هل هناك ليبيون من دون أرقام وطنية ؟
مَنْ هم ؟ أين يعيشون ؟ كيف وصل بهم الحال لما هو عليه ؟
ما هي قصتهم ؟
(فبراير) تفتح ملفهم وتتلمس خيوط قضيتهم، البداية كانت بحراك انتظم خلال المدة الماضية بمشاركة أعيان وشيوخ قبائل وطلبة ومنظمات مجتمع مدني من الجنوب الليبي ، حراك يقول القائمون عليه أن أهدافهم سلمية وتتمحور في المطالبة بحقوق أهمها الحصول على الرقم الوطني .
حراك «لا للتمييز » ربما بما يكون هذا الموضوع رغم أهميته القصوى ذا أهمية كبيره عند شرائح معينة من المجتمع الليبي .
(العائدون من المهجر) حسب ما صنفتهم قرارات اللجنة الشعبية العامة سابقاً، هم شريحة لهم حقوق وواجبات أيضاً، حقوق يجب أن تطالهم و واجبات عليهم تأديتها، أن يسجلوا في سجلات وقوائم السجل المدني الليبي أهمها حتى يكون وجودهم في المجتمع الليبي بصيغ قانونية ثابتة واضحة .
صحيفة (فبراير) من منطلق هذه الأهمية التي تخص المجتمع الليبي بالكامل ارتأتْ الخوض في تفاصيله وجزئيته التي ستضعنا بإذن الله أمام حقائق هذه الإشكالية.
هذا الحراك طالب مريدوه بأحقيتهم في أن يكونوا ضمن أفراد المجتمع الليبي الذي يمنحهم أحقية المطالبة بحقوقهم المشروعة داخل وطنهم، ولا ننسى أن نَّنوه بأننا سنتواصل مع هذا الموضوع في إجراء لاحقة مع مسؤولين في مصلحة الجوازات والجنسية ومصلحة السجل المدني المسؤولون مسؤولية مباشرة عن منح هذه الأرقام .. وللتعرف على تفاصيل هذه الإشكالية من خلال لقائنا معه .
بكل تجرد أو اصطفاف نفتح الملف :
تحقيق
إيهاب الطرابلسي
مَنْ أنا في وطني – أوباري نموذجاً
مدينة أوباري تلك المدينة التي تمتاز بالتنوع السكاني سكانها من العرب والطوارق والتبو، فهي مدينة مهمة في الجنوب الليبي وجزء لا يتجزأ من ليبيا ولكن سكانها يعانون الأمرين لأنهم لا يمتلكون الرقم الوطني، يعيشون «بالرقم الإداري»، وهم بسببه محرمون من حقوقهم…
الحكاية بدأتْ من ستينيات القرن الماضي انتقالاً إلى حكم نظام القذافي ففي عام 1985 كانت هناك قرارات من اللجان الشعبية فيما يخص الطوارق بتسهيل الإجراءات لسكان الجنوب لاستخراج شهادات الميلاد وعلم وخبر شهادة من المحلة وغيرها من الأوراق الثبوتية، كانت هناك ووعود بأن يكون لهم مستقبل كبقية الليبيين من دون تمييز أو اعتداء على حقهم في العيش في وطنهم أسوة بإخوانهم الليبيين، واستمر الحال على هذا المنوال إلى أن سقط حكم القذافي ومع تعاقب الحكومات جدَّد هؤلاء الليبيون مطالبهم على أمل أن يجدوا من يفي بالوعود التي وعدوا بها طيلة السنوات الماضية ولكن كان الأمر تطور من سيئ إلى أسوأ و استغلال غضب الأهالي لبث الفتنة والفرقة بين الليبيين ومن هنا انطلق حراك (لا لتمييز) للمطالبة بحقوق الأهالي الجنوب وأهمها الرقم الوطني الذي حرموا بسبب عدم امتلاكه من بقية حقوقهم وهي:
1 – جواز سفر
2 – امتيازات الصحة والقطاع العام التوظيف و الإدارة
3 – حق التصويت في الانتخابات
4 – حق العلاج في الخارج للمرضى وجرحي الحروب
5 – حق الدراسة في الخارج للمتميزين
6 – المعاملات المصرفية فتح حساب جديد واستخراج بطاقات أرباب الأسر وشراء العملات الأجنبية
7 – حق التعليم في كليات الطب والنفط و العسكرية
لذلك نظمت الصفوف ووحدت لمحاربة العنصرية والمطالبة بالحقوق لضمان مستقبل أكثر وضوحاً .
حراك لا للتمييز
تواصلنا مع الأستاذة خديجة عنديدي احد منظمي حراك لا للتمييز.. ليبيا تجمعنا” لسؤالها لماذا انطلق الحراك في هذا الوقت بالذات ؟
حالة الغضب والتململ تسكنننا منذ سنوات ، لكن ننتظر على أمل أن تلتفت الدولة لمطالبنا لكن ما فأقم الوضع وعجل بالحراك هو المعاملة السيئة من مدير المعهد الصحي بالمدينة حيث تعامل مع الطلبة بالتمييز العنصري ، حيث قدم للطلبة مستند مزور بطلب منه يقرون فيه ويتعهدوا بعدم المطالبة بالتعيين بعد التخرج أو يتم فصلهم من المعهد الصحي وهو تصرف غير قانوني و وهو لا يمتلك أي شرعية تبيح له التصرف بهذا الشكل ، ولم يتلقي اي أمر من الجهة التي يتبعها بالتصرف بهذه الطريقة ، لذا وبعد هذا الموقف أصبحت القضية قضية رأي عام في منطقة الجنوب الليبي ، خاصة وان المنظمة تواصلت مع جهات الاختصاص متمثلة في وزارة الصحة و وزارة التعليم ( وتم التأكد من عدم صحة المستند المقدم ) .
س / هل الحراك سلمي ؟
نعم الحراك سلمي بل جاء لتهدئة الأوضاع و حماية السلم الاجتماعي و للمطالبة بعدم التمييز و استكمال الإجراءات القانونية لحمايتنا في المستقبل من أي تلاعب ، و اوكد هنا الحراك سلمي و لن يكون إلا سلمي و الحراك غير مسؤول عن أي إنسان يقوم بتصرفات عنيفة أو تهدد الأمن والسلم ، نحن قررنا المطالبة و سوف نطالب بحقوقنا بطريقة سلمية و قانونية .
من المنظم لهذا الحراك ؟
الحراك تنظمه وتشرف عليه تنسيقية مكونه من مجموعة شباب من مؤسسات المجتمع المدني و من المشايخ و أعيان بعض قبائل الجنوب الليبي .
ما هي مطالبكم الحراك ؟
أهم مطالبنا العدل والمساواة و إنهاء التمييز و إخراج الناس من السجلات المؤقتة إلي سجلات دائمة، إما مواطنين ليبيين إما أجانب ، بالإضافة لوضع حد للظواهر السلبية والعنصرية التي تهدد السلم الاجتماعي .
إلي متى يستمر الحراك ؟
الحراك سيتمر إلي أن تتحقق مطالبات الأهالي و سنقوم بتشكيل لجنة لمتابعة الحراك و التنسيق مع الحكومات والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان .
هل هناك تنسيق مع المجلس البلدي أوباري ؟
نعم قبل انطلاق الحراك تم التنسيق مع المجلس البلدي اوباري وبالفعل حضور أعيان يمثلونه كما حضر أعضاء من المجلس الاجتماعي طوارق ليبيا و عدد من مؤسسات المجتمع المدني و نشطاء و طلبه ، الحضور مثلوا أوباري و الوادي .
هل كان هناك موافقة من قبل الجهات المعنية للخروج في مظاهرات ؟
نعم خرجنا بعد أن تحصلنا على الموافقة من مدرية الأمن و الغرف الأمنية المسؤولة عن الأمن بالمدينة .
البلدية تنفي والصور تؤكد
وبتواصلنا مع عميد بلدية أوباري احمد ما تاكو ذكر أن البلدية ليس لديها أي علاقة بالحراك أو أي أمر سياسي وأكد قائلاً : نحن جهة خدمية فقط نقدم الخدمات لأهالي المدينة ، وبخصوص هذا الحراك و لم تتم استشارتنا و ليس لدينا أي خلفية عن هذا الموضوع ، فقد سمعنا عن الحراك من الإعلام فقط ، و بسؤاله عن حضور البلدية كما صرحت الأستاذة خديجة عنديدي أفاد : انه لم يكن يمثل البلدية أحد في الحراك و ان هذه المعلومات مغلوطة ، وأضاف : يمكن أن تكون هناك بلديات أخري و لكنها ليست بلدية أوباري .
هنا كان يجب الرجوع إلى الأستاذة خديجة عنديدي فقد أبدت استغرابها الشديد من تصريحات عميد بلدية أوباري المتناقضة حسب وصفها و أصرت على حضور البلدية و كان هناك صور من مقر بلدية أوباري بخصوص الحراك أيضاً صور لعميد بلدية أوباري في اجتماع للجنة حراك لا للتمييز تجمعه بأعيان المجالس الاجتماعية كما كانت هناك كلمة نائب المجلس البلدي أوباري الأستاذ سالم الجرماوي .
للسجل المؤقت لحاملين الرقم الإداري رأي تواصلنا مع السيد محمد كوري موظف في السجل المؤقت لحاملين الرقم الإداري للحديث عن الحراك و رأيه في القضية فقال :
أستاذ محمد ما هي أهم الصعوبات التي يواجهها أصحاب الرقم الإداري بصفتك موظفاً في السجل المخول قانونياً بتسيير وتسهيل إجراءات هذه الشريحة من الليبيين ؟
هناك عديد الصعوبات يواجهها هؤلاء الليبيون داخل وطنهم منها :
1 – عدم تمكينهم من إدراج أبنائهم في السجلات.
2 – عدم شطب الوفيات.
3 – عدم شطب المتزوجات والمطلقات
4 – الأطفال الذين لم يتم إدراجهم في السجلات لن يتم استقبالهم في الدراسة العام المقبل.
ماذا إذا كان هناك حالة ولادة هل يتم تسجيلها رسمياً أم كرقم إداري فقط ؟
حالياً يتم تسجيلها في سجل المواليد ويتحصل على صورة طبق الأصل لواقعة الولادة، لأننا لا نستطيع إدراجه في المنظومة لأنها مقفلة منذ سنة 2014 لذلك نطلب من المسؤول عن المولود الاحتفاظ بصورة المستند طبق الأصل ليتم إدراجه في المنظومة عندما تتوفر.
ما رأيكم في حراك (لا لتمييز) هل تعتبرونه حقاً مشروعاً أم تجاوزاً للقانون ومؤسسات الدولة ؟.
هؤلاء ليبيون ولديهم كامل الحق في المطالبة بحقوقهم، نحن ندعم الحراك ونوافق على ما جاء فيه لأن هناك إجراءات كثيرة يجب تعديلها.
قالوا عن الحراك :
السيد مولاي قديدي رئيس المجلس الاجتماعي الأعلى لطوارق ليبيا : إن كل من يحمل رقماً إدارياً هو محرومٌ من ابسط الحقوق لا يستطيعون السفر أو مواصلة دراستهم بالخارج أو حتى تأدية مناسك الحج لعدم وجود جوازات سفر، وهذا حال أبناء المدينة للأسف.
زهرة العافية طالبة بالمعهد الصحي بمدينة غات : أعربتْ عن قلقها الشديد تجاه مصيرها بعد التخرج، فالمستقبل مجهول بالرقم الإداري مع عشرات الآلاف فكيف ستواصل حياتها دون وظيفة تقتاتُ منها والرقم والطني يضمن لها العيش الكريم في وطنها.
الخاتمة
هذا رأي أحد أطراف القضية، ماذا سيقول مسؤولو السجل المدني والجوازات والجنسية في هذا الموضوع هذا ما سنفرد له مساحة أخرى عبر صحيفة (فبراير) .