التغييراتُ مناخية شيء وراد في خضم ما تعيشه البشرية من عبث صارخ في الكرة الأرضية ومقدراتها وتنوعها البيئي، هل تساءلتَ يومًا عن هذه الظواهر الطبيعية على الأقل في محيطنا الجغرافي، درجات حرارة كل صيف في تزايد .. )جفاف، تصحر(.
مناخنا الذي أصبح شبه صحراوي بل يمكن القول بإنه أصبح صحراويًا، ليبيا ليستْ بمعزلٍ عن المنظومة الدولية .
من خلال هذه التحقيق مع عديد الجهات المختصة بالبيئة نستعرض ما استطعنا لملمته في هذا الإطار ..
بدايتا حاورنا .د.محمد فرج ابوقميزة
مدير مديرية شؤون الاصحاح البيئي الخمس والمنطقة الوسطى :
بحكم عملكم في مجال البيئة ..، ليبيا تعاني من تصحر وجفاف، هل هذه بوادر تغيير مناخي ؟
التغيرُ المناخي هو التغير البيئي ومدى تأثيره على المناخ منها التصحر، وأسبابه، وما هو السبب الرئيس الذي تعاني منه ليبيا والمعلومة الغائبة عن الجميع أنه تم قطع الأشجار وبالتالي سبب عدم سقوط الأمطار حيث كانت الأعشاب تغطي سطح التربة وتعد مثبت للتربة وزحفها، كذلك الرعي الجائر في المناطق الزراعية، ونلاحظ المناطق الشمالية من البلاد منذ تاريخ الاغريق والرومان كانت جل الحضارات تقام في الشمال لوفرة المياه لاستعمالها في الزراعة .
ما أهم هذه المتغيرات المناخية في المنطقة الوسطى بالخصوص ؟
استغلال النَّاس للأراضي الزراعية والبناء عليها وغياب الدولة والتخطيط السليم للمدن الحضارية ادى إلى تفاقم المشكلة، في خطط لم تنفذ على مستوى البلديات مثلاً في بلدية زليتن مساحة 40 كيلو مترًا لم يتم استكمال المخطط منذ عام 1981؛ حيث لم تتعدَ نسبة الإنجاز من 8 إلى 13 % فقط بل ظل البناء العشوائي مستمرًا، وتم قطع أشجار الزيتون والنخيل وظل الامتداد السكاني على حساب الأراضي الزراعية وترتب عليه تغير في المناخ، بالإضافة للتوسع في الأشطة الصناعية ومعظم «الرباش» والحديد والخردة في الأراضي الزراعية وصناعة الطوب الإسمنتي ، وبذلك أصبح مناخ المناطق الساحلية شبه صحرواي، لم توضع استراتيجية للحد من إنبعاثات مصانع الأسمنت حتى هذا الساعة.
أضف إلى ذلك تلوت شواطئ البحر الذي أثر على البيئة البحرية، وكذلك الأحياء البحرية، ونرى مواد كيمائية وعناصر ثقيلة ومواد حيوية يتم تصريفها في البحر، وعدم توفر البيئة الصحية وعدم إنشاء محطات للصرف الصحي مع زيادة عدد السكان؛ وحالياً معظم شواطئ البحر ملوثة من مياه الصرف الصحي غير المعالجة ..
أما عن ارتفاع منسوب المياه في زليتن فسببه عدم وجود البنية التحتية والبناء على الأراضي غير صالحة للبناء ورخص ثمنها .. وعدم وجود استراتيجية واضحة للتخطيط في البلاد ..
رمضان أغالي / الشرطة الزراعية غات :
هل لاحظتم في البلدية تغيرًا في عوامل الطقس والمناخ ؟
بالنسبة لتغير عوامل الطقس والمناخ داخل البلاد لم نلحظ أي تغير ربما في الصحراء توجد تغيرات نتيجة نقص المياه الجوفيه في بعض الوديان..
البلدية تعاني شحًا في المياه ، هل هذه الأزمة حديثة أم قديمة ؟
نعم البلدية تعاني من نقص المياه ، وهي أزمة قديمة جدًا في صيف نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، وتذبذبه يؤثر على مضخات المياه..
وكيف تأتيره على الإنتاج الزراعي في المنطقة ؟
ضعف في إنتاج المحاصيل الزراعيه..
التغير الواضح هو نقص المياه في الوديان .
أ.م /محمد علي بوغزيل
مدير إدارة التنمية الزراعية .. مندوب وزارة الزراعة الليبية في مجموعة دول شمال أفريقيا لمتابعة وتقييم المياهMEWNA.
عضو لجنة دراسة ظاهرة التصحر بالجبل الأخضر
من خلال تخصصكم في مجال البيئة ، هل ليبيا تواجه فعلاً تغيرًا في المناخ ؟
ليبيا ضمن منظومة دول العالم وبالتالي فهي متأثرة بالتغير المناخي العالمي، وأيضًا بحكم موقعها ضمن دول حوض البحر المتوسط وبطبيعة مناخها المتدرج بحكم موقعها الجغرافي واطلالتها بمسافة طويلة على ساحل البحر المتوسط بمناخه المعتدل إلى عمقها الصحراوي بمناخه الجاف والقاسي وبالتالي فهي تواجه تغير ًامناخيًا عالميًا . كما انها تعاني من تغير مناخي إقليمي ومحلي سببه غياب الدولة والوعي لدى المواطنين و الاستخدام غير المقنن وغير المرشد للموارد الطبيعية، أيضًا عدم المحافظة على التوازن البيئي وذلك باهمال قطاع الزراعة و الثروة الحيوانية وانتشار الاعتداء على الغابات والغطاء النباتي بالقطع والتجريف وإقامة المخططات العشوائية والتخلص من القمامة والنفايات البشرية والصناعية بطريقة عشوائية .. هذا بالإضافة إلى الاستخدام المفرط للوقود الاحفوري «المشتقات النفطية» وما ينتج عنه من ارتفاع في معدلات الكربون المسبب الأول للاختلال المناخي والبيئي .
ما هي مؤشرات هذا التغير ؟
مؤشرات التغير المناخي :
* حدوث عاصفة دانيال من أهم المؤشرات .
* التغير الملحوظ في معاملات المناخ المختلفة حيث الزيادة في درجات الحرارة، تذبذب معدلات ومواعيد سقوط الأمطار، ارتفاع معدلات الرطوبة النسبية، زيادة قوة وفترات ومدة هبوب الرياح الموسمية الجنوبية «القبلي». .
* أيضًا التغير في الإنتاج الزراعي والحيواني )كمًا ونوعًا( من المؤشرات الخطرة للتغير المناخي .
* فقدان التربة الزراعية، تكشف الصخور في الكثير من المناطق وخاصة الجبلية من مؤشرات التغيرات المناخيه وهو دليل التصحر.
* تدني كثافة الغطاء النباتي الطبيعي وفقده في بعض المناطق وكذلك ظاهرة إصابة أشجار «العرعار الفنيقي» بالجبل الأخضر من مؤشرات التغير المناخي وما يصاحبه من تغيرات ايكولوجية.
وكيف للدولة الحد من هذه المتغيرات وتأتيرها على كل جوانب الحياة ؟
كيف للدولة الحد من هذه المتغيرات وتأتيرها على كل جوانب الحياة، فإن ذلك السهل الممتنع ان صح التعبير.
وهنا أعرض أفكاري، أو مقترحاتي الشخصية والتخصصية في هذا المجال :
* قيام دولة قوية بها دستور قوي وقوانين قوية والأهم رجال دولة بالمفهوم الصحيح لهذه العبارة متخصصين ويعملون بما يرضى الله والقانون لكي ترضى أنفسهم، وليس العكس .
* إنشاء هيئة عليا للتخطيط الاستراتيجي واعتماد الدراسات والخطط والبرامج العلمية المعدة والمعتمدة بدقة على أن تضم هذه الهيئة المختصين بالقطاعات ذات العلاقة )العاملين ميدانيًا أي أصحاب الخبرة والتجربة العملية( بالإضافة إلى أساتذة الجامعات من ذوي العلاقة بالاختصاص .
* إعادة إنشاء هيئة وطنية مستقلة لتنمية الغطاء النباتي والمحافظة عليه، ومكافحة التصحر، وتنفيذ البرامج والخطط وفق الدراسات العلمية وضمن القالب الزمني المطلوب على الصعيدين القصير والطويل المدى .
* التعاون والربط مع الهيئات والمنظمات ذات العلاقة بالبيئة والتنمية الزراعية المتكاملة. بالإضافة إلى نقل تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال .
جمعية )الصنوبر( .. بشحات
من ضمن الحافظ على البيئة ومواجهة التغيرات المناخية، ما دور الغطاء النباتي في ذلك ؟
دور الغطاء النباتي في مواجهة التغيرات المناخيه مهم جدًا، فالأشجار تعد عنصر التبريد فهي تقوم بتبريد البيئة المحيطة بها من خلال عملية «النتح» تبخر الماء من أوراق النباتات.
كما أنها توفر الظل الذي يقلَّل من درجة حرارة سطح الأرض .
كما ان النباتات تسهم في زيادة الرطوبة الجوية من خلال عملية النتح، مما يؤثر إيجابًا على هطول الأمطار ..
ما دور الجمعية في الحد من عوامل الظواهر المناخية ومتغيراتها ؟
كما يعلم الجميع وكما ذكرنا سلفًا أن الغطاء النباتي له دور كبير في مواجهة التغيرات المناخية وبما أن الجمعية تعمل في مجال الزراعة وتجديد الغابات ونشر الوعي بمخاطر التصحر فهي تعد عضوًا فعالًا وإن كان بسيطًا ولكننا نأمل بأن نصل إلى هدفنا المنشود وذلك من خلال المحميات التي انشأتها الجمعية في غابات مدينة شحات منذ إنطلاقتها ..
هل لاحظتم تغيرًا في أي من الجوانب المناخية التي تخص صميم عملكم في مجال البيئة ؟
حتى هذه اللحظة لم نلحظ تغيرات إيجابية، وذلك بسبب ما يتعرض له الغطاء النباتي من تخريب بشكل مستمر .. رغم كل الإصلاحات التي تسعى لها المنظمات البيئية..
محمد العروسي : م. زراعي درج :
بصفتك مهندسًا زراعيًا ، هل التغير المناخي يمس الجانب الزراعي في بلديتكم وعموم البلاد ؟
نعم تأثير التغير المناخي جلي ..ويتمثل في جوانب كثيرة أهمها التصحر الحاصل ونحن في منطقة تعد ملتقي وديان درج وهي من اخصب المراعي وندرة الأمطار ادت إلى تصحرها وبالتالي تدهور الإنتاج الحيواني ..كما أدى إلى تدهور الإنتاج الزراعي بصفة عامة من حيث نضوب المياه السطحية واختفاء العيون بشكل شبه تام نتيجة هدم تغذية المخزون السطحي للمياه لقلة الأمطار..كما أثر على النباتات بشكل مباشر بجفاف غابات النخيل وخاصة القديمة منها والتي تعد من الموروث التاريخي للمنطقة والأمر كذلك ينطبق على المزارع الحديثة في قلة الإنتاجية..
كذلك درجات الحرارة العالية والجفاف تقلَّل من إنتاجية المحاصيل وأيضًا إلى انتشار الآفات مثل آفة )الغباش( العناكب التي تعاني منها المنطقة في الوقت الحالي من السنة وإنها قد تقضي على كامل المحصول بنسبة قد تصل إلى 80 ٪ وهذا ملاحظ على أشجار التين وكذلك النخيل، والخضراوات أيضًا..بشكل عام يبدو التأثير في ارتفاع درجات الحرارة وندرة الأمطار وقلة الإنتاج النباتي والحيواني ..
ما هي التداعيات الأخرى لهذا التغير ؟
أما عن التداعيات الأخرى..
إذا لم تكن هناك حلول وبشكل عاجل ومدروس وعلى عدة مستويات ..فإن الأمر سيؤدي إلى اختفاء مناطق وهجرة السكان واأمات غذائية واجتماعية خطيرة..
ما الحلول التي يجب اتباعها لتخفيف حدة هذه التغير على الزراعة بشكل عام ؟
فيما يخص الحلول ..
من الممكن متابعة الوضع على عدة مستويات محلية وعلى مستوى الدولة
* على المستوى المحلي ..
التوعية بمخاطر الوضع
الترشيد في استهلاك المياه عن طريق تغير نمط الري من الطرق القديمة إلى الطرق الحديثة كـ)الرش والتنقيط( وزراعة أصناف نباتية اكثر مقاومة للحرارة وأقل احتياجًا للمياه.
اقامة السدود على الأودية لزيادة مخزون المياه السطحية.
المنطقة تقع على خزان جوفي ضخم وخطوط النهر الصناعي تمر بالبلدية؛ فبالامكان تغذية المنطقة من مشروع النهر الصناعي او حفر آبار عميقة.
تفعيل القوانين المتعلقة بالحفر العشوائي ودون تراخيص
تفعيل دور الإرشاد الزراعي فيما يتعلق بطرق الري وكذلك تحريم الري في ساعات النهار
اعطاء الموضوع ما يستحق من عناية على مستوى الدولة وتشكيل هيئة خاصة الغرفة عمليات واشراك المراكز البحثية والجامعات في طرق المواجهة
الاستفادة من التجارب الدولية في هذا المجال..
من الحلول أيضًا .. إلزام شركات النفط والغاز المساهمة في تنمية المناطق الواقعة في نطاق الحقول ومنطقة درج أقرب منطقة لحقل الوفاء وخطوط الغاز تمر خلال المدينة ….
محمد كاريس / الإصحاح البيئي أوجلة :
ما التاثير البيئي لتغير المناخ في منطقتكم ؟
إنتاج الفحم والنفط والغاز أكبر مساهم في تغير المناخ العالمي، وجميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. نظرًا لوجودها في الغلاف الجوي فإن انبعاثات غازات الدفيئة تحبس حرارة الشمس ونبعاث الغازات الناتجه عن عمليات النفط تحبس وتغطي السماء مما أدى إلى نقص الأكسجين وفقدان الأرض من العناصر وتفاعلها وتكوين الأمطار الحمضيه وغيرها..
وهل رصدتم بعض هذه التغيرات ؟
رصدنا بعد التغيرات منها نقص إنتاج الخضراوات وثمار النخيل..
كيف يمكن مواجهة هذه التغيرات المناخية على الأقل في بلديتكم ؟
إلزام شركات النفط بتركيب فلاتر للتقليل من انبعاث الغازات السامة والتقليل منها ..
صلاح بالخير خبير بيئي :
هل ليبيا تواجه فعلاً تغيرًا مناخيًا أسوة بالعالم ؟
بكل تأكيد أي تغيرات مناخية في العالم ليبيا ستكون ضمن هذا النطاق الدولي ، ليبيا تواجه عدة مشكلات حقيقة وتعتبر من أكثر دول شمال افريقيا عرضة للتأثيرات والتغيرات المناخية والبيئية وهذا موجود في عدة تقارير للمؤسسات علمية دولية؛ فالوضع البيئي لليبيا هش ..
ما هي أهم تلك المؤشرات لهذا التغير ؟
قد تعاني من مشكلات كبيرة إذا لم توضع السياسات أو مخططات مستقبلاً بإعتبار ليبيا تصنَّف من الدول الواقعة في مناطق جافة ومهددة وقد يضع ليبيا في منظار عالمي لأن هذا يؤثر على البيئة وكل ما هو موجود من موارد طبيعية وثروات وموارد بشرية وعرضة لعدة أمراض مصاحبة، والتأثير على المحاصيل الزراعية بسبب شح المياه وندرة سقوط الأمطار والمناطق الساحلية مهددة أكثر من أي مناطق وبذلك يتم القضاء على المساحات الكبيرة للمحاصيل الزراعية والتي تعد موردًا غذائيًا للإنسان والكائنات الحية ..