أوامر الإيقاف.. جعجعة بدون طحين
النجار : يجب إقفال صالات الأفراح فوراً …
تصريح بشأن كلفة المشغلة الواحدة لفحص فيروس كورونا من قبل رئيس اللجنة العلمية لمكافحة الفيروس، حرك ريح من الأسئلة الحائرة حول فيروس الإنفاق المثير، لمكافحة جائحة كورونا. 200 دولار تكلفة عالية جدا، و مستفزة، في وقت ليس من الصعب الحصول على أسعار حقيقية. مكتب النائب العام أوقف عملية الصرف في ما يتعلق بملف كورونا، وبدأ عملية تحقيق في الإنفاق، وخاصة أننا أمام مخصص كبير يصل إلى نصف مليار دينار. نصف مليار يعني 500 مليون دينار أين ذهب هذا المبلغ الكبير، مع نقص شديد في الكثير من المتطلبات لمكافحة الجائحة. اسئلة كثيرة تبحث عن أجوبتها، ومواطن لم يجد كلاما يرتاح له، وأشياء أخرى مع موجة تالية لفيروس لا يرحم ….
نصف مليار دينار ليبي ذهبت لجيوب من فضلوا أن يرفعوا أرصدتهم على أن تجد عجوز سرير يؤويها أو أنبوية أكسجين في مركز عزل، منذ شهر مارس الماضي والوضع على ما هو عليه، لجان تعمل وتحقيقات وأوامر بالقبض ولم نسمع عن أي دينار رجع لخزينة الدولة أو عن مسؤول فاسد حكم عليه، وفي المقابل لم يخرج أي مسؤول لطمأنة المواطن، أخر تصريحاتهم تفيد بأن بامتلاء مركز العزل وضعف الإمكانات.
الحياة في العاصمة عادت لطبيعتها مع عدم التزام عدد كبير من المواطنين بإجراءات الوقاية، الوضع ينذر بالخطر، السؤال الذي يفرض نفسه ..
هل نحن مستعدون لاستقبال الموجة الثانية للفيروس ؟
تناقلت وسائل الإعلام الليبية تصريحات على ألسنة مسؤوليين في اللجنة العليا لمكافحة جائحة كورونا؛ مفادها أن ليبيا على أبواب الدخول في المرحلة الثانية من الفيروس وهي بحسب المختصين مرحلة صعبة يصبح فيها الوباء أكثر سرعة في الانتشار واشد فتكاً بالبشر . .
هذه التصريحات استقبلها بعض المواطنين بالقلق خاصة من تعرض للإصابة بالفيروس أو فقد عزيز عليه بسببه،أما البعض الآخر فتمادي في استهتاره بل وفي تكذيبه لوجود كرونا، فيما يترقب البعض الآخر ، ويتساءل ماذا سيحدث ؟.
دخول لهذه المرحلة يتطلب وبحسب المختصين فرض حظر صحي كامل وإغلاق لبعض المدن التي تسجل حالات إصابة كثيرة كما حدث في بعض الدول مثل فرنسا وبريطانيا .
المواطن الذي عانى القلق والاكتئاب وتردي الخدمات في الفترة الماضية التي ترافقت مع أعلان الحظر وبدأ تطبيق التدابير الاحترازية المتعلقة بمواجهة الفيروس لم يرحب بهذا الخبر وإن كان يصب في مصلحته والهدف منه حمايته .
لنعرف لماذا .. فلنبدأ القصة من بدايتها من مرحلة ما قبل وصول كورونا
تعتبر ليبيا من الدول التي لم يصلها فيروس كورونا بسرعة لأسباب أرجعها البعض في حينها للحرب التي كانت دائرة في غربها والتي قلصت أو حددت بالضرورة أعداد القادمين إليها والمغادرين منها، واتخذت حكومة الوفاق إجراءات إستباقية وأعلنت حالة الطوارئ بسبب المخاوف من فيروس كورونا لتفادي وصوله والسيطرة على انتشاره.
وشملت هذه الإجراءات إغلاق كافة المنافذ البرية والجوية لمدة ثلاثة أسابيع، إلى جانب تعليق الدراسة بجميع المراحل التعليمية الأساسية والثانوية والجامعية لمدة أسبوعين . كما أعلنت الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية إيقاف إقامة الصلوات في المساجد موضحة أنّ هذا القرار يأتي للحفاظ على أرواح الليبيين.
كما تم تخصيص ما يقارب نصف مليار دينار ليبي (360.54 مليون دولار) لمواجهة الجائحة، وطالبت الحكومة وسائل الإعلام الليبية بنشر حملة تثقيفية للتوعية بخطر كورونا، والالتزام بالمعلومات الرسمية الخاصة بالفيروس، بالإضافة إلى تشكيل لجنة أزمة ينبثق عنها فرق عمل.
كل هذه الإجراءات برغم قسوتها استقبلها المواطن الليبي بشيء من الفرح حيث شعر أن حكومته مهتمة بعدم وصول هذا الوباء للبلاد وأنها سخرت كل الإمكانات لمنع وصوله والحد من انتشاره وشعر بنوع من الاطمئنان فإذا كانت الحكومة قد فعلت كل ذلك قبل أن يصل الوباء فكيف ستتصرف في حال وصوله .
هذا الاطمئنان انتابه شئ من الكدر بعد تصريح السيد بدر الدين النجار مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض لوكالة رويترز؛ بأن السلطات الليبية عاجزة عن مواجهة الفيروس في حال دخوله للبلاد.
كاشفاً إنّ «ليبيا ليست في وضع يؤهلها لمواجهة فيروس كورونا إذا انتقلت العدوى إليها»، مطالبًا بضرورة تقديم الدعم اللازم للقطاع الصحي في ليبيا، حيث أننا لا نملك ما يكفي من منشآت للعزل والحجر الصحي والعلاج النقص الحاد في الميزانية المخصصة لمواجهة الوباء .
المواطن الليبي وبشيء من الترقب والقلق بات يتابع أخبار تفشي الوباء في دول العالم والدول العربية المجاورة وهو الذي يخشى وصوله للبلاد بعد قدرة دولته المنشغلة بالحروب على مواجهته .
ومع إعلان الحكومة عن تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في ليبيا مساء الثلاثاء 24/3/2020 لمواطن ليبي قادم من السعودية عبر تونس،تحول الشعور بالقلق إلى واقع مليء بالمخاوف .
تجربة مريرة
ارتفاع عدد الإصابات في ذات الأسبوع ليصل إلى ثلاث حالات إحداهما في مدينة مصراتة وفي السياق نفسه أعلن في مدينة بنغازي عن تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في 7 أبريل 2020 م لشخص عائد من تركيا عبر تونس قبل 20 يوما من اكتشاف إصابته، كما أعلن تسجيل الحالة الأولى في مدينة سبها في أواخر شهر مايو 2020 م حيث تحولت المدينة إلى بؤرة جديدة للفيروس بتسجيلها أكثر من ثلث عدد الإصابات في ليبيا ..
ليتواصل بعدها ارتفاع معدل الإصابات بالفيروس في ليبيا خاصة بعد الإعلان عن بدء عودة الليبيين العالقين في الخارج،وتداول أخبار عن قصور في الإجراءات الاحترازية المتبعة في الكشف عن الإصابة في مطارات ومنافذ الدول القادمين منها وفي المطارات والمنافذ الليبية كذلك . الأمر الذي دفع المجلس الرئاسي للحكومة، لاتخاذ قرار بتشكيل لجنة للتحقيق في الأسباب والظروف التي أدت إلى انتشار الإصابات بكورونا عن طريق العائدين من الخارج، والكشف عن أوجه القصور في برنامج إعادة المواطنين- والتي لم نسمع حتى اليوم عن نتائج عملها.
كما فرضت الحكومة على اثر هذه التطورات إجراءات مشددة للتصدي لخطر فيروس كورونا المستجد، من أهمها إغلاق المنافذ البرية والبحرية ثلاثة أسابيع، وتعطيل الدراسة حتى نهاية الشهر، إضافة إلى فرض حظر تجول ليلي يستمر 12 ساعة يوميا، ثم تبع بفرض حظر كامل، مع فرض التباعد الاجتماعي بين المواطنين لمسافة مترين على الأقل، والتزام المواطنين بالإجراءات الوقائية، وإقفال أي نشاط تجاري تثبت مخالفته للإجراءات، مع حظر التجمعات، والمناسبات الدينية والوطنية والاجتماعية، واستعمال وسائل النقل الجماعي، وإغلاق الأسواق الكبرى ..
كما دعت الأمم المتحدة ودول غربية وعربية دعت طرفي النزاع في ليبيا إلى الوقف الفوري للأعمال القتالية لمواجهة خطر الوباء.
الحرب ورمضان وكورونا
عاش الليبيون شهر رمضان الماضي في أزمات مضاعفة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي فرضتها الإجراءات الحظر الصحي ومنها حظر التجول، بالإضافة إلى ظروف الحرب وما خلفته من نزوح للعائلات وآثار نفسية مؤلمة وفقد للأحباب، وانقطاع المرتبات و تضرر الأعمال التجارية، بسبب تفشى فيروس كورونا. حيث قام التجار ولتفادي خسائرهم برفع الأسعار فوجد المواطنون أنفسهم غير قادرين على شراء حاجاتهم الأساسية .
لماذا هذا الحديث الآن والذي قد يراه البعض شيء من الماضي وخاصة بعد انتهاء الحرب واستئناف الحوارات السياسية وقرب التوصل لحلول تنهي هذه الأزمات ؟.
الإجابة تكمن في أن ما تم سرده في السطور السابقة هو سبب فقدان المواطن للثقة في الحكومة وخوفه من أي إجراءات تقوم بها متمثلة في أجهزتها واللجان المنبثقة عنها التي نخرها الفساد وفاحت رائحتها، لكن كيف حدث ذلك ؟
اتهامات و ردود
أعلن المركز الوطني لمكافحة الأمراض يوم الثلاثاء 4 أغسطس عن نفاد مشغلات الكشف عن «كورونا» ما أدى إلى توقف العمل داخل معظم مختبرات المركز، وأكد مخاطبته للجنة العلمية الاستشارية ليتم توفير مشغلات الكشف عن كورونا بشكل عاجل وبكميات كبيرة .
لترد اللجنة بأنها سلمت المركز 900 قطعة ( كيت ) وهي كمية تكفي لفحص 300 شخص فقط على اعتبار أن كل مصاب أو مشتبه به يحتاج على الأقل الى 3 قطع لتثبيت النتيجة ما اضطر المركز لاعتبارها مستنفدة .
المركز الوطني لمكافحة الأمراض رد مؤكداً على نفاد المشغلات المعملية مما نتج عنه توقف المختبر المرجعي لصحة المجتمع بالمركز لمدة يومين عن إجراء التحاليل،منوهاً إلى أن طلبه حقيقياً وسببه نفاذ الكمية كلياً من المركز. مؤكدا على انه لا يزال مستمرا في العمل لإجراء التحاليل للحالات الطارئة باستخدام جهاز (GeneXpert)
بمشغلات محدودة مشدداً على ضرورة توفير المشغلات بصورة عاجلة، نافيا تأخره في طلب المشغلات مضيفًا: أعضاء اللجنة «لديهم علم بقرب نفاد المخزون منذ 12/7/2020، حيث أبلغوا مدير المختبر بتوزيع 3500 مشغل من أصل 7000 مشغل موجودة لديه على بقية المختبرات بحيث تبقى 3500 اختبار لاتكفي لمدة عشرة أيام، خاصة في ظل تفاقم الوضع الوبائي الذي يعلمه الجميع» ..
كما تدفعنا لطرح السؤال : هل ليبيا مستعدة لمجابهة الموجة الثانية من فيروس كورونا ؟
برغم الفساد والتباطؤ المحيط بملف مجابهة فيروس كورونا تتطلع الحكومة وقبلها المواطن لانفراج هذه الازمة والخروج منها لا فاقد ولا مفقود كما يقول الليبيون، لكن برغم التدابير الاحترازية الضعيفة- في مجملها -التي اتخذتها الحكومة مثل حث المواطنين على الإلتزام بارتداء الكمامات واحترام قواعد التباعد الاجتماعي وتقليص عدد الموظفين في مؤسسات الدولة وفرض الحظر الجزئي والكلي والتنقل بين المدن لا تزال الإعداد في ازدياد .
هذا القلق تعيشه كل دول العالم وإن اختلفت شدته من دولة لأخرى، لكنها تشترك في المخاوف الاقتصادية التي قد تصل لحد للإفلاس في بعض الدول، بالإضافة لعدم وجود رؤية واضحة لما سيؤول إليه حال التعليم، والاهم من هذا وذاك هو الخوف من انيهار الأنظمة الصحية في بعض الدول بسبب الخشية من ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس بحلول موجة ثانية من الوباء يتوقع أن تكون هي الأخطر والأشرس لقدومها بالتزامن مع فصلي الخريف والشتاء.
هذه المخاوف نقلناها للدكتور بدر الدين النجار فقال :
لا لسنا مستعدين لمواجهة الموجة الثانية كما كنا غير مستعدين لمجابهة الفيروس عندما وصل إلى ليبيا !!!،
إمكاناتنا ضعيفة من جميع النواحي فمراكز العزل ممتلئة ، ويجب إعادة النظر في إستراتيجية عمل المستشفيات وتحويل إجراء منها لمراكز عزل .
كل هذه العوامل تجعل الكثير يبدي عدم ارتياح لعودة الحياة بشكل طبيعي خاصة في ظل عدم التزام المواطن بالإجراءات الاحترازية كالتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامة، أوروبا فتحت الحياة أمام المواطنين فتفاقم عدد الإصابات وفاقت 40 الف حالة، وكذلك بريطانيا التي قررت فرض الحظر لمدة 4 أسابيع، هذا انذار لنا نحن في ليبيا، يجب وقف هذا الاستهتار والالتزام ثم الالتزام بالأخص في مدينة طرابلس، ففي بعض المدن والمناطق الأخرى الحالات فيها متفرقة برغم حدوث انتشار مجتمعي فيها مثل مصراته و زليتن، لكن في طرابلس الوضع يختلف فهي الأكثر كثافة سكانية وتحتاج إلى إجراءات حقيقية، فيجب قفل صالات الأفراح فوراً وفرض قيود حقيقية في الأسواق وتغريم المخالفين بالقفل .
أما فرض الحظر وإن كان حظر كامل دون تقيد المواطنين به فهو غير ذي جدوى، ومن جهة أخرى فالمواطن غير مستعد لهذا الحظر فالسيولة غير متوفرة وأزمة الكهرباء قد تعود مجدداً في أي لحظه، كما أن أصحاب المحلات التجارية والأنشطة الاقتصادية تضرروا والدولة لم تقدم لهم أي مساعدات، لكن هذا لا يعني أننا لن نوصى اللجنة العلمية بفرضه إن رأينا أن الضرورة تقتضي ذلك فحياة الإنسان فوق كل اعتبار، وهنا يجب على الجهات التي تحمل صفة الضبط القضائي مثل جهاز الحرس البلدي القيام بدورها على أكمل وجه .
بخصوص عودة الدراسة لو استمر الوضع بهذه الكيفية بمعني استهتار المواطن وارتفاع أعداد الإصابات مع امتلاء مراكز العزل فهذه العودة ستكون خطيرة ونتائجها غير مضمونة، أما في فترة الامتحانات فقمنا بوضع الأدلة الإرشادية في المدارس و شكلنا لجان رصد موجودة في المدارس وهي مرتبطة بالبلديات مهمتها التبليغ عن أي تجاوزات أو اشتباه وبناءاً على تقاريرها ستقفل أي مدرسة مخالفة.
مخاوفنا تزداد مع حلول فصل الشتاء فنحن نتوقع ازدياد حالات الإصابة لتشابه أعراض الإصابة بفيروس كورونا مع أعراض الأنفلونزا العادية، ومن جهة أخرى قد تضعف أعراض الأنفلونزا المناعة ويصعب التشخيص ويتوفى المصاب بكورنا .
وكإجراء وقائي نحن في انتظار اللقاح الخاص بالأنفلونزا وسيكون إعطاء اللقاح أو الأولوية لفئات الاختصار وهم كبار السن والمصابون بأمراض مزمنة.
جعجعة بدون طحين
أوامر الإيقاف والقبض كلها خطوات في الاتجاه الصحيح لمحاربة الفساد وإعادة هيبة الدولة، كما أن اللجان التي يشكلها المجلس الرئاسي عقب كل تجاوز وشبهة فساد تؤدي الغرض نفسه، لكننا لم نرى أي نتائج لإعمال هذا اللجان فالمواطن ينتظر تقاريرها المفصلة عن ما حدث وعقوبات رادعة تمنع كل من تسول له نفسه المساس بأموال الدولة، غير ذلك وهو الأهم لا يزال الوضع على ما هو عليه فالمركز الوطني لمكافحة الأمراض وكما جاء على لسان مديره يعاني من نقص الإمكانيات وعدم القدرة على مواجهة الموجة الثانية للفيروس إن حدثت .
فهل نحن مقبلون على كارثة صحية تحت سمع وبصر المسؤولين .
التعايش هو الحال …
أغلب دول العالم غير قادرة حتى الآن للوصول لعلاج لفيروس كورونا إستراتيجية الحرب ضد الفيروس من حرب إبادة وقضاء إلى سياسة وأسلوب تعايش لتعود الحياة إلى طبيعتها، وعليه خفف إجراءات الإغلاق والعزله .
لكن هذا التعايش الذي أصبح واقع محتوما له شروط لكي لا يصبح انتحاراً، أهمها الالتزام بالإجراءات الوقائية والاحترازية مثل البقاء في البيت و التباعد الاجتماعي، وترك المسافات الآمنة بينك وأقرب الناس، والابتعاد عن الأماكن المزدحمة قدر الإمكان وارتداء الكمامات والقفازات، وضرورة الاهتمام بالنظافة العامة، وغسل الأيدي بالماء والصابون . فكلما احترمنا والتزمنا بهذه الإجراءات سينجح هذا التعايش والمقياس هو انحسار الوباء وتناقص عدد الإصابات، فالإنسان أصبح الآن أكثر وعياً بطبيعة الفيروس وطرق التعامل معه والوقاية منه بل هو مطالب بحماية نفسه بالتعاون مع الحكومة، فحتى يتم القضاء على الفيروس باكتشاف لقاح، هو مطالب بالتعايش معه ورفع مناعة جسمه .
فيروس كورونا …
لم ننجح في مواجه الموجة الأولى … هل نفعلها في الثانية ؟هذا البيان كان بمثابة الناقوس الذي نبه لوجود فساد متفش في هذه الأجسام، و الذي انعكس واضحاً على أداء المرافق الصحية في البلاد فلم تقم بالدور المنوط بها في التعامل مع ملف كورونا، مما زاد أعداد الإصابات
المسجلة، ورفع معدل حالات الوفاة، مع تسجيل نقص كبير في المعدات الطبية، وامتلاء مراكز العزل الخاصة بالإضافة لمحدودية أعدادها وقدرتها الاستيعابية . فقد أهدرت اللجان والأشخاص المكلفين بتسييرالميزانية المخصصة لمجابهة كورونا والتي بلغت 847 مليون دينار خُصص منها لجهاز الطب العسكري مبلغ 95 مليون دينار فاتهمهم ديوان المحاسبة بالفساد، وتلقي رشاوى وتضخيم أسعار، وتوريد أجهزة وأدوية لا تستجيب للمعايير المطلوبة .
أوامر بالإيقاف . خطوة جيدة
بناءا على ما سبق ولأسباب أخرى لا يتسع المجال لذكرها صدرت أوامر بإيقاف عدد من المسؤولين عن العمل وإحالتهم للتحقيق في وقائع فساد وسرقة أموال عامة،حيث أصدر ديوان عام المحاسبة في طرابلس قراراً بإيقاف عدد من مسئولي جهاز الطب العسكري التابع لحكومة الوفاق عن العمل لاتهامهم بالفساد واستغلال المناصب والاستيلاء على المال العام بدون وجه.
وقرر إحالة ملفات الأشخاص والشركات المتعاونة معهم إلى كل من المدعي العسكري العام والنائب العام كل حسب الاختصاص.
كما أصدرت النيابة العسكرية الجزئية بطرابلس في الـ 19 من أغسطس أمرا بمنع سبعة من مسؤولي جهاز الطب العسكري من السفر، واستلام جوازاتهم بتهمة إهدار المال العام.
وأعلن المجلس الرئاسي تشكيل لمراجعة نفقات وزارة الصحة خلال السنتين الماليتين 2019 و2020 برئاسة نائب رئيس المجلس الرئاسي عبد السلام كاجمان، وعضوية كل من عضو المجلس الرئاسي وزير الدولة أحمد حمزة المهدي، ووزير المالية فرج عبد الرحمن أبومطاري، ورئيس مجلس إدارة صندوق التأمين الصحي طلال عجاج، ونص القرار على أن تقدم اللجنة تقريرًا بنتائج أعمالها إلى رئيس المجلس الرئاسي خلال 15 يومًا من تاريخ صدوره .
كما أمر النائب العام بإيقاف أي معاملات مالية للجنة المشتريات الخاصة بمجابهة فيروس كورونا .. الفساد وإهدار المال العام ليس مقتصر على المؤسسات التابعة لحكومة الوفاق فقط، فقد سجلت عدة تجاوزات وشبهات فساد في المؤسسات التابعة للحكومة الليبية المؤقتة، فقد سجلت على لجنة الأزمة المشكلة بقرار من رئاسة مجلس الوزراء والتي كان من ضمن مهامها توريد كميات من الاحتياجات اللازمة لمواجهة وباء كورونا شبهة فساد، فقد تداولت وسائل الإعلام وثائق تؤكد توريد مواد ومطهرات مخالفة للاشتراطات الصحية وبمبالغ ضخمة الأمر الذي رد علية ديوان المحاسبة في البيضاء بتاريخ 27 أبريل 2020 بأن إستيراد هذا المواد المخالفة فيه الكثير من أوجه القصور والتجاوزات، وانه تم دون الحصول على موافقة الهيئة العامة للبيئة .
كان المصرف المركزي / البيضاء قد خصص في شهر مارس 2020 مبلغ 300 مليون دينار ليبي لصالح الحكومة الليبية وذلك لمواجهة الاحتياجات الطارئة التي تحتاجها الدولة عامةً وقطاع الصحة خاصةً لمواجهة هذه الأزمة .
كل هذه الأسباب مجتمعة تعزز مخاوف المواطن الليبي من فترة حظر صحي جديدة، إلى جانب أثاره السيئة سواء كانت نفسية أو اجتماعية والتعليمية التي انعكس سلبا على الأطفال وباتت تهدد مستقبلهم في ظل قصور واضح من وزارة التعليم في إيجاد حلول تعالج الوضع الراهن أو حتى تعد بحلول قد يحملها المستقبل .