الهم فيه ما تختار.. لأمين مازن
بعيداً عن محاولة التسلل التي طالما لجأ إليها عديد اللاعبين لتسجيل إصابة من الإصابات و التي تبطلها عادةً يقظة هيئة التحكيم، أو القفز من المركب التي يقدم عليها البعض الآخر أملاً في الإفلات من المحاسبة لولا أن تكون أعين الراصدين أكثر قدرة فتتم المحاسبة، و دون الإصطفاف الناتج عن كسبٍ تحقق سابقا، أو آخر يمكن الحصول عليه لاحقاً، فإن كل حديث يتبنى إشراك الأطراف الفاعلة في المجتمع لتحقيق أي مهمة يرى فيها الجميع إمكانية الوصول بالوطن إلى بر النجاة و تجاوز حالات القنوط المسيطرة يعتبر الخيار الأصوب و الذي لا يجد عاقل من العقلاء بُدّاً من الانحياز إليه، ما بالك و النهج المطروح هو القائم على السلم و رفض الإستقواء بالسلاح المتاح أو المنتظر، إلى جانب احترام كل من سبق و نبذ خسيسة الإصطياد و التتبع المبني على الإدانة المسبقة، و رفض فضيلة معالجة الخطأ و إكمال النقص و اعتماد أسلوب الحدة بل و الغيرة، تلك التي لا يسرّ الآخذين بها شيء سوى أكثر من الإصرار على تخطئة كل فعل، و لو تعلق الأمر بسلامة المرور و شروط السير المتفق عليها عالمياً، و أمثلة شعبنا حولها أكثر من أن تُحصى. و لا بد لكل من يحزنه سوء ما يجري و يعيد إليه الأمل بعض ما يقال من أن شحذ ما يستطيع للإنحياز نحو هذا التوجه، لا سيما تزامن ذلك مع بدء الحقبة الثانية في زمن السابع عشر من فبراير و ما رافقه من الخيبات جرّاء ما ارتبط به من المتغيرات بعودة ليبيا لذات المربع الذي دخلته قبل سبعين سنة و هي تُحتل من قوات الحلفاء الأربعة و من ثم تستقل فتكون من نصيب ثلاثة منهم فقط عشية اختلافهم مع ستالين المنشغل ببناء الستار الحديدي، ذلك الذي قُدِّرَ له أن يبقى إلى حين هدم جدار برلين لتعود ليبيا جنباً إلى جنب مع ما عاد إلى الحلفاء الأربعة بمن فيهم روسيا عند هبوب رياح الربيع، التي أنهت زعامات الحكم الشمولي مع مطلع الحقبة الثانية من هذا القرن، فتدخل شعوب تلك الزعامات مجتمعة في القلاقل التي يلوح في الأفق هذه الأيام خروج ليبيا من نفقها بمساهمة ملحوظة على الأرجح لانخراط روسيا في معركة الاستحقاق الانتخابي و ما أتاحه من إمكانية تفعيل القادرين على اللعب كافة فتشمل في ليبيا فبراير و سبتمبر، فيتضح أن الصراع الذي احتدم حول نهب الأموال ليس أقل العمل على تأمين الخروج بها و النجاة من تتبعاتها و تزامن ذلك كله مع ذكرى استقلال ليبيا و انتفاضة السابع عشر من فبراير، و ما على من أوتيَّ نعمة الفهم إلا أن ينأى بنفسه عن أن يكون مكبر صوت لهذا الطرف أو ذاك، فقد تغير «الكوز» كما يقول أهلنا في لعبة الورق التقليدية «الكارطة» و من يحقق التعادل يمكنه أن يتطلّع إلى الربح في «الطرح» الجديد، فقط لو صبر بعض الوقت كما قيل قديماً لو صبر القاتل لمات المقتول، و يظل الموقف الأحزم و التعبير الأصوب «الهم فيه ما تختار».