في بيئات الحروب والاشتباكات يتعرض الأطفال لظروف الحرب القاسية بشكل مباشر من خلال قصف بيوتهم أو هدمها، أو خطف، أو قتل ذويهم. أو بشكل غير مباشر من خلال مشاهدتهم لظروف الحرب على التلفاز، وغالبًا ينتج عن ذلك آثارًا سلبية على سلوكياتهم وصحتهم الجسمانية والنفسية تستدعي منا وقفة جادة.
فعلى سبيل المثال، يزيد عند الأطفال في مثل هذه الظروف ميل شديد للعنف، وتغير عام في المزاج، والشعور بعدم الاستقرار، واضطرابات النوم والقلق والكآبة، والحزن، والخوف، وعدم المبادرة والتردد، وتشتت الذهن، وضعف الذاكرة، والتذكر خاصة تلك الأمور المتعلقة بالدراسة والمدرسة.
وتظهر لديهم أيضًا مشاعر القلق، والخوف، ومشكلة التبول اللا إرادي. وأحيانًا نتيجة الخوف يفقدون قدرتهم على التعبير بالكلمات فيعبرون بدلاً عن ذلك «بالتأتأة» والبكاء.
وحسب إحصائيات اليونسيف لسنوات سابقة فإن حوالي 378000 طفل ليبي بأمس الحاجة إلى الرعاية النفسية والإجتماعية.
وهنا في مثل هذه الظروف الصعبة يستوجب تذكير الأهل والمعلمين وتوعيتهم بأن أطفالهم «أماناتهم» وهم بأمس الحاجة لمن يتعامل معهم بمفاهيم الدعم النفسي سواء في المنزل أو المدرسة، فهم يمثلون الفئة اللي تجعلهم أكثر عرضة من الفئات الأخرى للأزمات النفسية.
كيف نساعد أطفالنا للتغلب على مثلِ هذه الآثار؟
1- نتمنى من الأهل الاهتمام بتوفير الأمان والحضن الدافئ للأطفال، وترسيخ الشعور بالحماية لهم وطمأنتهم على الدوام.
2- التواصل والحوار البنّاء بين الأهل والأبناء يساعدهم على استعادة ثقتهم بمحيطهم، وإعطائهم تفسيرًا منطقيًا للواقع الذين وُجدوا فيه وعدم إعطائه أكثر من حجمه الحقيقي، وسرد قصص لهم عن أطفال في أوضاع متشابهة تغلبوا على خوفهم وواصلوا حياتهم بنجاح. والتحدث معهم عن الأوضاع التي تخيفهم وعن أمنياتهم وأحلامهم المستقبلية مع الإصغاء لهم بشكل جيد. كل ذلك سيساعدهم على التصدي لمخاوفهم والرفع من همتهم والتفاؤل بمستقبلهم.
3- تشجيعهم على الاستفادة من أوقاتهم الثمينة واستثمارها في الدروس العلمية وفي تنمية مهاراتهم وقدراتهم؛ مما يعزز ثقتهم بأنفسهم ويشغلهم عن محيطهم المربك ويخفف حدة التوتر والضغط النفسي لديهم.
4- في حال كان الأطفال في المدرسة مهم جدًا تشجيعهم على مواصلة الأنشطة الاعتيادية في المدرسة كالرياضة والأنشطة التطوعية والإذاعة المدرسية، وخلق البدائل لها إن لم يتمكن الطفل من ممارستها.
5- في حال حدوث أي شيء غير متوقع، يرجى من الأساتذة والمعلمين التصرف بحكمة مع الموقف وإبعاد الأطفال قدر الإمكان عن مكان الخطر وتهدئتهم وطمأنتهم وعدم تركهم لوحدهم كما حدث للأسف في الكثير من المدارس.
6- تنمية الإحساس بالآخرين لدى الطفل، كزيارة الأطفال لزملائهم المتأزمين من الحرب، حيث أن أفضل دعم نفسي يقدمه طفل لطفل آخر ومشاركة الأطفال مع بعضهم البعض في القيام بأعمال ونشاطات صغرى تقوي إحساسهم بالكفاءة والثقة بالنفس وتساعدهم على تحسين مزاجهم.
7- المطالعة والقراءة من قبل الأهل والمعلمين عن التربية وبيئة الحرب السيكولوجية وكيفية التعامل معها، بإمكانكم الإطلاع مثلاً على كتاب (تأسيس عقلية الطفل) و كتاب (الصحة النفسية للطفل) وغيرها من الكتب المفيدة.
ونتمنى أن يكون هناك تعاون بين المدرسة وأهل الطفل في إيجاد حلول للتعامل مع هذه الآثار وتبادل الأفكار والخبرات،
خاصة على الجانب المعرفي لتجنب التأثيرات السلبية على تحصليهم الدراسي.
كيف تحمون أطفالكم من تأثيرات الحرب؟