صديقي بيار..!!
حافة العشق
الناجي الحربي
اذكر في مطلع الثمانينيات كنتُ موفدًا إلى جمهورية اليونان للدراسة.. كانت وقتها تزدحم بالسائحين والباحثين عن الهجرة.. وأغلبهم من العرب التائهين في كوكب الأرض.. في الجامعة التي ادرس بها تعرفتُ على الكثير ومن جنسيات مختلفة..لكنهم كانوا ينظرون ليَّ على أنني إرهابي لعل ذلك نابع من توجة بلادي آنذاك لمناصرة حركات التحرَّر.. لكن ثمة علاقة نشأت بيني وبين طالب لبناني يُدعى «بيار» .. ربما القومية العربية هي التي جعلتنا نتآلف ونميل لبعضنا .. حتى قرَّرنا أن نتشارك في سكن واحد .. كان طيب المعشر صادق الحديث وفنانًا يجيد العزف على آلة العود.. كثيرًا ما كان يمسح لوعة غربة قلبي.. تعلمتُ منه العزف على العود .. كان يحفظ كل أغاني السيدة فيروز .. مازال تواصلي به مستمرًا حتى الآن .. بالطبع هو مسيحي ويتردَّد عليه بعض المقيمين اللبنانيين من «تسالونيك» والمدن الإغريقية الأخرى.. ومن باب المصادفة أن هل علينا شهر رمضان فكان يحترمني بعدم الأكل والتدخين.. كما كان يوصي أبناء وطنه في حالة زيارتهم لنا من المناطق والجزر الأخرى أيام العطلات.. بعدم تناول أي شيء أمامي في النهار .. كان يعد معي وجبة الإفطار بحماس منقطع النظير .. وكان ينتظر موعد الآذان كي يشاركني الأكل.. كان يحرص على البحث عن المأكولات الرمضانية في منطقة «بلاكا» المكتظة بالمسلمين.. عادةً ما يصطحب ليَّ معه العصائر الطبيعية والحلويات الشاميةالفاخرة.. لم أرَ «بيار» في أي وقت من أوقات الصوم أن انتهك حرمة شهر رمضان..كان يحترمني ويحترم طقوس الدين الإسلامي بحرص شديد.. وكنتُ أرافقه إلى الكنيسة أيام الأحاد.. لكنه لم يعلن إسلامه ولم أعرض عليه ذلك رغم إعجابه بالدين الإسلامي.. كما أنني لم اتنصر رغم حبي لصداقته.. ولم يدعوني لدينه.