استيراد البنزين المغشوش أزمة جديدة طفت على السطح وبدأت تتكشف ملامحها والمتورطون فيها وذلك بعد فتح تحقيق من قبل شركة البريقة ومؤسسة النفط.
المصادر أوضحت أن عملية استيراد المحروقات تتم عن طريق مؤسسة النفط وذلك عبر إحدى شركاتها الموجودة بالخارج، ومن ثم تقوم شركة البريقة باستلام الشحنة من أحد الموانئ، إلا أنها تخضع لفحص قبل التفريغ حيث يتم أخذ عينات من الشحنة من قبل مختصين في شركة البريقة التي تعد المسؤول عن استلام شحنات المحروقات.
شركة البريقة تقوم بدورها بإرسال العينات لمركز بحوث النفط للتأكد من مطابقة الشحنة للمواصفات وأنها خالية من العيوب والشوائب، ومن ثم يتم تفريغ الشحنة وتوزيعها على الشركات الناقلة مثل الشرارة وغيرها.
مما سبق يمكن التأكد من أن لجريمة استيراد البنزين المغشوش عدة أطراف متورطة، وهم أشخاص من مؤسسة النفط قبلوا بتوريد شحنات غير مطابقة للمواصفات سعيا للحصول على استفادة مالية، وأيضا أشخاص في شركة البريقة تمكنوا من التواطؤ مع مؤسسة النفط ومع أطراف أخرى في الموانئ لتفريغ الشحنات دون تحليلها والتأكد من سلامتها.
بدأ العمل من هنا على كشف ملابسات الجريمة التي تسبب أضرارًا لآلاف السيارات منذ أشهر..
المسؤولون المتورطون
التحقيقات كشفت الرأس المدبر لجريمة استيراد البنزين المغشوش، وإحدى الشركات الناقلات المخصصة في نقل الوقود.
البحث وراء جريمة استيراد البنزين المغشوش كشفت تلاعب في عدد من الشحنات وكمياتها وجودتها بل وسرقة جزء كبير منها في عرض البحر.
المصادر أوضحت أن ليبيا كانت تستورد من المصافي مباشرة حوالي 7 شحنات شهريا من البنزين قبل عام 2011، فيما كانت توفر باقي احتياجات السوق المحلي من مصافي الزاوية وطبرق والبريقة وراس لانوف.
لكن الانفلات الأمني والتهريب زاد من الطلب على البنزين، ما أجبر الدولة على استيراد أكثر من ضعف الكمية التي كانت تستورد سابقا كل شهر.
من هنا فتح باب الفساد وتمكن أحد المسؤولين بالتسويق في مؤسسة النفط من التلاعب، وبدأ البحث عن شركات أجنبية موردة يكلفها بجلب شحنات بنزين مقابل حصوله على عمولات بعشرات الملايين من الدولارات.
رداءة الشحنات الموردة والشوائب فيها، كانت واضحة لدرجة أن يتم كشفها منذ فترة، ومع ذلك لم يكن ذلك رادعا ومصدر قلق للتوقف عن الاستمرار في هذا التلاعب، أو حتى البحث عن شركات توفر البنزين بجودة أفضل.
وحول أزمة استيراد البنزين المغشوش علق أحد أعضاء مجلس النواب في تدوينة له على صفحته على فيسبوك متسائلاً: هل هناك وقود أو بنزينه مغشوشه ؟؟.
وقال النائب :
(من الامور التي اثارت فضولي ومتابعتي لموضوع الوقود المغشوش هو كيف كان الغش، هل هناك تغير في مواصفات المنتج ؟ هل تم اخذ عينة من عدة محطات توزيع الوقود وتم تحليلها؟ ما نوع الثلوت او الغش بالوقود هل تغير في رقم الاوكتين ؟هل تم اضافة رصاص لرفع الرقم الي 95 ؟ هل المننج به رصاص ؟).
وأضاف أنه يجب الإجابة عن هذه التساؤلات أولا ليكون التفكير منطقيا وعقليا “وبالأخير هل هناك ماء بالوقود؟ “..
وذكّر بما كان يتم قبل 2011، قائلا “حسب الاجراءات التي كان معمولا بها ايام الادارة الوطنية، فانه لابد قبل شحن اي منتج من الخارج من وجود مفتش محايد يقوم بالتفتيش على الشحنة وتحديد نوعيتها وبعدها يتم الشحن، وكان التعاقد سابقا يتم مع مصافي معروفة ولها تعاقدات من زمن طويل مع التسويق الدولي وهي مصافي موجودة بايطاليا واليونان وهي شركات مشهود لها بالكفاءة وحسن السمعة مثل شركة الاجيب وشركة سارس الايطاليتين وموتوراويل باليونان، اما ان التعامل مع التجار والسماسرة في مجال توريد المنتجات للسوق المحلي فكان مرفوضا رفضا مطلقا من قبل الادارة العليا بالقطاع وذلك حرصا علي توفير حاجة المواطن من بنزين واسطوانة غاز.
وأكد أن ذلك “كان من اوليات السياسة النفطية حرصا علي توفير المنتجات والالتزام بالمواصفات المطلوبة”.
أزمة استيراد البنزين المغشوش كانت موضع اهتمام المختصين فقال بعضهم “إنه مقابل كل 200 لتر من البنزين المغشوش الممزوج بالميثانول، يلزم 800 لتر من البنزين بجودة عالية حتى تتم عملية المزج”.
أزمة استيراد البنزين المغشوش ستظل قائمة إلى أن تجد طريقها للنائب العام ويشرف على التحقيقات ويقتص من الجناة.
منصات التواصل الاجتماعي
تداولت عدد من صفحات التواصل الاجتماعي ومواطنين أخباراً تفيد بوجود (بنزين مضروبة) بطرابلس تسببت في توقف عدد من السيارات بطرابلس .
من جهتها نفت شركة البريقة لتسويق النفط ذلك خلال بيان نشرته.
وأكدت أنها أخبار عارية عن الصحة ، مع تنويهها بأنه المسؤولة وتضع كافة مستنداتها الخاصة بإستلامها ونتائج تحليل منتجاتها مع مطالبتها من ذوي العلاقة مراقبة عمليات تنظيف خزانات المحطات التي تخزن فيه الوقود بنوعية البنزين والديزل وذلك لاحتمال وجود ترسبات نجمت جراء عمليات التفريغ داخل المحطات أو تأكل خزانات البعض الأخر بالاضافة لعدم اعطاء البعض مدة الاستقرار اللازمة قبل اعادة عملية التعبئة للسيارات.
وفي منشورٍ لأحد المدونين هاجم خلاله شركة البريقة وقدم شكوى ضدها لدى الأمن الداخلي مع مطالبته المواطنين الكتابة حيال ما حدث معهم بالتفصيل بالخصوص .
كما قال: البنزينة أمن قومي من استوردها أو فكر بتوريدها مغشوشة لهذا الشعب عقوبته خيانة عظمى، لأنه يحاول يشل حركة المواطنين والدولة ويسرق الشعب ويدمرهم نفسيا وماليا.
وتابع بالقول: الغذاء، الصحة، الماء، التعليم، الطاقة ومصادر الوقود والكهرباء، الاتصالات، كل هذه الأشياء أمن قومي، من يحاول المتاجرة فيها أو غش الشعب فيها يجب أن يسجن..
وأضاف قائلاً : بلاغ إلى كل وطني وجهاز أمني ورقابي، التحرك للتحقيق في هذا الشأن، وهو شيء خطير وإلا سيكون لدينا منزلق خطير جداً مثل الكهرباء.
خبراء السيارات
أكد عدد من خبراء السيارات أن الغش فى نوعية البنزين يقلل من كفاءة أداء المحرك، بل ويقضي على المحركات سريعاً وخاصة محركات السيارات الحديثة.
وضع صانع السيارة معايير معينة عند التصنيع لجعل المحرك يعمل بأعلى كفاءة فى ظروف تشغيل خاصة وبنوعية أوكتين معينة، وأن عدم استخدام نوعية البنزين المقررة من الصانع والموجودة فى الكتيب الموجود مع السيارة أو المكتوبة عند خزان البنزين، يؤدى إلى أضرار عديدة بالمحرك، أولها تقليل كفاءة المحرك وتقليل العمر الافتراضى لأجزاء كثيرة من المحرك بشكل عام، ومع الاستخدام المتكرر لنوعية البنزين المختلفة أو المغشوشة التى يجب أن يعمل بها المحرك يؤدى إلى تلف أجزاء معينة من المحرك، منها تلف الأسطوانات والبساتم ثم بعد ذلك تلف المحرك تماماً، وبتنوع أساليب الغش فى نوعية البنزين ما بين إضافة مادة الكيروسين أو المياه على البنزين أو خلط نوعية بنزين 95 و92 أو 80 و90 ومع وجود طرق عديدة أخرى فى الغش يجب زيادة الرقابة من الأجهزة المعنية على منافذ بيع البنزين بداية من معامل التكرير إلى محطات البنزين وتفعيل معامل التحليل الجيدة.
وأشار إلى أنه يجب صيانة خزانات البنزين الموجودة أسفل المحطات وتنظيفها بشكل دورى لوجود رواسب أسفل هذه الخزانات من شأنها أن تؤثر على جودة البنزين وبالتالى على محركات السيارات.
وقال أحد مديرى إحدى شركات السيارات اليابانية، إن استخدام «أوكتين» أقل من المفروض استخدامه فى السيارة يؤدى إلى تلف أجزاء دقيقة بالمحرك منها الحساسات وطلمبة البنزين والفلاتر، التى تكلف العميل أموالاً باهظة وخاصة فى السيارات غالية الثمن، ويلجأ بعض من مستخدمى السيارات لوضع إضافات على البنزين لتحسين جودة البنزين وبالتالى زيادة كفاءة المحرك لعدم ثقتهم فى نوعية البنزين الموجودة فى المحطات.