الحاج مصطفى ميزران
أمين مازن
الجزء الثاني
فكان الإخلال بالثوابت وكان التعويل على حضور المناسبات الإجتماعية في كسب الأصوات أي الإحتكام إلى التقاليد التي لا علاقة لها بمهمة النائب كممثل للشعب وساهر على مصالحه إلى رجل من رجال العلاقات العامة المداوم على زيارة المرضى وحضور مختلف المناسبات، فكانت خسارة الرجل تحت ستار العقوبة الإجتماعية، أما الحقيقة الأبعد فلِخُلُو الحياة السياسية من التحالفات الأقوى المتصلة بما بدا يطال الحياة من التسيّب و السباق المحموم نحو الإقتصاد الجديد المتأثر بالنشاط الخدمي الطفيلي الذي ما لبث أن أدى إلى اختفاء صوت بدأ حياته بأداء لا يخلو من وعيٍ يمكنه لو وجدَ الرعاية و قد نقول الطموح الكافي أن يكون أكثر فاعلية، و حسبه الإنحياز إلى الرأي القائل أن الدورة الثانية التي انعقدت بطرابلس قد تمت بدون دعوة صريحة إلى مجلس النواب إذ كانت صريحة لمجلس الشيوخ و بالتالي حملت تقليلاً من أحقية النواب في المسألة الإجرائية أي دعوة النواب صراحة إلى دورة و بالأحرى جلسة، فإذا ما رجح الرأي القائل باستيعاب الإشكالية تبنى ميزران المطالبة بعلنية التصويت في انتخابات الرئاسة ليكون من حقه حين لم يُقبَل رأيه أن يحتفظ بصوته تجاه العملية الإنتخابية انطلاقاً من اختيار الرئيس الذي لم ينافسه أي من الموجودين، فحقق ميزران موقفه الرافض في صمت اللهم إلا تبريره للإحتفاظ بصوته كما تنص اللائحة الداخلية للمجلس التي توجب على كل من يحتفظ بصوته أن يبين أسباب الإحتفاظ عقب إجراء كل اقتراع يحتفظ فيه كل عضو بصوته عسى أن يكون في ذلك ما يرى من يرأس المجلس امكانية معالجته في مسيرة المجلس و قراراته.
انفرد مصطفى ميزران بموقف حازم من الوجود الأجنبي في دولة الإستقلال و المتمثل في القاعدة الأمريكية التي تأسست في وقت مبكر من اندحار المحتل الإيطالي و ظلت حيث هي دون أي تفاهم مع الدولة الوليدة، فما كان منه إلا أن أثار القضية في الأشهر الأولى من انتخاب مجلس النواب، مستهدفاً من إثارته تلك حض السلطة الجديدة على الدخول في مفاوضات تبدأ بتجديد الإيجار على الوجود و من ثم مدة البقاء، و عندما تحولت المسألة إلى اتفاقية و إلى مدة زمنية قُدِّرَ لها ما يقرب من العقدين و إن نصَّت على إعادة النظر في الشروط بعد مضي عشرة سنوات. كان صوت الرجل على رأس المصوتين بالرفض، تماماً كما فعل مع الوجود البريطاني، و كان قبل ذلك قد ساءل السلطة عن عدد المستخدمين الأجانب و جنسياتهم و تخصصاتهم بموجب جدول وضعه في سؤاله، حيث تبين من خلاله ضخامة عدد هؤلاء المستخدمين و ارتفاع أجورهم و إمكانية الطعن في مبررات