لَهو أمرٌ جللٌ، ومَصابٌ مثيرٌ للشكوك، ويتعذّر قبوله وتصديقه.. !
الروح غالية _ كما يُقال _ وهي كذلك فعليًا، وليس هيّنًا أن يستسلم المرء لآلام خروجها، إن كان يتعرض لمحاولة قتل، فالتشبت بالحياة طبيعة غريزية لدى كل المخلوقات، ولا نعلم كيف لمن هم في زهرة شبابهم، أن يعمدوا على إستلالها بملءِ إرادتهم، دونما مقاومة ، أو شعور بالخوف أو الندم، أو حتى محاولة الهروب من سكرات الموت المحتم ؟!
ولعلنا أمام هذه التساؤلات نقف مذهولين، لنعلن عجزنا عن تفسير هذه الظاهرة الصامتة، بعد أن سُجِّلَت وقائعها في عدة مدن ،ومناطق ليبية ، شرقاً وغرباً ، خلال الشهرين الماضيين .
ومع سكوت الجهات الإختصاصية، نحاول في هذه المساحة التعرَّف على أسباب نشوئها بين أفراد مجتمعنا .. وذلك من خلال لقائنا مع الدكتور : سامر محمد سعيد طبيب أسنان اختصاصي تقويم شفاف .. مرشد أسرة – صحة عامة .. اختصاصي دعم نفسي اجتماعي PSS .. اختصاصي تغذية علاجية .. معالج بالطب الشمولي .. متخصص بالكشف بالجهاز الكهرومغناطيسي الطبيب الالكتروني .. مدرب حياة لايف كوتش .. ومدرب دولي في التنمية البشرية، وهو مدير مركز سانيتاريو الطبي .
من منظورك كطبيب نفسي، ما الأسباب الرئيسة التي تدفع بالإنسان لإنهاء حياته بالانتحار؟
من منظوري الشخصي كطبيب واختصاصي دعم نفسي اجتماعي، هناك عدة أسباب قد تدفع الإنسان للإنتحار، وتشمل على سبيل المثال:
1. الاكتئاب الشديد : قد يعاني الشخص من انخفاض مزاجي حاد يؤدي إلى شعور باليأس وعدم الأمل في تحسين الحالة، مما يدفعه للجزم بأن الحياة ليست ذات قيمة.
2. الاضطرابات النفسية الأخرى : مثل اضطراب الهلع واضراب ثنائي القطب واضطرابات الشخصية التي يمكن أن تزيد من احتمالية اتخاذ قرار الانتحار.
3. التعرَّض لصدمة نفسية : مثل فقدان أحد أفراد العائلة، أو الشريك الحبيب، أو فقدان الوظيفة، يمكن أن يسبب صدمة نفسية تدفع الشخص لإنهاء حياته.
4. العوامل البيئية : مثل الضغوط الاجتماعية، الاقتصادية، والثقافية التي يمكن أن تكون مصدر إجهاد نفسي يؤدي إلى الاكتئاب.
5. الاعتلال العقلي : مثل الإدمان على الكحول والمخدرات أو السلوكيات الضارة التي تؤثر سلباً على التفكير و اتخاذ القرارات.
هذه بعض الأسباب الرئيسة التي قد تدفع الإنسان لإنهاء حياته ومن المهم التعامل مع هذه القضايا بجدية وتقديم الدعم والمساعدة للأشخاص الذين يعانون منها.
هناك من يشير بأصبع الإتهام لـ«علم الطاقة» المتمثل في جلسات التأمل، وتتظيف الشاكرات، وما يُعرف بالـ)تيتاهيلينغ(، واليوغا … وغيرها، على أنه محرّض خفي على الإنتحار ، خاصة للشباب . ما تعليقك؟
بالنسبة لعلوم الطاقة الحيوية تعد من العلوم الإنسانية، ولكنها لا تمس الدين الاسلامي الحنيف بشيء، و لكن يمكنَّنا نوعًا ما الاستفادة منها في ربط الثقافات، وتشخيص العلَّل، والأمراض النفسية والجسدية بطرق مختلفة تعتمد على طبيعة الإنسان، ولا يمكن اعتبارها محرضًا على الانتحار بشكل عام، ولكن هنالك من يدعو إنه يعالج بها جميع الأمراض المزمنة الجسدية، والنفسية والروحية ويتعمق في طقوسها بالأسس غير الشرعية ورغم أن أصولها من حضارات وثنية قديمة إلا إنها تعد مؤثرات خارجية حديثة وقوية في هذه الفترة الزمنية خاصة في الشرق الأوسط والمجتمع الإسلامي ولها تأثير على عدة طبقات وخاصة المراهقين و المرضى النفسيين .. الذين يعاونون اضطرابات في فهم أنفسهم والواقع الذي يعيشون به وبجهل منهم، أو بقصد يقومون بغسل أدمغتهم و قد يصل بهم المطاف إلى الابتعاد عن القيم والاخلاق الاسلامية و أحيانًا للإلحاد نوعًا ما والعياذ بالله؛ مما يؤدي إلى فقدان قيمة وجودهم في هذه الحياة وهي عبادة المولى سبحانه وتعالى ويجعلهم ذلك معرضين لخطر الوساوس الشيطانية وانهاء حياتهم بطريقة انتحارية .
نحن نعلم أن الفقرَ والضغطَ النفسي والعصبي، والتفكك العائلي، والصدمات العاطفية، كلها عواملٌ تؤدي للإكتئاب، فهل لذلك تأثيرٌ على تكوين فكرة الخروج من الحياة؟
بالتأكيد العوامل التي ذكرتِ مثل الفقر والضغط النفسي والعائلي والصدمات العاطفية يمكن أن تؤدي إلى زيادة فكرة الانتحار لدى الأفراد الذين يعانون منها. الإكتئاب والضغط النفسي قد يجعلان الشخص يشعر باليأس والعجز ويفقده الأمل في تحسين وضعه لذلك، يجب على الأفراد البالغين من الخطر، أو الذين يعانون من الأوضاع الصعبة أن يتلقوا الدعم النفسي والإرشاد والعلاج اللازم لتقليل فرصة حدوث أفكار إنهاء الحياة؛ تقديم العون والدعم العاطفي قد يكون حاسمًا في مساعدة الأفراد على تخطي الصعوبات والحفاظ على صحتهم النفسية.
مع الحرص على الوعظ والارشاد الديني والرضا بالقضاء والقدر والصبر على الإبتلاء لنيل الأجر وكسب الثواب المضاعف من الله سبحانه وتعالى
البعض ربط ظاهرة الإنتحار بأعمال السحر والشعودة، واعتبروا ضحاياها من المصابين بالمس والأمراض الروحانية؛ هل تؤيد ذلك؟
لا نستطيع ربط ظاهرة الانتحار بأعمال السحر والشعوذة ربطًا مباشرًا إلا إنه للإسف يمكن أن يكون عاملًا من العوامل المؤثرة، الانتحار في الأصل هو مشكلة صحية نفسية خطيرة تحتاج إلى علاج ودعم من قبل الأطباء والمختصين في الصحة النفسية الشمولية وهذا ما نقوم به في مركزنا كفريق متكامل نهتم بالصحة النفسية والجسدية والروحية كحلقة متكاملة إذا نقصت يحدث خلَّل في توازن الجسم
أشرتَ إلى دراسات قمتَ بها على حالات مرَّت بتجربة المحاولة إِثرَ صدمات نفسية وإجتماعية ، حدثنا عنها، وهل توجد إحصائية ؟
نعم، لقد أجريتُ دراسات عديدة حول حالات محاولة الانتحار بعد تعرَّض الأفراد لصدمات نفسية واجتماعية، وقد أظهرت الدراسات أن هناك علاقة وثيقة بين التجارب الصادمة وزيادة احتمالية محاولة الانتحار.
بعض الأبحاث أشارت إلى أن نسبة كبيرة من الأشخاص الذين يحاولون الانتحار قد تعرضوا لصدمات نفسية مثل فقدان العزيز، أو تجارب عاطفية سلبية.
وأظهرت دراسات أخرى أن العوامل الاجتماعية مثل العزلة الاجتماعية وضغوط العمل قد يزيدان من احتمالية ارتكاب الانتحار.
وبالنسبة للإحصائيات، فإن البيانات تختلف من سنة لأخرى، ولكن يمكن القول بشكل عام أن هناك زيادةً في حالات محاولة الانتحار بين الأشخاص الذين يعانون من صدمات نفسية واجتماعية؛ وهذا يجعل العمل على توفير الدعم النفسي والاجتماعي لهؤلاء الأشخاص أمراً ضرورياً للوقاية من محاولات الانتحار.
وقد شملت الدراسة أيضًا انتشار أدوية و عقاقير مهلوسة بين فئة الشباب في الآونة الأخيرة تقوم بفصل العقل الواعي عن الواقع وتؤدي إلى اقبال المتعاطي على الانتحار بلا تخطيط مسبق ودون تفكير .
وكذلك ظهور ألعاب الكترونية انشهرت بين شباب الجيل الجديد و عدة أفلام تحرض الأشخاص على فكرة الإنتحار وانهاء الحياة بطريقة درامية مؤسفة.
بماذا تفسر صمت الجهات المعنية مثل: مركز الدراسات الاجتماعية، و وزارة الصحة، والجهات الأمنية، وعلى رأسهم وزارة الشؤون الاجتماعية حيال الظاهرة ؟!
يعد الانتحار موضوعًا حساسًا وصعبًا يتطلب دراسات عميقة وتحليل شامل للأسباب والعوامل المؤثرة عليه؛ قد يحتاج ذلك إلى وقت وجهد كبير قبل اتخاذ إجراءات مناسبة إلا ان وجود دراسات لدى مكتب البحوث الاجتماعية حول حالات الانتحار مؤخراً كذلك يوجد تواصل بيني وبين وزارة الشؤون الاجتماعية ويتم دراسة هذه الظاهرة بشكل دقيق في كافة المناطق حول حجم المشكلة، وأسبابها وكيفية معالجتها
بشكل عام، يجب على الجهات المعنية بمجال الصحة والاجتماع أن تتحرك بسرعة لفهم أسباب الانتحار وتبني استراتيجيات فعالة للحد منه ومنع حدوثه، وكذلك تقديم الدعم والعلاج للأشخاص المعرضين لخطر الانتحار.
البعد النفسي والاجتماعي لجريمة الإنتحار، إلى ما سيؤول في المستقبل؟
بما أننا من مجتمع اسلامي ونعلم يقينًا بأن الله تعالى هو الشافي المعافي فلا غنى عن الدعاء والصبر واليقين التام بأن الله وتعالى قادر على أن يشفي عباده ولكن من الضروري الأخذ بالأسباب ومعرفة سبب الأمراض و أخذ العلاج المناسب وخاصة للحالات التي تعاني من نوبات عصبية حادة التي تتطلب طبيبًا نفسيًا واختصاصيًا مخ و أعصاب لوصف الدواء ومتابعة الحالة حتى تتحسن، وإن كان بعض الحالات .