في غياب الوعي البيئي لدى صُنَّاع القرار، كثيرٌ من الملفات البيئية أسندت لوزارات أخرى:
عواقب مناخية مؤسفة وغازات ضارة تنتشر في فضائنا، دون أي اهتمام من صُنَّاع القرار في البلاد.. غابات تحرق، وأشجار تقطع، لتكون جسرا لصحراء زاحفة على بساطنا الأخضر .
عقدتْ خلال الأيام الفائتة ندوة بفندق المهاري قام بتنظيمها المركز الليبي لأبحاث تغير المناخ تحت شعار (تغير المناخ الواقع والمستقبل ).
حيث لاقت اهتمامًا كبيرًا وحضورًا من رجال السياسة والوزراء ومنهم السيد وزير البيئة، والسيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ورئيس المجلس الأعلى السيد خالد المشري عبر تقنية sMicrooft team, ونائب عن السيد وزير الاقتصاد ونائب عن السيد وزير التخطيط،بالاضافة إلى السيد مدير عام المركز الليبي لأبحاث تغير المناخ.
على هامش هذه الندوة كان لنا لقاء مع وزير البيئة بحكومة الوحدة الوطنية السيد إبراهيم العربي: حيث قال
يقيم المركز الليبي لأبحاث تغير المناخ، اليوم ندوة تحت شعار( تغير المناخ الواقع والمستقبل).
تغير المناخ له آثار كارثية تمس الجانب السياسي والاجتماعي، والاقتصادي للبلاد إن لم تكن هناك سياسات بيئية معدة سلفًا لمجابهة هذا الخطر.
وقال العربي للأسف لقد بدأنا نشاهد في العديد من هذه التأثيرات كحرائق الغابات، والفيضانات، وندرة المياه وتدفق المهاجرين، وكذلك ارتفاع أسعار الطاقا .
وأضاف العربي بأن تغير المناخ بدأ منذ بداية الثورة الصناعية مع ارتفاع درجة حرارة الأرض، فبالتالي يستوجب علينا التقليل من استعمال الوقود الأحفوري، وهذا لا يتوافق ومصالح الدول الصناعية لانه سيؤدي لزيادة البطالة وخفض الناتج الصناعي لهذه الدول.
كما شدَّد العربي على أهمية التوعية البيئية للمواطن ولصناع القرار في الدولة، لأنها أصبحت الآن أمناً قومياً للدول، فهي تعني الماء، والهواء، والتربة وكل ما يحيط بنا، لماذا لا نهتم بها كالدول المتقدمة .
جهودنا كوزارة هي عبارة عن جهود ذاتية، والمؤلم أن الملف البيئي لا يمثل أولوية لدى الحكومة.
واستطرد : د.العربي مستغربًا للأسف أن كثير ًا من ملفات البيئة موجودة لدى وزارات أخرى.
فمثلا عندما نتحدث عن الصرف الصحي في مدينة طرابلس مثلا، للأسف نجده لدى جهات أخرى كالإصحاح البيئي وشبكات الصرف الصحي، أيضًا مياه الشرب اختصت بها هيئة الموارد المائية . كثير من المواطنين يتساءلون: أين وزارة البيئة؟، ولماذا هي غائبة في ظل انتشار هذا التلوث الملحوظ؟ الجواب بكل بساطة بأن كل هذه السلبيات التي نشاهدها مسؤولة عنها وزارات أخرى غير وزارة البيئة.
كما استاء د. العربي من عدم استفادة الدولة من أسبقيتها في الإسهام في الطاقة المتجددة. حيث قال: برغم أن ليبيا سبقت كثيرًا من الدول كـ(تونس، والجزائر) ودول اخرى في إسهامات الطاقات المتجدَّدة ، بلادنا كانت لها مؤسسات في الطاقة الشمسية منذ عام79م، ولكن لم نشهد ولو كيلو وات ينتج من الطاقة الشمسية، ويرجع أسباب ذلك لإسناد الموضوع لغير أهله.
ففي فترة ما من النظام السابق أسندتُ مهام الطاقات المتجددة إلى وزارتي الكهرباء، والنفط، فهما ليس لهما صالح بهذه المهمة، فهي معنية بوزارة البيئة .
أيضًا التقينا : د.خالد حسين أغليليب رئيس قسم الغازات الدفيئة بمركز أبحاث تغير المناخ .
قال د. أغليليب إن هذه الندوة هي للتعريف بالمركز وبأهميته لصناع القرار في الدولة، فلقد تم استدعاء كل مؤسسات الدولة لكي نعرف بمدى أهمية هذا المركز، وكذلك بأهمية بما يحدث اليوم من تغيرات مناخية .
المركز الليبي لأبحاث تغير المناخ هو مركز بحثي به العديد من التخصصات والتي تهتم بالتغير المناخي.
المركز ينقسم إلى عدة أقسام:
قسم التكيف وهو المعني بوضع استراتيجية وخطط، للتكيف مع هذا الواقع المناخي الذي فرض علينا من الدول الصناعية، . فبنشر الوعي البيئي وزراعة المساحات الخضراء لعلنا نحاول بذلك، التكيف مع هذا الواقع الذي لم نكن سببًا فيه اصلا .
أيضًا لدينا قسم التخفيف من الانبعاثات. وقسم التنمية المستدامة. وقسم البيئة. وقسم الغازات الدفيئة: التغير المناخي ناتج من ارتفاع درجات الحرارة احتباس حراري، والسبب وجود خمسة غازات أخطرها وأكثرها انتشارًا هو غاز ( CO2 ) ثان أكسيد الكربون، الناتج من المصانع وعوادم السيارات والتصحر والقطع الجائر للغابات، بالتالي زيادة الاحتباس الحراري.
نحن في ليبيا كدول نامية نظل ضحية لهذه الغازات، فاجمالي إسهام منطقة الشرق الأوسط من الغازات الدفيئة لا تتعدى 7–8٪ باعتبار أنها دول غير مصنعة إضافة للإخلاء بالاشتراطات البيئية من بعض الدول الصناعية.
وأكد د. اغليليب على قيام المركز بقياس نسب التلوث في بعض المدن كـ(بنغازي وطرابلس)، والتي كانت نسب التلوث بها عالية، ولا سيما ارتفاع نسب غاز CO2 .
وبخصوص الدعم أشار السيد اغليليب بأن جل الجهود كانت جهود ذاتية ، وأضاف لقد قمنا بتشكيل فريق عمل سيبدأ بإعداد الاطلس وأيضا لإنشاء برامج توعوية في المدارس وغيرها، فهذه التوعية ستكون مستقبلا مناهج بالعملية التعليمية لطلابنا، وأيضا سنعرف بأهمية البيئة في الشارع العام. نحيي صحيفة (فبراير) على الاهتمام.
وختام الحوار كان مع : د. علي بن طالب رئيس قسم التكيف المناخي ومدير إدارة الشؤون البحثية بالمركز الذي قال دور المركز كان إستجابة للجهود الدولية والعالمية في مجابهة التغير المناخي. التغير المناخي اليوم أصبح تهديدًا حقيقيًا للحياة، بسبب الانبعاثات الغازية، والقارة الأفريقية هي الضحية، ولكن إن استمرينا باللامبالاة وعدم الاهتمام فسنكون مسؤولين بشكل كبير على عواقب هذا التغير.
غياب الوعي البيئي لدى المواطن وصناع القرار أسهم في كثير من الاهمال، ليبيا مناخها صحراوي وتعاني من ندرة المياه، فعدم الاهتمام بالغطاء النباتي والقطع الجائر للغابات يؤدي إلى كوارث على البلاد وكل هذا يؤدي إلى المجاعات والحروب وهجرة الشمال للجنوب، أيضا العواصف الرملية التي تؤدي للكثير من الأمراض التنفسية وتكلف الخزينة العامة للبلاد.
واضاف د. بن طالب: بأن هناك الكثير من الذين يعتقدوا بأن المياه الجوفية هي مصدر متجدد، وهذا غير صحيح؛ فالاعتماد على هذا المصدر سيؤدي إلى استنفاده عاجلا أم آجلا وهذا ناتج من عدم الوعي البيئي.
أبعاد التغيرات ومضاعفاتها لها تأثيرات اقتصادية وسياسية واجتماعية، ونحن قد بدأنا فعلا نشعر بآثار التغير المناخي ،وبالتالي سيكون له آثار سلبية على الأجيال القادمة. وأوضح بن طالب بأن الغازات الدفيئة لها خاصية الاحتفاظ بدرجات الحرارة، ومن ثم تقوم بإطلاقها من جديد، فتؤدي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري، فالأرض ليس لها القدرة على امتصاص هذا الكم الكبير من هذه الغازات خاصة غاز ثاني أكسيد الكربون، حيث تتكون الأمطار الحامضية التي تؤثر على التنوع البحري والحيوي.
، بمعنى أن زراعة الأشجار تكون موازية لإنتاج الغازات أي توازن صفري، لقد بدأت الدول الصناعية تعتمد سياسة الاقلال من هذه الغازات وذلك بتصديرها للدول الاخرى.
وهناك قمة غير سياسية معنية بالتغيرات المناخية، تعقد كل سنة عل مستوى الرؤساء لمحاولة تقنيين ظاهرة انبعاثات هذه الغازات.
وأكد بن طالب: بأن الدول المتطورة تعهدت بدفع 100بلايين دولار للدول النامية المتضررة، ولكن للأسف لا يصل إلا القليل لهذه الدول، والسبب أن هناك اشتراطات ملزمة من الدول الصناعية على الدول النامية وذلك بنهج سياسة الشفافية بالإفصاح والموافقة سلفًا على كل مطالب الدول الصناعية، بالتعاون معها من جهة، ولكن في الواقع هي مجرد تنازلات لهذه الدول بنقل نفاياتها ومكباتها إلى الدول النامية والإفريقية من جهة أخرى.