الحاج رمضان ميزران.. أمين مازن
الجزء الأول
تَرَاهُ إذَا مَا جِئْتَهُ متَهَلِّلًا
فاز الحاج رمضان ميزران بعضوية المجلس التشريعي في هيئته الثالثة في ما يشبه التزكية، إذ لم يتحمس لدخول المجلس في هيئتيه السابقتين لقوة تأثره على ما يبدو بالتوجه السياسي الوحدوي الذي رأى في المجالس التشريعية نوعاً من التخلّي عن الخيار الوحدوي الذي تبنّاه حزب المؤتمر الوطني و الذي ما كان للسيد البشير السعداوي أن يتزعمه لولا ذلك الزخم الذي اكتسبه باندماج الحزب الوطني معه بعد أن أسسه في وقتٍ سابقٍ السيد مصطفى ميزران و عدد من أعيان المدينة بعد اندحار إيطاليا الفاشية و شروع العناصر الوطنية في حراكها الساعي لإستقلال البلاد تأسيساً على طرح مصير المستعمرات عقب انتهاء الحرب و ارتفاع شعارات الإستقلال في أكثر من قطر خضع للإستعمار و صار متاحاً له أن يتطلّع لإستقلاله إذا ما أصرّت على ذلك قياداته الوطنية، و في تلك الأجواء كان خيار أعيان المدينة منصرفاً إلى مجلس النواب حيث كان السيد مصطفى ميزران في مقدمة من ضفر بعضويته في المدينة عندما اكتفى بموقف المعارض في المجلس المذكور طوال الدورات الأربع فاستحق أن يكون أبرز رموز الرفض بالنسبة لجيل الآباء حتى كانت الهيئة التشريعية الثالثة و بعد أن تبين من الدورتين السابقتين إمكانية القيام بالحد الأدنى من المساهمة الإيجابية من خلال عضوية هذه المجالس و لا سيما عند تقلّد بعض حَسَنِيّ السمعة للمسئوليات الإدارية و قد كان من بينهم يومئذ السيد نجم الدين فرحات المشهود له بالترفّع عن السفاسف و الإنحياز غير المطمئن، و في ذلك الجو خاض الحاج رمضان معركة الفوز بمقعد دائرة الظهرة في تلك الإنتخابات و كان أن فاز فيها بأغلبية غير مستغربة لما عُرِفَ عنه من قوة الشعبية و التي طالما ظهرت في فوز كل من يقف إلى جانبه من المرشحين، إنه الفوز الذي حظي بارتياح عديد الأطياف الوطنية التي بدأت تتلمس يومئذ طريقها للتحرك و المشاركة الجادة فعرف ذلك المجلس عدداً من المشهود لهم بالتحرك الوطني و المجاهرة بنقد بعض الممارسات المشبوهة إدارياً و سياسياً على السواء فعرف المجلس إلى جانب الحاج رمضان أمثال عبد الله شرف الدين و الهاشمي بوخلال و علي الديب و عبد الله الإدريسي و محمد مصطفى عراب و محمد دخيل و سالم شيته و غيرهم فضلاً عن أصحاب المواقف الفردية إزاء الدوائر التي أفرزتهم و حشدتهم للذود عن مصالحها الخدمية و قد أقول لصراعاتها المحلية، كما كانت لهم جهودهم المجتمعة ذات الأثر الملحوظ للولاية ككل، و كان الحاج ميزران دوماً صاحب القلم الجاهز للتوقيع على أي مقترح يتعلق بمعالجة نقص من النواقص مذ أدرك أن دور المشجع لا يقل أبداً عن صاحب المبادرة و بالذات فيما يتعلق بنشاط المجالس ليس فقط عل مستوى الإقتراحات التي لم يُقصّر إزاءها يوماً كلما حضّه كل ذي دراية و موضع ثقة و قل مثل ذلك عن طلبات المناقشة أو التصويت الذي يعقب الإختلاف ويتطلب الوقوف إلى جانب الموقف الرافض و المُنزّه عن نقيصة التقرب إلى السلطة،