محمد الطاهر التراسي
مع اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا بات من المتوقع جداً حدوث ارتفاع في جميع الأسعار بدءاً من كيلو البطاطا حتى سعر برميل النفط الواحد، وعلى اعتبار أن ليبيا تستورد جل استهلاكها من الدقيق من دولة أوكرانيا، فمن المتوقع ظهور أزمة الدقيق والخبز على السطح مجدداً. خاصة في ظل الانقسامات السياسية التي تشهدها البلاد مؤخراً.
حول هذا الموضوع التقينا بالسيد علي أبوعزة – رئيس لجنة المخابز بالنقابة العامة للمخابز .. حيث أجرينا معه لقاءً وهذا ابرز ما جاء فيه:
هل مشكلة أزمة الدقيق سببها الحرب بين روسيا وأوكرانيا ام أن المشكلة تعود الى ماقبل ذلك ؟
لا. ازمة الدقيق مشكلة قديمة تمتد من بدايات عام 2011 ، وتحدث في السنة الواحد قرابة ثلاث مرات ، لكن مما لا شك فيه أن أزمة أوكرانيا وروسيا استغلها تجار الحروب وضعاف النفوس ما سبب في ظهور أزمة الدقيق على السطح مجددا .
منذ أول صاروخ انطلق في هذه الحرب معظم المصانع توقفت عن طحن الدقيق. حتى يتم استغلاله لاحقا والمتاجرة بثمنه بأسعار باهظة .
لماذا ارتفعت أسعار الدقيق والخبز بحجة حرب روسيا قبل أن تعلن روسيا الحرب اساسا؟
بالفعل ، وهذا يعود الى استغلال تجار الازمات للأزمة، واغلب هؤلاء التجار يرقبون بيانات البورصة، لهذا هم حريصون جدا على الربح حتى لو كان ذلك على حساب استغلال البسطاء.
من المسؤول عن كبح جماح تجار الأزمات الذين يستغلون الأزمات العالمية لرفع أسعار الدقيق والخبز؟
لدينا قانون يجرم فعل الإحتكار تصل الغرامة أكثر من مليون دينار .
لهذا فعلى الدولة أن تسعى إلى انفاذ هذا القانون وتطبيقه من خلال الحرس البلدي والجهات ذات العلاقة .
ليس من المعقول أن تسمح الدولة بوجود أعمال استغلال واحتكار يكون ضحيتها المواطن المغلوب عن امره وتقف عاجزة عن فعل أي شيء .
ما كمية الدقيق الذي نستورده من أوكرانيا وكم مخزون ليبيا من الدقيق ؟
وزارة الاقتصاد قالت إن نسبة استيراد الدقيق من أوكرانيا يصل 20%، وهذا كلام غير صحيح، بنسبة استيراد ليبيا للدقيق من أوكرانيا يصل الى 100% ، وذلك لرخص ثمنه .
أعلنت وزارة الاقتصاد أن المخزون يكفي حتى عام كامل، ما حقيقة هذا، وهل يكفي هذا المخزون لتخفيف حدة الأزمة؟
الحقيقة أن المشكلة لا تكمن في المدة التي يكفينا فيها مخزون الدقيق، حتى لو كان يكفي لمدة 10 سنوات، المشكلة ان هذا الدقيق ليس بيد الدولة، بل هو ملك خاص للتجار، وكان لدينا اجتماع بالمطاحن، بالنسبة للتجار الذين يملكون الحبوب، لم يحضر منهم احد.
لقد كان لديكم قبل أيام اجتماع مع وزارة الاقتصاد، بماذا أفضى هذا الاجتماع؟
اجتماعاتنا مع وزارة الاقتصاد شبه دائمة، أما آخرها حول تجدد ازمة الدقيق، اجتمعنا مع السيد الوزير محمد الحويج من أجل إيجاد حلول،ولكن
لا حلول ممكنة،
أزمة الدقيق ليست بالجديدة ، فلو كان هناك حل لوجدناه سابقا.
ماهي السيناريوهات المتوقع حدوثها بالتوازي مع حرب روسيا وأوكرانيا ؟
السيناريو المتوقع في ليبيا في حال تطور الأزمة الأوكرانية الروسية هو ارتفاع في اسعار الدقيق والخبز مع نقصها ، واغلاق بعض المخابز ومصانع الدقيق.
ولكن في المقابل عالميا سوف يرتفع سعر برميل النفط في ليبيا وحسب ما يرى محللون اقتصاديون سوف يصل سعر البرميل الواحد إلى 175 دولار.
هذا الارتفاع يمكن للحكومة أن تستثمر بشراء ما يكفي من الدقيق لسد حاجة المواطن، وأن تتحكم في سعره في السوق، لا أن تترك التجار يحددون سعره.
أخيرا ما هو الحل الذي تقدمه للحد من الإفراط في هذه الأزمة ؟
الحل بيد الدولة، يمكنها إيجاد حلولا فعلية إن أرادت
ذلك، وسوف نحرص نحن النقابة العامة للمخابز أن نراقب أسعار الخبز ونمنع ارتفاعه .
في هذه الأثناء تواصلنا مع (م. أحمد الكردي – نائب رئيس الاتحاد الليبي لحماية المستهلك) وسألناه ما موقف الاتحاد من الضرر الذي يتعرض له المستهلك والذي سوف يتعرض له جراء ارتفاع في أسعار الخبز والدقيق ؟ أجابنا قائلا:
منذ شروع روسيا في التهديد بغزو اوكرانيا بدأ الحديث في ليبيا عن الدقيق وكمية المخزون بإعتبار أن ليبيا تستورد نسبة كبيرة من احتياجاتها من اوكرانيا وبدأ الموردون والتجار في التلاعب بالأسعار، وهذا أكبر دليل على مدى شجع هؤلاء وعدم احترامهم للقانون التجاري رقم 23 لسنة 2010.
الذي يجرم التلاعب في الأسعار واحتكار السلع واستغلال بعض مواد القانون لتحقيق منافع شخصية على حساب المجتمع، وفي ظل ضعف الحكومات المتتالية وعدم قدرتها على السيطرة على التوريدات من السلع الأساسية
وضبط المخزون الاستراتيجي وانفراد المصرف المركزي والمصارف بفتح الاعتمادات بدون التنسيق مع وزارة الاقتصاد والتجار بالإضافة إلى عدم تبني الحكومات السابقة خطة من أجل تحرير الاعتماد على الاستيراد وعدم قدرة وزارة الزراعة وجهاز استثمار مياه النهر الصناعي في وضع برنامج لتوفير أكبر قدر ممكن من الحبوب.
بصفتك خبير بالشأن الاقتصادي وفي حماية المستهلك ما أقرب حل ينقذ ليبيا من فشل إدارتها لأزمة الدقيق ؟
إن الأمر يتطلب سرعة تكوين ديوان خاص بالحبوب يعمل على تشجيع الإنتاج المحلي من الحبوب وتنظيم الاستيراد والتسويق بالشكل الذي يضمن عدم حدوث اية تذبذبات في السوق من أجل تأمين الغذاء بالشكل المناسب للمواطن في كافة ربوع الوطن.
الختام
اخيرا اتخذ وزير الاقتصاد محمد الحويج، ثلاث خطوات لحل أزمة الدقيق، تتمثل في تفعيل عمليات الرقابة لاستيراد شحنات جديدة، ودعوة شركات المطاحن لاجتماع.
لكن، ما دام تجار الأزمات والحروب مسيطرون على الأسواق فسيضل المواطن الليبي تحت رحمتهم، وسيظلون يستغلون أي أزمة مهما كانت بعيدة عن ليبيا أو قريبة.
ومع هذا تبقى الحكومة ووزارة الاقتصاد والحرس البلدي وحدهم من يمكنهم انقاذ المواطن من جشع التجار.