رأي

سيرة فبراير .. توثيق للتاريخ ..!!

 

 

حافة العشق

الناجي الحربي

أراهن ما أن تمسك خيوط سيرة فبراير التي كتبها الكاتب الراحل « إدريس المسماري» حتى تصر على استكمالها مهما كانت مشاغلك ، ومهما كانت ظروف صحتك ، فقد قرأتها في ليلة واحدة ، رغم البرد الشديد ، ورغم المرض الذي يكتنف حياتي إلاّ أنني لم استطع التخلص من هذه السيرة ، ولا أكتمكم سرًا إذا ما قلت لكم كنت أتمنى ألاّ تنتهي .

إدريس المسماري مناضل  قال عنه جمعه أبوكليب : من يعرف إدريس المسماري الإنسان مثلي لا يستغرب مطلقًا موقفه الوطني واختياره الصعب أن يكون دائمًا في صدارة جبهة المدافعين عن حرية وكرامة وطنه وشعبه .

فالكاتب إدريس تنتمي جذوره للكلمة التي تضيء عتمة القلوب وتنثر بذور الأمل في حنايا الوجدان الإنساني  من أجل حياة إنسانية أفضل وأجمل وهو في سعيه لتحقيق ذلك لا يملك سلاحًا غير دأبه وشفافيته وحبه وصدقه وشجاعته التي لا تعرف خوفًا ولا تعترف بحدود أو توقفها حواجز..

نعم.. كان إدريس مع الناس ,, بل  هو واحد منهم.. فقد تحدث بكل شفافية في سيرة فبراير ، لدرجة أنه لم يدس عيوبه..  ولم يجد غضاضة في سردها بكل صدق.. تحدث عن حياته الخاصة.. عن زوجته.. عن ليبيا ابنته.. عن ابن أخيه .. عن كل الذين شاركوه رحلة النضال المريرة..

كان حبه لوطنه يملأ نفسه ويسكنه.. حزنه يشبه حزن كل الليبيين المبتلون بحب الوطن.. ولأنه كذلك فقد انحاز للفقراء والبسطاء.. حتى في فترة اختفائه عن عيون النظام إبان الثورة فضّل أن يلوذ بالطيبين والوطنيين.. وهذا ما  ذكره في السيرة.. كان من الممكن أن يعيش إدريس المسماري حياة الملوك لو أنه تنازل عن وطنه.. لكنه لم يطلب سوى أن يظل الكاتب المخلص لأفكاره ولوطنه ، المؤمن برسالته ، فلم يسع إلى منصب.. ولم يطمح إلى جاه أو مال أو سلطان.. فكان الكبرياء الوطني لصيقًا بشخصيته.. كان عاشقًا عظيمًا من عشاق الحرية.. بل كانت الحرية بيت القصيد في كتاباته.. لهذا جاب بيوت أصدقائه الفقراء مثله.. بيتًا بيتًا.. فكانت سيرته كالشمس.. فيها الكثير من  القيض والمرارة.. ومن الألم.. لكنها ساطعة تنبع من وطنية مخلصة وصادقة..

سيرة المسماري.. كانت مؤلمة.. لكنها لذيذة  تستحق القراءة..  وتستحق أن نخلدها ضمن تأريخ هذه الثورة التي لم تعرف قائدًا ولا مرشدًا ولا جنرالًا.. ولهذا فإن سيرة فبراير التي كتبها إدريس بمداد  من دمه لن  تسقط من ذاكرة الليبيين..ولن يسقط إدريس من ذاكرتنا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى