غلاءُ لايطاق ومعيشة أصبحتْ تتطلب مجهوداً مضاعفاً وعملاً مضنياً مقابل دنانير معدودة لتوفير لقمة العيش الكريم فأصبح المواطن محاصراً بين شبح الفقر والغلاء الذي يكتم أنفاسه ويثقل كاهله وبين مخاوف من تنبؤات بتضخم قد يزيد الأمر سوءاً جراء زيادة المرتبات المرتقبة التي عملتْ عليها حكومة الوحدة في الجدول الموحد وما صحبه من أخذ ورد ومؤيد له ومعارض وبين هذا وذاك أصيب المواطن بالحيرة وعدم الفهم بين أمل بتحسين دخله وبين الخوف من التضخم فيصبح أمر زيادة المرتبات غير ذي فائدة ما لم تؤدِ النتائج المرجوة ويبقى المواطن يراوح مكانه في سباق مع الزمن والظروف دون اجتياز خط الفقر٠
تضارب الآراء واختلاف الاقتصاديين أربك المواطن وأصابه بالحيرة
في ظل الأزمات المعيشية الحادة نتيجة لما مرت به البلاد من ظروف وتقلبات وحروب وانقسامات في أجهزة الدولة، ومن ضمنها القطاع المصرفي وقطاع المال والاقتصاد مما تسبب في تشوهات مالية أصبح يعاني منها الاقتصاد الذي يفتقر للإنتاج المحلي وبالتالي زيادة العبء على الدولة التي يستهلك بند المرتبات أكثر من 50 بالمائة من ميزانيتها، وكانت السمة للتشوه الاقتصادي هو ارتفاع أسعار السلع الذي أثر على ذوي الدخل المحدود في دولة اقتصادها ريعي مبني على الدخل المكتسب من تصدير النفط المصدر الوحيد لتوفير دخل أكثر من 2 مليون موظف من خلال الرواتب الممولة من الخزانة العامة، علاوة على ذلك انخفاض قيمة الدينار الليبي أمام الدولار الأميركي الذي يكوّن الركيزة الأساسية للسوق الليبي في توفير جميع متطلباته٠
لجنة وزارية
نتيجة لكل العوامل السابقة شكلت حكومة الوحدة الوطنية لجنة وزارية لإنجاز مهمة إعداد مشروع قانون مرتبات موحد، بناء على القرار رقم 212 للعام 2021 وتم عقد اجتماعات للجنة والاطلاع على عدة مقترحات استمرت لأشهر وكان خلال هذه الأشهر بعض المراقبين والخبراء الاقتصاديون يتوقعون سيناروهات محتملة نتيجة هذا القرار ، فعلى سبيل المثال أكد رئيس المحكمة العليا الأسبق والخبير القانوني المستشار عبد الرحمن أبو توتة علي حسابه الرسمي على ب«فيس بوك» : أن جدول المرتبات الموحد إذا ماتم تنفيذه سوف يؤدي إلى ارتفاع نسبة التضخم عشرة أضعاف على ما هي عليه الآن ، وقال أبوتوتة أيضا إن مبلغ 60 مليار دينار ليبي للمرتبات كما نوه الخبراء سوف يزيد من فقر الليبيين ، علما بأن الفئات التي تنعم بمرتبات عالية جدا تصل إلى عشرين ألف دينار تم تمييزها بعلاوة تصل إلى سبعين وثمانين وتسعين في المئة ولازال التفاوت العشوائي كبير في المرتبات بين المواطنين .
فيما يرى مراقبون أن هذا القانون سيؤدي لجاذبية العمل بالقطاع العام بدلاً من القطاع الخاص، ورفع فاتورة المرتبات دون تحقيق إنتاج مما سيتسبب في إلقاء عبء كبير على النظام النقدي لتوفير النفقات النقدية لتغطية مرتبات تصل لـ 60 مليار دينار.
سياسة اقتصادية
ومن بين وجهات النظر الكثيرة أنه ينبغي ضبط السياسات الاقتصادية فيما يخص سعر الصرف والقوة الشرائية للدينار الليبي وإعادة تنظيم سوق العمل والتوجه نحو القطاع الخاص والسماح له للقيام بدوره في دفع عجلة الاقتصاد للأمام وفتح آفاق متنوعة للخروج من هذه الأزمة الاقتصادية الخانقة.
فيما يرى مراقبون يمثلون وجهة نظرى معاكسة أن هذا القرار جاء لتلبية حاجة المواطن التي باتت ملحة وأخذ الوقت الكافي من الدراسة التي دامت لأشهروشارك في دراسته وإعداده خبراء ومختصون في مجال المال والاقتصاد.
وبعد كل ذلك الجدل ووجهات النظر المتضاربة خرج وزير المالية خالد المبروك في نهاية يانيار الماضي في بيان متلفز معلنا عن نتائج عمل اللجنة وتحويلها لمجلس النواب لعرضه على اللجنة المالية داعيا إياهم لاعتماد مقترح الجدول مشيرا إلى أن اللجنة أعدت ثلاثة تصورات للقانون مؤكدا أنه تم إعداده بالتشاور مع اللجنة المالية لمجلس النواب ، لافتا إلى أنه سيحقق العدالة الاجتماعية عبر تخفيض قيمة المرتبات المرتفعة ورفع قيمة المرتبات المتدنية لموظفي القطاع العام والإبقاء على علاوة التمييز للوطائف.
ومن جانبه ، أشار وزير الخدمة المدنية عبد الفتاح الخوجة إلى أن مقترح قانون المرتبات شمل مجموعة من الأحكام الجديدة لتنطيم الوظيفة العامة ضمن المعايير الدولية في هذا الشآن ، كما تضمن التقسيمان الإدارية ومعدلات الكفاءة في جداول خاصة.
وبعد عرضه على اللجنة المالية برئاسة عمر تنتوش علق في جلسة الثلاثاء الماضي 8 فبراير قاائلا:(إن قانون الرواتب الموحد يحتاج مزيدا من الوقت للدراسة) مما أثار موجة استياء وغضب عارمة من مختلف أطياف الشعب يبدو ذلك واضحا من خلال رصد وسائل التواصل الاجتماعي .
ولايزال المواطن في حيرته وتتردد على مسامعه مصطلحات لايفهم معناها التضخم ، خط الفقر فيتطلع لمعرفتها وبيان حقيقتها وما هي معاييير تحديدها حسب المعاييير الدولية.
مفهوم التضخم
التضخم ﻫﻮ اﻟﻤﻌﺪّل اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺬي ﻳﺆدي إلى زﻳﺎدة اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎم اﻟﺨﺪﻣﺎت واﻟﺴﻠﻊ؛ مما ﻳﺆدي إلى اﻧﺨﻔﺎض اﻟﻘﻮة اﻟﺸﺮاﺋﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﺔ، وﻳﻌﺮف أيضا ﺑﺄﻧّﻪ الارتفاع اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ واﻟﻌﺎم ﻟﻸﺳﻌﺎر، وﻣﻦ اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت اﻷﺧﺮى ﻫﻮ اﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻤﻔﺮﻃﺔ ﺑﺎﻟﻨﻘﻮد اﻟﻤﺘﺪاوﻟﺔ ﻷﺳﻌﺎر اﻻرﺗﻔﺎع ﻣﻊ اﻧﺨﻔﺎض اﻟﻘﺪرة ﻋلى اﻟﺸﺮاء، فعندما ﺗﺘﻌﺮض اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ ﻟﻀﻐﻮطﺎت ﻧﺘﯿﺠﺔ اﻧﺨﻔﺎض ﻗﯿﻤﺘﮭﺎ أﻣﺎم اﻟﻌﻤﻼت اﻷﺟﻨﺒﯿﺔ، ﺗﺮﺗﻔﻊ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﯿﺮ أﺳﻌﺎر اﻟﺴﻠﻊ اﻟﻤﺴﺘﻮردة ﻓﻲ اﻟﺴﻮق اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ. ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﯾﺘﺤﻤﻞ اﻟﻤﺴﺘﮭﻠﻜﻮن ﻛﻠﻔﺔ ھﺬا اﻻﻧﺨﻔﺎض ﻓﻲ ﻗﯿﻤﺔ اﻟﻌﻤﻠﺔ ﻋﻨﺪ ﻗﯿﺎﻣﮭﻢ ﺑﺎﺳﺘﮭﻼك ﺳﻠﻌﺔ أو ﺧﺪﻣﺔ ﻣﺴﺘﻮردة ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ أو ﺑﮭﺎ ﻣﻜﻮن ﻣﺴﺘﻮرد. ﯾﺰداد ﺗﺄﺛﯿﺮ ھﺬا اﻟﻤﻜﻮن ﻛﻠﻤﺎ ارﺗﻔﻌﺖ ﻧﺴﺒﺔ ﻣﺪﺧﻼت اﻹﻧﺘﺎج اﻟﻤﺴﺘﻮردة ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج ﻓﻲ ھﯿﺎﻛﻞ اﻻﻧﺘﺎج اﻟﻤﺤﻠﻲ.
الأسباب والحلول
بحسب ورقة بحثية صادرة عن صندوق النقد العربي في عام 2021 بعنوان التضخم اسبابه ، آثاره وسبل معالجته قدمت عدة حلول لمواجهة التضخم وكان أبرزها في النقاط الآتية «يمكن علاج التضخم من خلال السياسات التي تؤثر على جانب الطلب الكلي ومن أهمها السياستين النقدية والمالية .
حيث يتم على مستوى السياسة النقدية استخدام أدوات هذه السياسة للتحكم في معدلات التضخم من خلال التأثير على مستويات المعروض النقدي ، فكلما ازداد عرض النقد أكثر من المعروض من السلع والخدمات في الاقتصاد ، كلما ارتفعت معدلات التضخم ، والعكس صحيح.
أما في جانب السياسة المالية فيمكن خفض معدل التضخم من خلال استخدام أدوات السياسة المالية، وهي الانفاق الحكومي والضرائب.
ففي حال ارتفاع معدل التضخم ، بإمكان الدولة احتواء الضغوط التضخمية عن طريق زيادة حجم الضرائب ، إذ أن زيادة الأخيرة، ستؤدي إلى اقتطاع جزء من دخل الأفراد وهذا ما ينعكس على انخفاض الطلب على السلع والخدمات ،فتقل الأسعار ويتراجع التضخم.
تقليص الإنفاق
من جهة أخرى ، وبهدف معالجة التضخم ، فإنه بالإمكان الاعتماد على الانفاق الحكومي ، حيث تقوم الحكومة بتقليص الإنفاق الحكومي أي بمعنى آخر تخفيض حجم الإنفاق خاصة الإنفاق الاستهلاكي الذي سيؤدي بدوره إلى خفض الطلب ومن ثم تراجع معدل التضخم.
هذه أبرز حلول مشكلة التضخم على صعيد السياسات التي تتطرق إلى جانب الطلب الكلي في الاقتصاد، وبالتأكيد فإن استخدام هذه الحلول في اتجاه معاكس لما تم تناوله أعلاه، سيؤدي إلى معالجة مشكلة انكماش المستوى العام للأسعار.
هذا بالنسبة فيما يخص الدول أما على مستوى الفرد فيمكن تجنب خسارة رأس المالبسبب ظاهرة التضخم من خلال التركيز على الاستثمارات ذات العوائد الأعلى من معدل التضخم وتوفير مصدر للربحية دون المساس برأس المال الأصلي.
وقد يلجأ البعض إلى شراء السلع التي تعتبر مخزنا جيدا للقيمة مثل الذهب لمواجهة آثار التضخم ، وقد يتجهون نحو الاستثمار في الأصول العقارية التي قد تحمي الأفراد من تراجع مدخراتهم في المستقبل في حالة ارتفاع معدل التضخم».
ماهو خط الفقر؟
هو مستوى من الفقر يتمثل في العجز عن توفير تكاليف المتطلبات الدنيا الضرورية من حيث المأكل والملبس والرعاية الصحية والمسكن ، وبعبارة أخرى فإن الناس الذين يعيشون تحت خط فقر محدد يمكن وصفهم بأنهم يعيشون في حالة فقر مدقع، والذي يساوي بلغة الأرقام حوالي دولارا أمريكا واحدا في اليوم للفرد، لكن البنك الدولي عاد في عام 2008 ورفع هذا الخط إلى 1.25 دولارا عند مستويات القوة الشرائية لعام 2005 ثم أخيرا إلى 1.90 أي ما يعادل 8.66بالدينار الليبي في عام 2015 وتشير تقديرات البنك الدولي انه في عام 2020 بداية الجائحة زاد عدد الفقراء الجدد في العالم بنحو 119 إلى 124 مليون شخص، ويتوقع أن يرتفع العدد أكثر بحسب معطيات اقتصادية ومالية وبعض الأحداث الجارية على مستوى العالم.
وجهات نظر
من خلال ما سبق ذكره من معطيات الازمة وبواعثها ونتائجها لخصنا سؤالنا للمواطن لنعرف فيه عينة من آراء الشارع وتصورهم عن الموضوع وكان سؤالنا كالآتي: مارأيك في قرار توحيد المرتبات ؟وكيف ترى بعض المخاوف التي أثارها بعض الخبراء في مجال الاقتصاد والمال من احتمال حدوث تضخم يعقد الأزمة زكثر مما هي عليه الآن؟
أحمد صالح العمر 69 عاما المهنة متقاعد والعمل الحالي سائق تاكسي الحقيقة «شن بيقول الواحد معادش يعرف وين بيفرقه المرتب» ولا يكفي حتى اسبوع ليس لنهاية الشهر وحتى زيادة الفترة الماضية التي قيمتها 450 تم إيقافها«مش عارف شن السبب» معقولة في هالعمر وعندي الضغط والسكر وناخد في أدوية ومصاريف العايلة والله ياولدي ما عندي ما نقول إلا «ربي يهدي هالمسؤولين وينظرو للشعب ويعطوه حقه راهو الناس تعبت»
ابتسام محمد العمر 34 عاما موظفة أم لثلاثة أطفال والله زيادة المرتبات لو تمت اصلا معاش عرفنا نفرحو بيها ولا نخافوا منها وخصوصا في ناس متخصصة في الاقتصاد يقولو ممكن يصير تضخم بس شنو الحل في نظرهم المرتبات بالوضع الحالي المواطن معادش يقدر يعيش بيها انا على سبيل المثال مرتبي 750 دينار وزوجي تقريبا نفس الشي ونسكنوا بالايجار وزوجي يشتغل مع وظيفته وظيفة ثانية على سيارته واني نشتغل في أعمال الحلويات عالأقل الواحد يحاول يوفر متطلبات الحياة وربي يهدي ويهني البلاد والعباد.
علي مختار العمر 29 عاما المهنة شرطي أعزب شاب في عمري ويحتاج يكوّن نفسه ياخد في 850 دينار شن بيدس ولا شن بيصرف أني نشتغل من عمري 19سنة ويعلم الله بالواحد شن صاير فيه معاناة وضغط فوق ما يتحمل قبل حوالي 3 سنوات شرينا قطعة أرض أنيا وزميل مساحتها 500متر قسمناها بينا بالنص ومن يومها معادش قدرت نبني فيها صرفت فيها كل اللي نملكه وفلست عجزت إني نخدم ليل ونهار والمبلغ اللي عندي مازال مايبنيش الصراحة شي يخلي الواحد يقطع التفكير في المستقبل وانه يكون أسرة «فدينا» وحسبي الله ونعم الوكيل٠
عادل عمران العمر 48 عاما انا أولا ما ناخدش في مرتب من الدولة كنت نخدم عمل حر وكانت الامور ماشية ومستورة والحمد لله صارت الحرب ونزحنا من جنوب العاصمة وصارت فينا ضروف ما يعلم بيها إلا ربك ومرضت والدتي بالورم وانت تعرف العلاج والكيماوي وتكاليفه زيد عليه الواحد رب أسرة اب ل 5 أطفال دوامة عايش فيها المواطن من اول ما يبدأ يومه لين ينتهي لين الواحد صابه الاكتئاب ما عندي ما نقول إلا «ربي يفرج على الليبيين».
أبو القاسم عون العمر 72 عاما متقاعد بعد أكثر من 43 سنة خدمة في الدولة تشعر أنك «ماليكش قيمة» معقولة إنسان في هالسن تكثر متطلباته اللي أغبلها أدوية وعلاج وانت تعرف شن معني أدوية وعلاج توا في هالظروف وزيد عليه الانسان بياكل وبيلبس أو يصينّ أي شي يعطل في بيته أو سيارته معقوله كل هالامور بيقدر يكملها بمرتب 40 أو حتى 1000 دينار والمشكلة ان الواحد كبير في السن ويعاني من أمراض ويضطر يشتغل بدل ما يرتاح ويتفرغ للعبادة لازم يشقى زي ما يقول المثل «مع انداده ومع أولاده» نعرف هلبة ناس من سني وأكبر يشتغلون على سياراتهم لتوفير لقمة العيش ويعلم الله بيهم تعب ومرض وربي يكون في عون «الزوالي».