حافة العشق
الليل..!!
الناجي الحربي
لستُ من عشاق السهر.. ولا أحب الليل.. الليل عندي للنوم .. أجد فيه راحتي من يوم حافل بالعمل والزيارات والمجاملات الاجتماعية.. ورغم أني مذ كنتُ تلميذًا بالمرحلة الإعدادية درستُ وحفظتُ معلقة «امرؤ القيس» الشهيرة التي يقول فيها:
وليل كموج البحر أرخى سدوله..
علي بأنواع الهموم ليبتلي
فلم تكن ليّ أية هموم تهاجم رأسي الصغير ليلا.. فعندما أختلي بالليل يهاجمني النعاس وأغيب في نوم عميق.. بعكس البعض الذين إذا اختلى بهم الليل تندلع في دواخلهم الذكريات فيتضخم في ليلهم كل شيء ويطول على اليائسين..
فنهاري أحيانا به ظلمة أشد حلكة من الليل.. ولا يعني لي الليل سوى أن أضع رأسي على وسادتي لأزيل تعب وشقاء يومي. .
هذا لا يعني أنني لست من عشاق الشعر والغناوي والشتاوي التي تتحدث عن الليل وفعله الأسود الأنود في العاشقين وكذلك فيمن فقد حبيبا له.. فمازلت أحفظ عن ظهر قلب شعرًا لشاعر مجهول لدي قال عن الليل:
جاهن الليل وهمه
وتمن كما المفطوم من صدر أمه
بدن يذرفن جاهن الليل وهمه
جاهن الليل الماسي
وجاهن الياس الليل رزيل وقاسي
م العلقم سقاهن نصيب طواسي
معاهن رقين رقية أوجاع الحمى
قدامهن قمعز ودار كراسي
كما شيخ يشرح لعرب ملتمه
أيضا لا أنسى أنني من المعجبين بالشاعر الراحل محمد بوهارون حيث قال في قصيدة مغناة:
جميلة ما ريت كيفك جميله
وأسماك ليلى
وعندي مع الليل قصة طويلة
ولغناوة العلم على ما أظن النصيب الأوفر في الحديث عن الليل فأذكر أن الغناي عبد الكافي غنى ذات ليلة فقال:
مايريدش إيجيكن نوم.. والعقل فيه وسواس مالقدم
كما أنني من متتبعي فن الشتاوة الذي أرى أنه من أصعب الفنون الشعبية نظما..ولعل الشتاوة التي تتناسب مع غناوة عبدالكافي سالفة الذكر والتي تعرف في الأدب الشعبي بمصطلح «بنتها».. هي:
الليل علينا ياما يلم.. حسايف ومهايات أقدم
ومن الواضح أن الليل ليس صديقا محبوبا لا للشعراء ولا للغناية ولا للشتاية فهم من صنف العاشقين والمحبين.. لهذا فأنا من أصدقاء النوم المبكر ولا أذكر أنني سهرت إلى ما بعد منتصف الليل إلا نادرا وربما مكرها..