عرف الليبيون الأغنام منذ قديم الزمان، وتسمى «الضأن»، ويعد الليبيون من أمهر من كسب الضأن في المنطقة، ولديها مكانة كبيرة، ويعدونها مصدر رزق وفخر، وتعتبر عماد الشعر الشعبي في ليبيا خاصة في الغنى، والصبر، واتقان تربيتها السليمة، وتضرب بها الأمثال تشجيعاً لتربيتها وكسبها وتجارتها، حيث يقول الليبيون: (اشريني بالدين وأكلني بالدين اوفيلك الاثنين).
هذه الشاة من سلالة تنتشر وتعيش على طول الساحل الشمالي الشرقي لليبيا وفوق سفوح الجبل الأخضر (منطقة جبال مرتفعة مغطاة بالغابات في شمال شرق ليبيا، تمتاز بارتفاعها عن أغلب مناطق ليبيا وتتميز بارتفاع معدلات هطول الأمطار، إضافة إلى توفر الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة) وكذلك المرتفعات الشرقية والصحراء الليبية الشرقية.
هي سلالاتُ أغنام ليبية الأصل وعريقة ومن أفضل سلالات الأغنامٍ، لهذا سُمِيتْ بالملكية، ومنحت لقب )الشاة الملكية(، وملكة جمال الأغنام، حيث تنافس كل سلالات الأغنام في الدول الأخرى، بالطبع كل هذا جاء نتيجة معايير معينة تشمل حجم الشاة ووقفتها وطريقة المشي وجمال القرون والأذن والعين والرقبة، إضافة إلى جمال الألية والذيل.
انتقلتْ إلى صحراء مصر الغربية عبر حركة القبائل الليبية المهاجرة إلى مصر خلال فترة الاستعمار العثماني، والإيطالي لليبيا، واستوطنتْ محافظة «مطروح»، وتوجد كذلك في تونس، والجزائر، والمغرب، لكن أرجلها أقصر من أرجل الشاة الليبية الملكية، التي سميت بهذا الاسم نسبة إلى موطنها الأصلي في مناطق شرق ليبيا، وقد تميزتْ الشاة الليبية لعدة أسباب منها طريقة كسبها، وعلفها، الأمر الذي جعل من لحومها أطيب اللحوم الحمراء، وكذلك لقوامها وجمالها وشكلها، وهذه من الأسباب الرئيسة التي جعلت من أخوتنا في مصر، وتونس، والجزائر، يتنافسون لجلب الشاة الليبية لبلدانهم، لكسبها وبيعها في أسواقهم خاصة في موسم عيد الأضحى المبارك.
هذه السلالة الممتازة من الأغنام تتميز من ناحية الشكل بأنها برية متجانسة المظهر، ذات وجه جميل، متناسقة التركيب حجمًا ووزنًا، كبيرة الحجم نسبة للأغنام الاخرى وذات وزن ثقيل، قوية صحيا )نشيطة(، هادئة، ويراعى انطباق الفكين وأن تكون الأسنان مكتملة، رأسها صغير، والأنف مستقيم، والأذن شبه بندولية متوسطة، العيون براقة، ضرع النعجة حجمه مناسب، إسفنجي، غير مشمور وغير متدلٍ، لا أورام، لا حلمات زائدة، ولا تشقَّق، قنوات الحلمات مفتوحة، الصدر عريض، سلسلة الظهر مغطاة باللحم، الأسنان سليمة وقوية، القرون عريضة وقوية، جلد مرن، أغشية داخلية وردية، وتمتاز بوفرة صوف ناعم ولامع وغزير ومتين يكسو البطن، الأرباع الخلفية ممتلئة يميل لونه اٍلى الأحمر والبني الشبيه بلون التراب )حيث كانت مراعي شرق ليبيا تحتل المراتب الأولى في تصدير الصوف للخارج(، واللية مثلثة ليست كبيرة مثل لية الخروف الشامي، وليست صغيرة مثل لية الخرفان )البلغاري والروماني والارجنتيني(، وينتهي الذيل بعقدة ولا يصل إلى العرقوب، الأرجل غير متباعدة أو مقوسة، وتمتاز بأرجلها الرفيعة لتسمح لها بالسير مسافات طويلة بحثًا عن المرعى، أما الوزن فـالحولي الذي يتجاوز عمره الستة أشهر يصل وزنه اٍلى 30-50 كغ، ووزن الـثني «12 شهرًا – 18 شهرًا» يتراوح بين 60-85 كغ، ويمتلك جوز من القواطع المستديمة، أما وزن الرباع «18 شهرًا – 24 شهرًا» فيتراوح بين 65 – 78 كغ، ويمتلك جوزين من القواطع المستديمة.
كما تمتاز الشاة الليبية بلذة الطعم والنكهة الخاصة بها بفضل أكلها للأعشاب الموجودة فوق سفوح الجبل الأخضر مثل الرَّيْحَانُ أو الحوك أو الحَبَقُ ويُلقّب في أوروبا بالرَّيحان الملكي أو العشبة الملكية أو نبتة القدّيس يوسف، هو نبات عطري عشبي حولي ينتمي إلى الفصيلة الشفوية، والقزيح والقمح والشعير، ويتم علفها أيضًا بالكسبة وهي أعلاف تسمين، والخرطان وهي القمح الذي لا ينمو كاملاً ولا فائدة منه فيقومون بخرطه وتقديمه للماشية، والصفصفة الخضراء، والتبن من القمح والشعير.
سلالة الشاة الليبية الملكية سلالة نادرة جدًا وتمتاز بوجود قرون كبيرة للكبش وهو ذكر الأغنام، ويختلف النَّوع باختلاف الإنتاج المستهدف، والمنطقة التي تربى بها، وخبرة المربي، فهناك سلالات تخصصت في إنتاج الضأن وأخرى مثلاً في إنتاج الصوف، والظروف البيئية، ونوع الغذاء السائد في المنطقة التي تنتج فيها الماشية ومنتجاتها، وأسعار السوق والطلب على نوع الإنتاج الرئيس )حملان أو خلافه(، ثمن القطيع وفرص توفر نوع وسلالة الماشية، ورغبة أو ميول المربي الشخصية نحو السلالة، أو السلالات التي قد تصلح أو تجود في منطقته، فهناك سلالات إنتاجية في مناطق قد لا يلائم إنتاجها في مناطق أخرى، وهناك سلالات لها خاصية تجمع قوية واضحة بدرجة تفوق وضوحها في سلالات أخري، مثل تلك السلالات التي تلائم دون شك أسلوب الرعي الواسع، أو مع أسلوب الإنتاج المكثف حيث تربى الأغنام في مناطق مسورة، وهناك الكثير ممن يفضلون تربية سلالات إنتاج الضأن.
بالنسبة لأسماء وأعمار الذكور فهي كالآتي:
«الكبش» ما دخل دخولاً بينًا، أي اكمل السنة الأولى وشهرين، «الثني» ما يقارب العام، من عشرة أشهر فما فوق، «الثلوثي» من سبعة أشهر إلى العام، «الشتوي»، الحولي أقل من ستة أشهر.
«النعجة» ما دخلتْ دخولًا بينًا، أي اكملت السنة الأولى، «السداس» لم تبلغ العام، الرباعية، الحولية.
«النعجة المسنة» عمرها من 10-6 سنوات يقدر العمر من مدى تآكل الأسنان، ممكن الحصول منها على 3-1 ولادات ثم تسمن وتباع، ثمنها رخيص، تعرض في الأسواق بعد موسم انتهاء العلف الأخضر، وكان قد صدر قرار في ليبيا فترة الخمسينيات، يمنع ذبح انثى الماشية حفاظًا على السلالة وتكاثرها، وقد وزع على كل البلديات الليبية لتنفيذه.
وعن أضحية العيد قال رسول الله )لا تذبحوا إلا مسنة وإلا فجذعة(، ويقصد بالمسنة الكبش، والجذعة انثى الماشية وهي النعجة التي قاربت العام، أما الماعز دخول بين العام وفوق الشهرين، وكان رسول الله يقصد بجملة ما دخل دخولاً بينًا أي أكمل العام الأول.
وكانت تعرف الشاة الليبية الملكية في شرق ليبيا باسم الشاة الحمراء نسبة للون صوفها، وكانت تصدر لـ)إيطاليا، واليونان، وقبرص وتركيا(.
كل هذا التاريخ العريق المشرف للشاة الليبية الملكية لم ينجها من ثلل فاسدة كانت تدير مقاليد السلطة في الدولة، ليطال الاهمال هذه الثروة الحيوانية بسلالتها النادرة، في زمن عم فيه الفساد والكسب الحرام، وتمت محاصرة مربي الماشية، وأصبح علف الماشية أمرًا ليس باليسير، وأصبحت الدولة تستورد الماشية من دول أوروبية مختلفة وهي لحوم فقط وليست للكسب، وتسببت في نقل عدة أمراض للماشية الليبية، وضاق الخناق على مربي الماشية في ليبيا نتيجة سياسات التخبط التي انتهجها المسؤول الجاهل الذي لم يكن همه إلا أن يخرج مليونيرًا من منصبه، ولم تكن تعني له شيئًا كل هذه الأمور لجهله بها.