشيوعي في كوريا الشمالية مثلاً؟.
هناك آلاف من أهل السنة الذين قرؤوا كتاب «الكافي» للكليني الذي يعد عند الشيعة الإمامية بمثابة صحيح البخاري، ولم يتشيعوا.
كتاب إسماعيل أدهم «لماذا أنا ملحد» صدر منذ العقد الثالث الماضي، وكتاب «الحقيقة المحمدية» لمعروف الرصافي صدر منذ نحو عقدين، فكم مؤمن اقتنع بأفكار الكتابين وتخلى عن إيمانه؟.
وكم مسلم وسطي ومعتدل اعتنق أفكار كتاب «معالم في الطريق» لسيد قطب، أو كتاب «جند الله» لسعيد حوى؟.