الساعة الحادية عشر بتوقيت اللصوص
قصة
رضوان بوشويشة
جلس في مقهى على ناصية الطريق الخراب بين مصرف ليبيا المركزي وبرج الساعة. طلب قهوة وزجاجة ماء، وتقنفذ على نفسه يفكر:
…على باشا الجزائر ي الذي أمر بتشييد برج الساعة…
…مصرف ليبيا المركزي الذي كان برجا يسمى برج المجزرة…
…الكورنيش الطرابلسي الجميل المدمك تحت الحجر والتراب من سيدي الشعاب إلى سيدي عبد الوهاب…
…مرت سيارة ذات دفع رباعي واثارت الغبار …
…شيخ مديد القامة يمسح الغبار عن
عينيه الجاحظتين بطرف جرده النالوتي ثم تنأنأ بأسى لعجوز محجبة: “الحمد لله أنا كملت عمري”.
نبست: “يا ويلهم من ربي!”.
…توقفا أمام بائع متجول يعرض أحذية “سكاي” المصنوعة من القمامة في الصين.. ثم توقفا قليلا عند بائع عطور مقلدة أمام سوق القزدارة الضاج…
…من الحديقة الخلفية لمصرف ليبيا المركزي حضرت فراشة مزخرفة بألوان البحر والجبل…
…رفرفت حول رأسه ثم حطت على كتفه ونبأته:
“الليلة في الساعة الحادية عشرة سيحلم لصوص المال العام في ليبيا بيوم الحساب الدنيوي _ _ ما قبل الأخروي.. ويرون في توافقات التزامن بين أحلام اليقظة والنوم
ما لعين رأت.. وما لأذن سمعت وما لم يخطر على قلب بشر.. فلا يعلمون أقدامهم من رؤوسهم ولا روؤسهم من أقدامهم _ _ يساقون كالأسرى، يتدلدلون عبر بوابة كتب عليها ما كتب على ورقة الدينار الليبي ” ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل”…
…الآلاف وراء الآلاف يحاكمون أمام
أرواح الأولياء والشهداء ورجال الله الصالحين.. ويتهمون بأنهم “سبب الفقر والفساد في مجتمع متخلف يعيش في القرن الرابع عشر”..
فيعضون بأسنانهم على أيديهم..
.. الليلة ليلتهم القاصمة”.
…رجعت السيارة ذات الدفع الرباعي…
…طارت الفراشة تتأوه في الغبار:
“بقية القصة عند اللصوص..
بقية القصة عند اللصوص”.
شتاء 2008
الكدوة زنقة كحيل، باب البحر – طرابلس القديمة