أنشدني عالصحة
بقلم: محمد بن زيتون
(الصحةُ تاجُ على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى) .. [أنشدني عالصحة اللّه يخليك] كلمات دندن بها الفنان هاشم الهوني منذ زمن الستينيات وفعلاً وضع صوته الدافيء على الجرح النازف (الصحة) في بلادنا؛ فمن التفريط بالأمس في المال العام بإغداق الأموال على استيراد الأدوية إلى الشح اليوم حتى في حبوب علاج الصداع بعد مسيرة طويلة من ضياع البوصلة لدى وزراء ومسؤولي الصحة نتيجة قفل الحقول والموانيء النفطية منذ 2014م؛ وتذبذب سعر الصرف وتناقص الدولارات في المصرف المركزي.اليوم كل المستشفيات والمجمعات والمستوصفات والمراكز الصحية تعاني مشكلات جمة من تناقص الأطباء والمختصين؛ فتجد طبيباً مناوباً واحداً بين الأقسام والإسعاف تضطر مرغماً إما لانتظاره ساعات طويلة وتحمل الوجع أو أن تتجه لإحدى العيادات أو المستشفيات الخاصة وتدفع آلاف الدينارات وبالطبع سيبدأ الطبيب الخاص بالفحص مقابل 30 ديناراً على الأقل للحالات العامة؛ والحالات التخصصية تصل حتى 50 ديناراً وتوجيه المريض لسلسلة من التحاليل والتصوير بتكلفة غالية ثم الدخول غالباً لدخول العيادة سريرياً لمدة أيام بتكلفة فندق خمس نجوم وإجراء عملية مكلفة جداً، رغم تحسن مرتبات الأطباء والعناصر الطبية أضعاف ما كانت عليه إلا أن الطبيب العامل بعقد أو طلب يتقاضى مرتباً ومكافأة عالية جداً تجعله يفضل المشافي الخاصة وترك المشافي العامة التي يحمل وزرها الأطباء الجدّد الذين لا خبرة لهم وقلما تجد أطباء مختصين يلتزمون بعملهم وفقا للمتوفر من الإمكانات المتاحة استجابة لضميرهم ومراعاة قيمة العمل الإنساني وهؤلاء نرفع لهم القبعة عالياً ونقدرهم ونحترمهم مئات المستشفيات والمجمعات والمستوصفات الصحية المنتشرة في ربوع الوطن وتجدها غير مجدية فعشرات المرضى المحدودين بعدد لا يقبل بعده أي مريض ينتظرون دورهم وكثيراً من المشافي المجمعة والمتوسطة والصغيرة لا تجد فيها طبيباً مختصاً، وقد تعمل على برنامج التطعيمات للأطفال والكبار وغيرهم إن توفر اللقاحات المطلوبة والتي كذلك تكاد تتلاشى مثل الأدوية وقد يتوقف العمل بإعطاء الحقن ومداواة الجروح الناشئة فقط وحتى أقسام المختبرات والتحاليل أغلبها متوقف ولا تعمل إلا على نوع أو نوعين من التحاليل مما يكبد المواطن تكلفة عالية في دكاكين المختبرات الخاصة قرب المشافي العامة، وقد تعود المستوصفات لستينيات القرن الماضي فتقتصر على ممرض يحل محل الطبيب لا قدر الله رغم أن الممرض في ذلك الزمن لا يستهان بخبرته التي لم تقل عن خبرة طبيب اليوم، أو نعود للكي بالمناجل عند «آل شهبون» ليس بمعنى الكي آخر العلاج ولكن العلاج الممكن اليوم لضعفاء الحال، رغم قيام وزارة الصحة ذات التفويض بصيانة أغلب المجمعات وإصلاحها معمارياً وصارت ترقى إلى صفوف تلك بالعالم الأوروبي لكن المحتوى مازال يعاني من نقص في الكوادر الطبية كافة حيث الملاحظ أغلب الموظفين فيها لا يمتون للصحة بصلة وإنما عمال عاديين.. إن أي دولة يمكن للمرء قياس تقدمها وتطورها بالطرق والنجاح في مجالات الصحة وهما ليس متوفران لدينا البتة، بل أن الفساد في مجال الصحة استشرى حتى أزكمت رائحته الأنوف وتدخل النائب العام في كبح جماح بعض الفاسدين، أصلح الله ولاة أمورنا وأضاء طريقهم لخدمة المواطن الذي يستحق أن يعيش في وطنه بكرامة وصحة موفورة حتى يبني صروحه المتهدمة من جديد.