
الإختلافات، والصراعات المنتجة والتي تؤدي إلى هدف مفيد ويتطلع لموقع أفضل هي غالباً ماتكون منطلقة من أساس عقلي منبني على حيثياث ومنطق طبيعي وفكر ناقد مستنير وموضوعي لاينحاز الا إلى الحقيقة ولايتعاطف مع سواها وهو السلوك الطبيعي للمجتمعات الواعية بمراحلها والتي تسعي بشكل دؤوب وجاد للتغير والتطور وتكريس الأولوليات التي من شأنها توفير كل مايتطلع اليه الإنسان داخل المجتمع البسيط وكذلك داخل الدولة باعتبارها العائلة الكبيرة .ولاشك في أننا نتفق )نظرياً( على ذلك كما نتفق أيضاً على آليات الحركة الفكرية ودينامية الصراع وكيفيته ونتائجه التي نناضل لأجلها وفق ثوب فكري نؤمن به ونسعى لتوطينه وتوطيده .ولا أرى ضرورة هنا لتفصيل قد لايكون سوى مملاً بقدر مايفيد من حيث ذكر أسباب الصراعات واهدافها ووو غيرها . أردت فقط التركيز على أن الصراع كضرورة حتمية ماسة وملحة تستوجب إنطلاقه من فكر أو منهج أي من عقل وليس غيره كونه تخصصاً يعنيه دون غيره وحقه المقدس )فكرياً( . الذي لو سلب منه لإختلت الموازين وضاعت البوصلة في عواصف من التداعيات التي تتشابك لتصير بنا ألى خضم بحر متلاطم من الإشكاليات التى لايمكن حلحلتها الا بغير المعقول وبالتالي سنكون في قلب العاصفة وفي المأزق الحقيقي دونما عقل أو قدرة على فهم ما يجري تمامًا كما نحن الآن وسط خضم متلاطم من التداعيات الخطيرة والحرجة ..العقل والعاطفة .. هما وحدهما المحركان الرئيسان لدورة الحياة على جميع الأصعدة ولكل مكانته ووظيفته داخل مسار منطقي يميزنا عن غيرنا مه المخلوقات غير العاقلة أو التي تجردت عن العقل النقدي والتحليلي الى مستوى توظيفه خادماً لرعونات عاطفية لاتخدم سوى الحد الأدنى من المجتمع وهو صاحبها والداعي إليها في صورة إستثمار لعواطف الآخرين وتوظيفها لتغذية الصراع وتأجيجه للدرجة التي تجعلك تظن أنها مسئلة وجودية ماسة تتعلق بالحياة أو الموت بينما هي في الحقيقة مستوى من الخداع الذى تلجأ إليه العاطفة لجمع المكاسب في دورة صراعها المستديم مع العقل الملجم لعنفوانها وتغولها …كلامي ليس خفياً على أحد وهو ليس مشفراً ولا عجيباً بقدر ماهو يشير الى ضرورة ان نقف صادقين في مواجهة أنفسنا وسط مايجري في بلادنا .. نحن فعلا نحتاج لمواجهة أنفسنا أولا وتنظيم أفكارنا وتحديد أرضياتتها التي تنطلق منها وهل هي عقلانية أم أننا نتحرك كالقطيع تسوقه العاطفة غير المنطقية والعمياء وهل نحن فعلا بحاجة لكل هذي التحركات من جميع الأطراف والى أين سيقودنا ذلك .. إن الكثير من التروي والتفكير ضروري في مثل هذى الأحداث التي تتفاعل بشكل عجيب وسريع في بلادنا ودون منطق يحكمها سوى آليات العناد والأنفس المتغولة والتى لاوجهة محددة لها سوى المزيد من التشظى والفرقة . والعجيب أن يطال هذا النمط من التفكير العاطفي المشحون بالتعصب والجهوية حتى من نحتسبهم من نخبة المفكرين حيث الإيمان المشبوه بالقبيلة والجماعة والتيارات الفكرية وهذا فكر أرى أنه ضار حين يترجم المفكر سقوطه الفكري من خلال أدلجة العاطفة وتحميل الذاتي على الموضوعي والضرب بعرض الحائط للأمانة الفكرية الوطنية ولاأجد تفسيراً لذلك سوى أنها دفاعات خاصة عن بريستيج شخصى لايفوتنا تشخيصه وتسجيله في مكتبة التاريخ .. أطراف الصراع الذي يحدث الآن في بلادنا وتحديداً في عاصمتنا طرابلس بأجمعهم ينطلقون من عواطف ضارة لاتفيد سوى مصالحهم ولاتؤدي برأيي الإ إلى المزيد من التشظي والفرقة .. وليس هكذا تورد الإبل إن جاز التعبير لامن الحكومة ولامن رافضيها ويظل الحوار العقلاني الجاد والرصين هو مفتاح السعادة وأولى من الغضب والثوران الذي لايؤدي الا الى المزيد مم الخسائر التي تخنق المواطن البسيط صاحب الوطن الحقيقي .. أتصور أن يستفيق الجميع ويحتكموا إلى الصدق والعقل قبل أن يسقط البيت على رؤوس الجميع ولايكون أمامنا سوى الخسارات الفادحة تلك التي لاتعوض .