فرنسا الحرة ليست تحررية
محمد بن زيتون
يقولون فرنسا بلد النَّور والحرية هذا ما يروج له المتفرنسون المحبون لفرنسا حتى النخاع بل يتمنون أن يتحصلوا على جنسيتها كذلك تجد المغاربة من تونس حتى المغرب يتكلمون الفرنسية بطلاقة تامة فقد تظن نفسكَ في قلب باريس من أحاديثهم بلغة فرنسية قُحة وكأنهم فرنسيون أباً لجد بل من لا يفهم الفرنسية لا يعد مثقفاً وذلك من إرث الاحتلال الفرنسي طويل الأجل لعقود.
فرنسا أحتلت ثلث العالم وجتاحت قارات ودولاً كبيرة لاستخرابها وما يزال «نابليون بونابرت» رمزها الغازي المحتل العظيم والذي يتوق إليه معظم الفرنسيين اليوم؛ فهي رغم ادعائها دعم حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية إلا أن ما في النفوس يناقض ذلك تماماً فهي ارتكبت مجازر مستمرة في إفريقيا وآسيا وبلاد المغرب العربي الكبير والتي مازالت الشواهد حاضرة على حقدها ضد الإسلام والمسلمين والتي حاولت فرنستهم بكل الوسائل والسبل وأسالت دماءً بقدر أنهار في كل حدب وصوب فقتلت الملايين ورغم أن هذه الدول تحصلت على استقلالها إلا أن آثار هذه الجرائم مازالت عالقة في أذهان الشعوب التي ناضلت طويلاً لحقبات وقرون، وعدم تقبل باريس لمبدأ الاعتذار عن هذه الجرائم والحقبات الاستخرابية يدل على عدم الندم على ما ارتكبته من جرائم دولية كبيرة وإبادة جماعية عرقية حتى اليوم .
الثورة الشعبية الفرنسية تفجرت سنة (1789 م) التي أطاحت بعروش الطبقات الاستقراطية والإقطاعية الظالمة المسنودة بحكم الكنيسة التي كانت قرون طويلة تحكم باسم الرب وتنصب الأسرة الملكية كظل الله في الأرض والتي تمص دماء الشعب الفرنسي وأثرت الكنائس ثراءً فاحشاً من العطايا والضرائب والمكوس والاستيلاء على ثروات وأملاك الفقراء والطبقة المتوسطة باسم الدين والرب وتحت حماية الأسرة المالكة الوارثة للحكم مدى الحياة وحياة أبنائها وعلى مدى قرون طويلة من الظلم والاستعباد، وهذه الثورة غيرت أوروبا القديمة والعالم بأسره في تقليد العلمانية المتطرفة والتي لا تؤمن بالدين وتعتبره أفيون الشعوب.. كان إبان الثورة يساق الملوك والأمراء والقادة والأسر الحاكمة إلى المِقصلة بعد محاكمات شعبية صورية ميدانية هزلية وتقطع رؤوسهم بكل سهولة حتى استمرت الثورة الفرنسية تحت حكم الثوار لمدة طويلة بلغت عشر سنوات ثم حكمت بانقلاب عسكري ودارت الدوائر على الثوار فسيقوا للمقصلة جميعاً.
مرت خمسون سنة قبل أن تستقر أمور الدولة ويجد الفرنسيون نظاماً ديمقراطياً يرسخون به مباديء الحرية والمساواة القانونية .
اليوم يتوق الفرنسيون المتطرفون ومنهم «ماكرون» إلى عودة الاحتلال والسيطرة على مقدرات الشعوب الضعيفة والمسلوبة الإرادة من قبل حكامها المنقلبون مثل مالي وتشاد وغيرهما التي تدور في فلكها مباشرة كما تدير السياسات بالضغوط الدولية لكثير من دول المنطقة كانت تحت سيطرتها سابقاً وتحيك الدسائس والفتن والإنقلابات حتى تحظى بقادة يلبون مطامعها الهائلة وقد وجدت اليوم ضالتها في المنقلب حفتر فدعمته بالسلاح والسياسة وراهنت عليه ودول أخرى تقدم له الدعم المالي والعسكري والمعنوي والدعم السياسي في مجلس الأمن باعتبارها دولة تملك حق النقض، بل وهي تدعم الدول التي تعادي الإسلام والمسلمين في كل مكان وقد سبق وأن شنت الحملات الصليبية المستمرة ضد الإسلام والمسلمين بالتعاون مع بريطانيا في عصور خلت واليوم تارة تساند بالسلاح والقوات والمعلومات الإستخبارية اليونان ضد تركيا في مشكلة ثروات البحر الأبيض الاقتصادية المتآخمة لتركيا وليبيا ومصر ثم تهرول ضد أذربيجان المسلمة بمساندة أرمينيا التي تحتل منطقة «ناقورني كارباخ» الغنية بالمعادن، وتبيع الأسلحة للدول العربية التي تقاتل نيابة عنها دول الربيع العربي وهي التي تساند دويلة الاحتلال الصهيوني دائما ضد الفلسطينين العزل والمكافحين من أجل تحرير بلدهم .. فرنسا لا يؤتمن جانبها وإن ظهر عليها وجه طيب فهو قناع يخفي القبح والتآمر والحقد الدفين,وقد ظهر ذلك اليوم في خطاب الكراهية لرئيسها «ماكرون» بعد أغتيال مدرس أساء لرسولنا الكريم برسومات مسيئة فبدأ بصب جام حقده على الإسلام والمسلمين ولابد من رد فعل من العالم الإسلامي كله بمقاطعة المنتجات الفرنسية وعدم شرائها وذلك أقل ما يمكن فعله في ظل خنوع الدول العربية وعدم قدرتها عن التنديد وسحب السفراء.