رأي

الجزء الأول: الهادي الرويمي مثال الترفّع عن الصغائر

أمين مازن

لم يكن الشيخ الهادي الرويمي الذي ذكرته مضبطة الجلسة الإفتتاحية للمجلس التشريعي الطرابلسي في هيئته الثانية و التي جاءت بها الإنتخابات المبكرة للمجلس المذكور مجرد عضو من الأربعين عضو المكونين لذلك المجلس و قد سعى الرويمي لرئاسته منافساً للسيد طاهر العقبي الذي تحقق له الفوز و ربما يكون موعوداً بذلك منذ احتدام الخلاف المتعلق بمسئولية الوالي أمام المجلس تلك التي قاومها السيد الصديق المنتصر من موقعه كوالي و الأستاذ علي الديب من موقعه كرئيس للمجلس و ضليع في القانون و صاحب رأي سياسي يرفض كل ما يروج للسلطة التنفيذية المطلقة، إذ من خلال الخطوات التي اتُبِعَت في تسيير جلسة السن التي أناطت الرئاسة بالسيد العيساوي بو خنجر باعتباره الأكبر و تقدم الإثنين ليتضح أن المعركة مبيتة و مثل ذلك النتيجة، بدليل أن الأغلبية التي حظي بها الشيخ محمد بحيح لمقعد نائب الرئيس قد أكدت عدم وجود أي صراع و هي ذات النتيجة التي تكررت في الدورة الثانية و في المقعدين معا، ذلك أن الرويمي الذي خاض المعركتين كان قد عاد من مهجره المصري قبل هذه المرحلة في السنوات التي تلت قيام الدولة الليبية المتمثلة في المملكة الإتحادية التي تسنّم عرشها السيد إدريس السنوسي إثر أكثر من بيعة شعبية أصرت عليها أقوى الزعامات و قاومتها الأخرى الأقل شأناً و التي كان من ضمن أعضائها الشيخ الهادي الرويمي و الذي أكدت بعض الدراسات التي وثّقت للمرحلة إقدامه أي الرويمي على المجاهرة برفضه لتدخلات السيد عبد الرحمن عزام أمين عام الجامعة العربية و قد كان آخرها في اللجنة الطرابلسية، تلك التي كان من مشاهيرها الشيخ عمر غويلة و الهادي الرويمي و أحمد السويحلي و الحاج الفيتوري و هذا الأخير رجع و انتُخِبَ من طرف المجلس التشريعي لمجلس الشيوخ و سُمِحَ في الوقت ذاته عل ما يبدو للرويمي أن يخوض معركة انتخابات التشريعي في مأمن من التدخل المعادي و ربما الحياد في مسألة الرئاسة عندما رأيناه في السنة الثالثة من عمر ذلك المجلس يترك العضوية لينظم إلى نظارة العدل  و يسلك طريقه لاحقاً نحو المحكمة العليا ربما إلى أن اقتنع الملك إدريس بتوقيع مرسوم يخوِّل له دخول المحكمة العليا و غض النظر عن دوره في اللجنة الطرابلسية و ما اتُهِمت به من مطبوعات معادية و بالأحرى متحاملة على السيد إدريس وليس من المستبعد أن تكون مثل هذه الملابسات هي التي جعلت الرويمي على ما هو عليه من العلم و المنزلة الإجتماعيى لا يبرز كرئيس للمحكمة العليا بل ظل دوما بين المستشارين وإن كانت الرئاسة لا تغفل التناوب بشكل سافر. وبالعودة إلى موضوع تدويننا هذا المُكرَّس لأداء بعض الذين اضطلعوا بعضوية المجلس التشريعي وقد كان من بينهم الشيخ الرويمي فنذكر له رئاسته للجنة التشريع والعدل طيلة بقائه بالمجلس وتخلّصه من استشعار الإحباط عقب خسارة معركة الرئاسة بتعمّد الغياب أو افتعال الخلاف مع الرئاسة أو أي ممارسة تفوح منها رائحة الأنانية، فكان دوماً مثالاً للمنضبط في أحاديثه وهو يخاطب الزملاء عن طريق الرئيس أو يعلّق على ما يُثار من قضايا أو يتناول أوجه التقصير متعمّداً تبخيس أي إنجاز أو مضخّماً كل خطأ وقد ظهرت هذه الروح الطيبة المتعقّلة من أول جلسة عقدها المجلس في دورته الثانية على سبيل المثال والتي تكرر فيها إخفاق الشيخ الهادي في معركة الرئاسة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى