كورونا : حصار البشر .. وتحرَّر الطبيعة !!!
حالة الإغلاق العام الذي شهدته عديد المدن والدول حول العالم إثر تفشي جائحة كورونا جعلنا نرى سماءً صافية من جديد فخلال أشهر قليلة انقلب العالم رأساً على عقب؛ ومع فرض إجراءات الإغلاق وحظر التجوال حول العالم، استعادت البيئة طبيعتها، إذ باتت الحيوانات البريّة في عدة دول العالم تتجوّل في الشوارع الفارغة، وساعدت أنماط الرياح المتغيّرة في التئام طبقة الأوزون.
فبعد أن طالبت معظم دول العالم مواطنيها الالتزام بالعزل المنزلي منعاً لانتشار فيروس كورونا أثر هذا الغياب على الحياة الاجتماعية للبشرية، وأثر أيضاً على البيئة المحيطة بنا. فبعد التغيرات التي طرأت جعلت من الجائحة تطير إلى الغلاف الجوي كابحةَ تسارع تغير المناخ فهل بإمكاننا هنا القول بأن كورونا أصلحت ما أفسده البشر؟ وبأن كوكب الأرض هو المستفيد الأول من هذه الجائحة ؟؟
فبراير / خاص
في جميع أنحاء العالم، انخفضت مستويات التلوث بسرعة. فعمليات الإغلاق التي تسبب فيها الوباء، دفعت نحو 2.6 مليار شخص إلى العيش تحت الحظر، وبدأت تؤثر ليس في الفيروس فحسب، بل أيضا في الكوكب – حتى وإن كان التأثير مؤقتا، وإن جاء بتكلفة اجتماعية وبشرية ضخمة. بعد أن توقفت شركات الطيران أساطيلها، بحظر سفر السيارات وتوقفت الصناعات، وتراجعت الانبعاثات من النقل والطاقة.
وفي الوقت الذي يعاني فيه البشر حول العالم من مخلفات انتشار جائحة «كوفيد 19» على الصحة العامة والاقتصاد، يتنفس كوكب الأرض الصعداء، فقد تراجع تلوث الهواء إلى مستويات غير مسبوقة، وانخفض استهلاك الطاقة وتعافت جزئيا طبقة الأوزون.
وأكدت أبحاث عديدة أن الطبيعة هي المستفيد الأكبر من أزمة فيروس كورونا، التي تسببت في توقف غير المسبوق للأنشطة البشرية حول العالم، وملازمة نصف سكان الكوكب على الأقل لمنازلهم، في إطار إجراءات الإغلاق والحجر المنزلي للحد من انتشار الفيروس.
فمنذ بداية جائحة كورونا شهد العالم انخفاض شديد في تلوث الهواء وتحديداً اول اكسيد الكربون وثاني اكسيد النيتروجين، حيث ان معظم المصانع وقطاع النقل اغلقت بسبب الجائحة ولذلك حصل هذا الانخفاض الملموس.
نعم عندما يقرر الانسان ان يهتم ويعيد تقييم علاقته مع الطبيعة يمكننا ان نحدث الكثير، لكن انبعاثات غازات ثاني اكيد الكربون او الغازات الدفيئة التي بسببها يشهد العالم التغير المناخي لن يؤثر شهر او شهرين او سنة او سنتين على تبعات التغير المناخي، حيث اننا متسببين بانبعاثات التغير المناخي منذ الثورة الصناعية، وللحد منها لا نحتاج لتغيير آني بل لالتزامات دائمة بالحد من الانبعاثات، نحتاج الالتزام باتفاقية باريس للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض عما كانت عليه قبل الثورة الصناعية بدرجة ونصف الدرجة المئوية.
وفي ظل توقف معظم العمليات الصناعية في العالم، بدأت جودة الهواء في التحسن بشكل ملحوظ، فقد أظهرت صور الأقمار الصناعية تراجع نسب تركز غاز ثاني أكسيد النيتروجين في العالم، وهو غاز سام ينبعث بصورة رئيسية من عوادم السيارات والمصانع، وأحد أكبر مسببات تلوث الهواء في العديد من المدن.
تسببت أزمة كورونا أيضاً في انخفاض نسبة ثاني أكسيد الكربون في الهواء حول العالم. فبفضل توقف النشاط الاقتصادي بشكل كبير في معظم الدول قلت نسبة انبعاث هذا الغاز كما حدث من قبل خلال الأزمة المالية العالمية في 2008. وفي الصين وحدها قل تركز هذا الغاز في الهواء بنسبة 25 بالمئة بحسب ما نقل موقع «Carbon Brief»، إلا أن هذا الانخفاض من المتوقع أن يكون لفترة مؤقتة حتى عودة النشاط الاقتصادي لطبيعته مرة أخرى.
بينما انعزل البشر في بيوتهم لمحاولة السيطرة على انتشار كورونا، أصبح المجال مفتوحاً أمام بعض الحيوانات لاكتشاف العالم في غيابهم. فقلة الحركة المرورية في الكثير من الشوارع أنقذت الحيوانات الصغيرة التي بدأت تستيقظ من سباتها الشتوي مثل القنافذ، من الدهس تحت عجلات السيارات. وليس من المستبعد أن البط يتساءل حالياً عن سبب غياب البشر، فنقص فتات الخبز في الحدائق أدى إلى اضطرارها وطيور أخرى للبحث عن الطعام بنفسها.كما اشار نشطاء البيئة
يتمنى نشطاء حماية البيئة أن يكون فيروس كورونا سبباً في تقليل تجارة الحيوانات البرية في جميع أنحاء العالم، بعد أن باتت هذه التجارة تهدد العديد من الفصائل بالانقراض. ويرجح علماء أن فيروس كورونا المستجد نشأ في الأصل في أحد أسواق تجارة الحيوانات البرية في ووهان الصينية، التي تعد محوراً للتجارة المشروعة وغير المشروعة لهذه الحيوانات على حد سواء.
نظافة المياه بعد أيام من إعلان إيطاليا إجراءات الإغلاق التام، انتشرت صور القنوات المائية من مدينة البندقية، حيث ظهرت المياه نقية دون شوائب للمرة الأولى. يرجع السبب في ذلك إلى قلة حركة المراكب السياحية بعد أن توقف تحريكها للرواسب في مياه المدينة. كما أن قلة سفن النقل في البحار أعطى مجالاً للكائنات البحرية مثل الحيتان للعوم بهدوء وبدون إزعاج.
كانت قضية التغير المناخي مطروحة بقوة على الساحة قبل ظهور فيروس كورونا، إلا أنها اختفت منذ بدء الجائحة. لا يعني ذلك أنها صارت أقل أهمية، إذ يحذر الخبراء من تأخير القرارات المهمة المتعلقة بالبيئة، رغم تأجيل مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي للعام المقبل. وبالرغم من انخفاض الانبعاثات الحرارية منذ بداية أزمة كورونا، إلا أنه من المستبعد أن يكون لهذا التحسن الأثر القوي على المدى البعيد.
فأثر التغييرات الإيجابية التى طرأت على كوكب الأرض جراء تفشي فيروس كورونا المستجد، بمشاهد لم يتخيل الكثير من الأشخاص رؤيتها تحدث على أرض الواقع، على سبيل المثال، شوهدت قناديل البحر وهي تسبح في قنوات أحياء البندقية السياحية في إيطاليا، بعد أن أصبحت الممرات المائية شفافة بسبب إغلاق المدينة كإجراء وقائي.
وفي هذا التقرير سنسلط الضوء على تأثير توقف نشاط البشر على الطبيعة، كما سنرصد أهم التغيرات التي طرأت على المناخ خلال فترة الحجر المنزلي، وأهم الجوانب التي يمكن استغلالها مستقبلا للحد من التلوث الذي يهدد مستقبل الكرة الأرضية.
جودة الهواء تحسنت بسبب أزمة كورونا
أفادت نتائج أولية توصلت إليها مختبرات الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي بأن جودة الهواء في الولايات المتحدة تحسنت منذ أدت أزمة جائحة فيروس كورونا إلى إخلاء الطرق من السيارات، مما يعطي البلاد لمحة مستقبلية للسموات الأكثر صفاء التي قد يسفر عنها استخدام أسطول من السيارات الكهربائية.
وسجلت مناطق أخرى من العالم أيضا تحسنا في جودة الهواء منذ بدء وباء فيروس كورونا منها مدينة نيودلهي المعروفة بالمستويات العالية من الضباب الدخاني وفي المناطق الصناعية في شمال الصين، وهو ما يمثل جانبا مشرقا صغيرا لأزمة صحية أودت بحياة نحو 290 ألف شخص، وأكسيد النيتروجين والمركبات العضوية المتطايرة هي المكونات الأساسية للأوزون والجسيمات العالقة التي تشكل الضباب الدخاني في المناطق الحضرية والذي يمثل خطرا على صحة البشر.
ثقب الأوزون القياسي فوق القطب الشمالي أغلق الآن
قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة يوم الجمعة إن تآكل طبقة الأوزون فوق القطب الشمالي بلغ ”مستوى قياسيا“ في مارس هو الأكبر منذ 2011 لكن الثقب أغلق الآن،
خفتت ضوضاء البشر فسمع الباحثون طنين الأرض
يقول باحثون يونانيون إن الانخفاض المفاجئ في مستويات الضوضاء التي يحدثها البشر أتاح لهم بشكل أفضل سماع الهدير الداخلي في باطن الأرض، وانحسرت الضوضاء بسبب إجراءات العزل العام في أنحاء اليونان التي تهتز كثيرا بفعل زلازل لا يسفر معظمها عن أي أضرار جسيمة، ولا يؤثر الانخفاض الكبير في مستوى الضوضاء، منذ أن فرضت البلاد العزل العام ، في حد ذاته في النشاط الزلزالي.
لكن مع استمرار حركة الأرض، أصبح بالإمكان الآن تسجيل هزات صغيرة للغاية،
أكبر انحفاض في انبعاثات الكربون منذ الحرب العالمية الثانية
يتوقع رئيس شبكة من العلماء تقدم بيانات عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أن تنخفض هذه الانبعاثات بأكبر قدر منذ الحرب العالمية الثانية هذا العام بعدما أدى تفشي فيروس كورونا إلى توقف النشاط الاقتصادي تقريبا.
فبات الان بأمكاننا رصد بعض التغيرات الفورية المرئية في الحياة اليومية. في العديد مدن العالم ففى البندقية في إيطاليا لاحظ سكان تغيرا لم يعهدوه يوما في مدينتهم، فالقنوات المائية التي تعبر الشوارع والأزقة أصبحت مياهها تنضح صافية بعدما توقفت فيها حركة الزوارق السياحية، حتى صار من السهل على المارة مشاهدة الأسماك بشكل واضح في قاع القناة، وغير بعيد من البندقية في جزيرة سردينيا ظهرت الدلافين مطلة على ميناء «كالياري» بعد غياب العبّارات التي تملأ المكان ضجيجا
اما سكان ولاية بنجاب في الهند يشعرون بالدهشة بسبب سلسلة جبال الهيمالايا التي يتمكنون من رؤيتها الآن من بُعد أكثر من 100 ميل بسبب انخفاض تلوث الهواء نتيجة الإغلاق الناجم عن تفشّي فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19» في البلاد.
وقام سكان مدينة جالاندهار والمنطقة المحيطة بنشر صور عبر الإنترنت من منازلهم لجبال الهيمالايا من بعيد، مع إشارة بعضهم إلى أنهم لم يشاهدوا قمم هذه الجبال منذ عقود، وأصبحت هذه الظاهرة ممكنة بفضل التحسن الكبير في جودة الهواء في الأسابيع الأخيرة، وذلك بعد إغلاق الصناعات، واختفاء السيارات من الطريق، وإلغاء شركات الطيران الرحلات الجوية استجابةً لجائحة فيروس كورونا المستجد.
ومع بقاء اللبنانيين حبيسي منازلهم بسبب فيروس كورونا المستجد، وجدت الطيور المهاجرة سماءً أكثر هدوءاً فوق شوارع المدن الخالية من سكانها، ومن أسراب البجع الأبيض واللقالق التي تحلق فوق كورنيش بيروت إلى طيور البلشون الصغيرة التي تعشش في الأحياء المأهولة، انتبهت وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان إلى جمال مشاهد الطيور الزائرة الذي يتمتع به عادة عشاق هواية مراقبة الطيور في المناطق النائية.
ويعتبر لبنان من أهم مسارات الهجرة في العالم للطيور المهاجرة التي تشد الرحال من أفريقيا إلى أوروبا وآسيا.
ومنحت أيضا فترة الحجر المنزلي هدنة قصيرة للأسماك والأنواع البحرية المهددة بالانقراض للتكاثر والعودة إلى مكانها الطبيعي، كما حدث للشُّعب المرجانية بجزيرة هاواي الأمريكية، واستغلت أيضا السلاحف البحرية الوضع على شواطئ البرازيل، لتفقس وتزحف فوق الرمل دون إزعاج المصطافين.
وفي الولايات المتحدة، من المتوقع أن تنخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 7.5 في المائة هذا العام، وفقا لتقديرات رسمية حديثة.
في الاتحاد الأوروبي، انخفضت الانبعاثات اليومية بنسبة 58 في المائة مقارنة بمستويات ما قبل الأزمة، وفقا لشركة سيا الاستشارية الفرنسية.
وفقا لمركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف، سجلت المستويات العالمية لثاني أكسيد النيتروجين، وهو ملوث مرتبط بالسيارات، رقما قياسيا منخفضا.
حرق كميات أقل من الفحم في الصين في (فبراير) الماضي وحده، أدى إلى تجنب ما يعادل انبعاثات سنوية من دولة أوروبية صغيرة.
كما أن جودة الهواء في المدن الكبرى من نيودلهي إلى بكين ولوس أنجلوس، هي الآن أنظف من أي وقت مضى في الذاكرة الحديثة.
ويتسابق علماء المناخ لفهم ما يمكن أن يعنيه انخفاض الانبعاثات بالنسبة إلى الاحتباس الحراري. يحاول البروفيسور كيلنج وزملاؤه تحديد ما إذا كان التأثير الاقتصادي لفيروس كورونا، سيقلل تركزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
يقول: «الدرس هو أنه يمكنك تغيير الانبعاثات مع هذا النوع من الصدمات، لكننا نرغب في معرفة كيفية تغيير الانبعاثات دون صدمة كهذي».
ومن المرجح أن يكون أي تغيير طويل المدى في تركزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي – والذي سيكون كافيا للظهور في ماونا لوا – صغيرا جدا، إلا أن انخفاض الانبعاثات حقيقي، بلا مراء.
فجائحة كورونا.هى فعلا فرصة الطبيعة لالتقاط أنفاسها من جديد والتى أهم انجاؤاتها تعافي درع الأرض الواقي( طبقة الأوزون..)
فبعد تصدّر انغلاق ثقب الأوزون فوق منطقة القطب الشمالي عناوين وسائل الإعلام حول العالم مؤخرا، كإحدى الانعكاسات المباشرة لإجراءات الإغلاق والحجر المنزلي للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، خصوصا بعدما نشرت مجلة «نيتشر» (Nature) العالمية دراسة جديدة في 25 من مارس/آذار الماضي كشفت فيها عن تعاف غير مسبوق لطبقة الأوزون التي تحمي الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الصادرة عن الشمس، وتعتبر الدرع الواقي الذي تستحيل الحياة بدونه فوق هذا الكوكب.
من جهتها أكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة انغلاق الثقب الذي ظهر في طبقة الأوزون فوق القطب الجنوبي، بعدما بلغ مستوى قياسيا بداية شهر مارس 2020 اعتبرته الأكبر منذ 2011.وهو ما يجعلنا نقر يقينا بأن كورونا فعلا أصلحت ما أفسدته البشرية على الرغم من الثمن الباهظ من أرواح البشر.