متابعة / منال بو شعالة
أُقيم يوم الجمعة 17 ديسمبر الحفل الختامي لمشروع صناعة القراء عن موسمه الثالث الذي تحصلت فيه المشتركة ريان الزيداني على اللقب عن عمر يناهز 13 عاماً، حيث تم خلال الحفل استعراض أبرز المحطات التي مر بها المشروع مع فقرات تمثيلية وحوارية لكتَّاب وأُدباء أبدع المشتركون في تجسيد شخصياتهم أبرزها مسرحية بعنوان (صالون العقاد) مقتبسة عن كتاب في صالون العقاد كانت لنا أيامٌ للكاتب أنيس منصور،
كذلك تم تكريم عديد الأشخاص الذين ساهموا في نجاح المشروع مع تقديم الهدايا لكل المشتركين، إلى تم الإعلان في نهاية الحفل عن المشتركين الفائزين من الفئتين الصغرى والكبرى بحيث تم اختيار عشرة أوائل لكل فئة على حدا، ومن ثم تم ترشيح خمسة أوائل من الفئتين ليتم اختبارهم للمرة الأخيرة من خلال سؤال وجهته لجنة المشروع على كل مشترك على خشبة المسرح حيث تم من خلاله التقييم النهائي لهم، وبعد ذلك بدقائق تم الإعلان عن نتيجة الفائز بمشروع صناعة القراء عن موسمه الثالث مع تسليم الدرع للفائزة في وسط جو تسوده مشاعر مختلطة من الفرح والبكاء من الفريق والمشتركين والحضور الذين حضرو الحفل.
حيث إن مشروع صناعة القراء هو مشروع تثقيفي الهدف منه خلق وسط يشجع الأطفال على القراءة من الصغر، ويوطد فيهم فكرة المعرفة والتعلم والنجاح، فينشأ الطفل على حب القراءة والكتب، وذلك بجعلها الرفيق الدائم له تحت شعار (أينما ذهبتَ فليكن الكتابُ رفيقكَ الأول).
الجميل في هذا المشروع أن النَّاس يدخلون إليه بعقولهم وهنا يجد الإنسان نفسه الحقيقة حيث يبتعد عن جميع شكليات الحياة في بيئة تتعامل مع عقله على أنه أداة مبهرة ليتحفز بدوره على التفكير والمناقشة وطرح مواضيع مختلفة تجعله يملك القدرة على تكوين رأيه الخاص به بخصوص الكتب التي يقرأها، كما أن مقر هذا المشروع يعد وسطً ممتعاً يتم فيه تبادل المعلومات والمناقشات التي تلفت النظر إلى شخصيات طفولية مدهشة يقف الكبار لها احتراماً، إضافة إلى وجود دورات تدريبية تطور من مهارات المشتركين وتساعدهم على اكتشاف المواهب المكبوتة داخلهم، كذلك تعزَّز فيهم سمات الشخصية الناجحة والمميزة والواثقة بالنفس ليخرج الطفل بعد ثلاثة أشهر بشخصية أفضل، كما أقيمت محاضرات تثقيفية في مجالات مختلفة لأشخاص رواد في مجالهم حيث قاموا بإبراز أهم المحطات التي يمكن أن تقدم الإستفادة للمشتركين، من ضمن هذه الدورات كانت دورة فن الإلقاء ودورة الكتابة والتدوين ومحاضرة بعنوان جولة حول العالم مع المبدع محمد السليني ومحاضرة عن التخطيط الاستراتيجي للمهندس حسن المغربي.
انطلق هذا المشروع عام 2017 في مدينة بنغازي تحت إشراف المدير العام للمشروع الأستاذة ( هاجر عبدالله ) التي استطاعت أن تخرج بهذه الفكرة المثمرة للبلاد من خلال تجربتها الشخصية التي شجعتها على ذلك، حيث كانت القراءة هي ملجأها الوحيد من بعد الفترة التي عانت فيها ليبيا من الحرب ومن هنا استطاعت تجسيد هذه الفكرة على أرض الواقع بمشروع هدفه صنع جيل قارئ واعي يجد في الكتب ملاذه الأول، وبالرغم من التحديات التي قابلت المشروع كفكرة أولى لم تنضج بعد إلا أن المشروع نجح بشكل كبير ليستأنف في موسمه الثاني عام 2019 ومع توقف العالم عام 2020 بسبب انتشار مرض كورونا تم في هذه الفترة تطوير جوانب في المشروع ليظهر بشكله الجديد عام 2021.
هذا العام تحديداً استهدف مشروع صناعة القراء 50 مشترك من مدينة بنغازي عن فئتين عمريتين صغرى وكبرى تترواح أعمارهم ما بين 8 إلى 16 عاماً،
حيث تم اختيار المشتركين عن طريق مقابلة شخصية تم فيها التعرف على شخصياتهم، حيث قُسم الخمسين مشترك على عدد من مشرفات المشروع اللاتي تقوم كل واحدة منهن بدور المشرف على فريقها المكون من 5 إلى 6 مشتركين ما بين فئة صغرى وكبرى ..
دور المشرفة هو مساعدة المشتركين على كيفية اختيار الكتب المناسبة لأعمارهم ومدى استيعابهم لها وكذلك الحرص على التنوع في تصنيفات الكتب بحيث يكون الهدف هو قراءة أنواع مختلفة من الكتب الشيء الذي يساعدهم مستقبلاً على تحديد ميولهم اتجاه التصنيفات التي يفضلونها أكثر.
والجدير بالذكر أن عمر المشروع كان فترة ثلاثة أشهر تمت خلالها قراءة 20 كتاب لكل مشترك قسمت بمعدل 6 إلى 7 كتب شهرياً، حيث تم عرض المشتركين في نهاية كل شهر على لجنة تحكيم المشروع التي تضمنت أشخاص رواد في مجالهم ليتم من خلالهم تقييم المشتركين وذلك بمناقشتهم عن الكتب التي قرؤوها ومن هنا تم وضع الدرجات لكل مشترك التي تحدد ترتيبه في الحفل الختامي.
وأخيراً .. يجب أن نقول إن هذا المشروع يعد لفتة كبيرة للبلاد التي تضيع وقت أطفالنا في أشياء لا فائدة منها بدل من فتح مشروعات تقوم بتثقيفهم وتكوين شخصياتهم وتعزيز حب القراءة والتعلم فيهم وجعل مشهد القراءة في الأماكن العامة مشهدٌ اعتيادي لا يتم فيه النظر إلى الشخص على أنه كائن غريب أو يقرأ لغرض لفت النظر فقط .. حيث إن القراءة تصنع جيلاً صاحب شخصية متزنة وفكراً واعياً يقوم بدوره يصنع مستقبلاً مشرقاً للبلاد التي تعد القراءة فيها حكراً على جماعة من المثقفين فقط.