رأي

وسائل النقل البري ما لها وما عليها

 

محمد بن زيتون

ليبيا البلد الوحيد الذي ما يزال  يعاني ويكابد من عدم توفر وسائل النقل الحديثة لأسباب عدة بالأمس واليوم فقد شهد آباؤنا وأجدادنا حركة القطارات والسكك الحديدية  في الطرق والشوارع المختلفة إبان حقبة الخمسينيات وبعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية والتي أنشئت آنذاك لنقل الجنود والعتاد والأسلحة الضخمة كالمدفعية والقنابل وغيرها لمسافات طويلة وفي مناطق صعبة وحتى يسهل حمايتها من الهجمات والغزوات وللأسف بدل تطويرها لترقى لمستويات عالمية دولية فقد بيعت كخردة كل ما يتعلق بها كحديد وغيرها وبعضها صارت أعمدة أسقف للبيوت وتلاشت خدمة القطارات التي كانت تنقل أطنانا من المواد الغذائية والبناء والمواد المختلفة بنفقات بسيطة وسرعة وأمان  بالرغم من الحوادث الكارثية الطارئة إلا أن تكلفة النقل أقل من وسائل النقل بالسيارات الناقلة وأكثر أمنا.

أنتظر المواطن والذي سمع أخبار تأسيس مسارات للسكك الحديدية من جديد وتخصيص إدارة لها وميزانية كبيرة إبان العهد المنصرم كذلك الدعايات التي تم إعلانها صوتا وصورة إلا أنها قد ثبت أنها مجرد وهم وتحتاج الدولة لسنوات قادمة بعد قيام الدولة الدائمة والتي ستحظى برجال مخلصين وطنيين لتحويل هذا الحلم إلى واقع ملموس بينما الدول الأقل دخلا صار لها نظام القطار المغناطيسي السريع إضافة إلى خدمات المترو الكهربائية.

حتى الأمس القريب كانت حافلات الركوبة العامة والنقل السريع التابعة لقطاع مواصلات الدولة الحل المثالي لتنقل المواطن وتمكنه من الوصول لعمله وتدبير أموره متى شاء وكانت تسير خطوطها منذ الفجر حتى منتصف الليل ومتوفرة تماما على مدار الساعة في كل وقت بمعدل كل خمس دقائق حافلة ثم توقفت مثل سائر الأشياء الجميلة الرائعة الأخرى حين نظام المقبور وحلت محلها أكشاك وأكواخ متحركة ضيقة كالقبور في القطاع الخاص وتجبر المرء على تحمل الموسيقى الصاخبة وكلمات الأغاني الهابطة أو الأجنبية مع ضرورة التشبت بالكرسي الجالس عليه جراء التهور والسرعة والتوقف فجأة ناهيك عن عدم النظافة وانعدام الراحة وتحمل رائحة الدخان أحياناً.

أعتمد الشعب المتمكن من اقتناء سيارة عليها لقضاء أشغاله وعمله حتى ولو كانت أغلبها من النوع المستورد القديم جداً ولم يركن لتلك  القبور المتحركة إلا من اسقط في يده إما لضيق ذات اليد أو لعطل سيارته وتوقفها.

اليوم عادت الحافلات التابعة للقطاع الحكومي وفي هيئة جميلة وحديثة ومريحة وبتقنية عالية جدًا تحت تسمية شركة (السهم) داخل العاصمة وخارجها حتى مصراته وزوارة وغيرهما  ويلاحظ درجة عالية من احترام سائقيها والتزامهم بخدمة المواطن وراحته ولكن نظرًا للإزدحام المروري وركون السيارات على جانبي الطريق فيحدث تأخير كبير ولافت في وصول الراكب للمحطة المطلوبة كذلك فرق ثمن التذكرة والذي لا يجاوز الدينارين وهو معقول مع المميزات الخدمية المتوفرة في هذه الحافلات إلا إن المواطن يهرع مازال للحافلات الخاصة القديمة بسبب فرق السعر بدينار واحد كذلك لتفادي الإبطاء الحاصل في وصول المواطن لنقطة عمله أو محطة  نزوله.

في حالة طرأت زيادة على المحروقات النفطية يمكن للمواطن الإعتماد على الحافلات الجديدة خاصة بعد خلو الطرق من كثير من المركبات التي تدور في شبه  حلقة مفرغة وقد يتمكن السائقون من تحقيق الوصول لزمن أقل مع انتظار أقل وبذلك ستنجح التجربة مع ضرورة تخفيف سعر التوصيلة إن أمكن لدينار واحد  حتى نتخلص من الأكشاك والأكواخ القذرة المتحركة والتي تساق غالبا من شباب متهور؛ مع فتح باب التوظيف للسائقين منهم بعد تدريبهم وتقنين رخصهم وإلزامهم بنظام الشركة المتبع.

والله من وراء القصد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى