رأي
الفاتورة لازلت مفتوحة
أثارت حادثة مقتل الإنسان الأمريكي “جورج فلويد” ذوي الأصول الأفريقية على يد شرطي أبيض في مدينة مينابولس على خلفية الاشتباه في استخدامه عملة مزيفة في أحد المطاعم ، بعد أن وضع الشرطي رقبة المشتبه تحت ركبته في مشهد بُرر بأن الشرطي أراد تثبيت الضحية رغم صرخات الأخير لا أستطيع أن أتنفس أرجوك لاتقتلني، لتأخذ القضية براحاً واسعاً من الجدال المناقشات في وسائل الإعلام، إلا أن هناك شبه إجماع على أن العنصرية ضد ذوي البشرة السوداء مازالت متغلغلة في المجتمع الأمريكي.
ورغم أن أمريكا تُعدُّ رائدة صناعة العلاقات العامة ، وربما يرجع سبب اكتسابها لهذه الصفة هو إلتزامها بمبدأ السيطرة على العقل العام ، إلا أن إعلام المواطن وثق هذه الجريمة البشعة عبر أحد المارة بكاميرا هاتفه المحمول، ربما نقل الواقعة هو ماحرك ترامب لاتخاذ تدابير جديدة للحد من سطوة السوشل ميديا في بلاده، اعتقد أن الأمر لايبدو غريباً سبق وأن تغيرت إذاعة صوت أمريكا إلى راديو سوا، جاء ذلك بمثابة عملية تجميل أمريكا في الصورة الذهنية لدى المواطن العربي تحديداً خاصة بعد حقبتي جورج الأب والأبن واجتياح العراق ، ربما نشاهد أساليب ووسائل جديدة، ولإنعاش الذاكرة سبق أن وصف “جون كندي” الأمريكيون بأنهم حراس معاقل الحرية في العالم”.
يبدو أن إكراهات التاريخ وقيوده أمام الواقع تذكرنا أن رسالة الحرية التي حملت أمريكا لواءها بعد إعلان الاستقلال كانت تتجاهل مسألة الرق وتجارة العبيد بعد مضي نحو قرن من التحرر من الاستعمار الانجليزي، كان هناك نحو 4 ملايين من السود تحت نير العبودية ، لنستذكر قول “جيمس هاموند” حاكم ولاية كارولينا الجنوبية الذي انتخب كعضو في الكونغرس عام 1842 قبل الحرب الشمالية والجنوبية، مستهلاً أحد خطاباته المشهورة بعبارة (القطن ملك) قائلاً إن زراعة القطن تتطلب عمل (العبيد) والمصلحة الاقتصادية تتقدم الحرية ولها الأفضلية معتبرا أن إلغاء الرق الذي أقدمت عليه الثورة الفرنسية هو فكرة ضارة، رافضا الاستسلام لفلسفة عاطفية حسب رأيه.. ربما “ترامب” حور القضية واصفاً مايجري من احتجاجات باتت تقترب رويداً من البيت الأبيض بالعنف المنظم ،في محاولة لتحريف مسار الاحتجاجات بتسليط الضوء على عمليات النهب التي صاحبتها وحاول أن يخلط الأوراق ويحمل مايجري لليسار الذي يخالفه، ترامب الوجه الحقيقي لأمريكا!، ليتحول الحدث إلى أعمال نهب وتخريب وقلق يعرب عنه حكام الولايات الأمريكية ، ورغم مرور أعوام على إلغاء قوانين الميز العنصري سبق وأن تهجم “ترامب” على “أوباما” وطالبه بالعودة إلى مسقط رأس والده، حادثة مقتل “جورج فلويد” ليست الأولى ولن تكون الأخيرة لتظل فاتورة الحقوق مفتوحة.
للكاتب : خالد الهنشيري