حافة العشق .. دعاء مسؤول كبير ..
الناجي الحربي
مسؤولٌ كبيرٌ في الدولة يا جماعة .. أُقسم باللّه مسؤول بشحمه وربطة عنقه .. البارحة وقف بجانبي لتأدية صلاة العشاء..كانت الكهرباء مقطوعة.. لكنني شاهدتُ النَّور يشع من وجهه .. ليس بيني وبينه سوى المسافة التي حدَّدتها هيأة الأوقاف لتفادي عدوى كورونا.. كنتُ أتمنى أن تلامس كتفه كتفي .. وأن تلاصق رجلي اليسرى رجله اليمنى .. حتى لا يكون هناك مجالٌ لتسلّل الشيطان بيني وبينه .. نعم .. هو من دون شك .. عرفته بلا معاناة.. رغم ذاكرتي المعطوبة والتي غالبًا ما تمارس خيانتها معي.. بوضوح وتجلي .. عرفته كما أعرف رغيف الخبز وأسطوانة الغاز وشباك الصراف ولحم الخروف الوطني وطبق الدجاج الأبيض .. نعم هو .. كثيرًا ما يخرج علينا في القنوات الفضائية الليبية التي تشبه الرز .. كان خاشعًا في صلاته .. يا اللّه..!! كم كنتُ أود أن احتضنه كما احتضن مرتبي في كل عيد من الأعياد الثلاثة في العام .. كم كان أعداء الوطن يكذبون علينا عندما قالوا: إن المسؤول لا يعرف الطريق إلى اللّه.. كان ـ حفظه اللّه ـ يتمتم بأدعية في ركوعه وفي سجوده .. كان يقول في ركوعه : اللهم أغفر ليّ ما تقدم من ذنبي وما تأخر .. و يدعو في سجوده بقوله : اللهم استرني في دنياي وآخرتي .. كأني سمعته يقول : لو تعثر بعير في كمبوت أو تازربو أو في هراوة لحاسبني عليه اللّه .. كأني سمعته يدعو قائلًا : اللهم وفقني لخدمة الوطن من شرقه إلى غربه إلى جنوبه .. وساعدني على توفير الراحة والأمن للمواطن أينما حل وأينما كان .. عقب الصلاة رأيته يرفع يديه إلى السماء بإلحاح .. كان جسده يرتعش و يتمايل في ورع وخشوع يستجدي اللَّه في سره .. حاولتُ الاقتراب منه كي أعرف ما الذي يطلبه وما يريده من الخالق سبحانه وتعالى لكنني فشلتُ.. لعله يدعو علينا أو لنا..!!