رأي

تجارة الإعلام والنخب

محمد الرحومي

ونحن‭ ‬نرصد‭ ‬هموم‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن‭ .. ‬داهمني‭ ‬صديقي‭ ‬ممن‭ ‬اعتبرته‭ ‬وصنفته‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أرى‭ ‬قارئا‭ ‬بامتياز‭ ‬ومتابعاً‭ ‬بشغف‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬مختلفة‭ ‬وخاصة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تمس‭ ‬حياة‭ ‬المواطن‭ ‬وما‭ ‬يتعلق‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬ظروف‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وسياسية‭ ‬وغيرها‭ .. ‬سؤال‭ ‬صديقي‭ ‬هذا‭ ‬أربك‭ ‬حضوري‭ ‬معه‭ ‬جراء‭ ‬إفراطه‭ ‬في‭ ‬الشفافية‭ ‬والصراحة‭ ‬المطلقة‭.. ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬أكد‭ ‬لي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وجهة‭ ‬نظره‭ ‬بأن‭ ‬ليبيا‭ ‬ليست‭ ‬بلد‭ ‬قراء‭ ‬ولاصحافة‭ ‬ولاعاقة‭ ‬لها‭ ‬أصلا‭ ‬بالثقافة‭ .. ‬سألني‭ ‬ما‭ ‬الفارق‭ ‬بين‭ ‬رجل‭ ‬الشارع‭ ‬ممن‭ ‬وصف‭ ‬بالعوام‭ ‬وبين‭ ‬الصحف‭ ‬ممن‭ ‬وصف‭ ‬بالنخب‭ ‬الصحيفة‭ ‬والمثقفة‭.. ‬هل‭ ‬ثمة‭ ‬فارق‭ ‬في‭ ‬التأثير‭ ‬والنتائج‭ ‬المتعلقة‭ ‬بقضايانا‭ ‬المختلفة‭ ‬نحن‭ ‬لم‭ ‬نستفد‭ ‬من‭  ‬هذه‭ ‬النخب‭ ‬في‭ ‬شيء‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لهم‭ ‬أي‭ ‬تأثير‭ ‬فيما‭ ‬سبق‭ ‬إلا‭ ‬بأن‭ ‬خلق‭ ‬صراعا‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالإعلام‭ ‬الوطني‭ ‬وبين‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬طفوا‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬عبر‭ ‬الاعلام‭ ‬المحمول‭ ‬والمدعوم‭ ‬لأغراض‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭.. ‬للوهلة‭ ‬الأولى‭ ‬أيقنت‭ ‬بأن‭ ‬الإعلام‭ ‬هو‭ ‬ذاته‭ ‬من‭ ‬يلحق‭ ‬الأذى‭ ‬بالإعلام‭ .. ‬وأن‭ ‬النخب‭ ‬هي‭ ‬ذاتها‭ ‬من‭ ‬استعملت‭ ‬لتشويه‭ ‬المشهد‭ ‬الإعلامي‭ .. ‬وأن‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإعلامية‭ ‬هي‭ ‬مؤسسات‭ ‬موجهة‭ ‬للتأزيم‭ ‬وليس‭ ‬للبناءوإظهار‭ ‬الحقائق‭ ‬وأن‭ ‬الشفافية‭ ‬هي‭ ‬متاهة‭ ‬وكمين‭ ‬يراد‭ ‬بها‭ ‬اسكات‭ ‬وإسقاط‭ ‬الحقائق‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭  ‬أن‭ ‬تنهي‭ ‬زحفنا‭ ‬داخل‭ ‬ذلك‭ ‬النفق‭ ‬المظلم‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬نر‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬إضاءة‭..‬الإعلام‭ ‬الوطني‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬شك‭ ‬قد‭ ‬خسر‭ ‬معركته‭ ‬منذ‭ ‬الجولة‭ ‬الأولى‭ ‬لانفلات‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالاعلام‭ ‬الحر‭ ‬المبني‭ ‬على‭ ‬التمويل‭ ‬المجهول‭ ‬والمزود‭ ‬بأحدث‭ ‬الأدوات‭ ‬والتقنيات‭ ‬فعلا‭ ‬لقد‭ ‬أصبح‭ ‬هذا‭ ‬الإعلام‭ ‬الممول‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬المتلقي‭ ‬وفي‭ ‬كافة‭ ‬مستوياته‭ ‬هو‭ ‬الواجهة‭ ‬المسيطرة‭ ‬على‭ ‬المشهد‭ ‬وهو‭ ‬الإفراز‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬بإمكان‭ ‬النخب‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬فيه‭ ‬محاورين‭ ‬بعد‭ ‬مرورهم‭ ‬الكريم‭ ‬على‭ ‬موطف‭ ‬الخزينة‭ ‬عقب‭ ‬كل‭ ‬حلقة‭ ‬أو‭ ‬مشهد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مدركا‭ ‬لكل‭ ‬توجهات‭ ‬القناة‭ ‬التي‭ ‬اشترت‭ ‬صوته‭ ‬وكلمته‭ ‬التاجر‭ ‬أصبح‭ ‬صاحب‭ ‬الإدارة‭ ‬والمبادرة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬السلعة‭ ‬والاحتياج‭ ‬وحتى‭ ‬الأحلام‭ ‬والطموحات‭ ‬لن‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تغفو‭ ‬على‭ ‬حلم‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬تسر‭ ‬تحت‭ ‬ظلال‭ ‬التاجر‭ ‬لذا‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬إعلاميا‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬تجيد‭ ‬قراءة‭ ‬أفكار‭ ‬ورغبات‭ ‬صاحب‭ ‬القناة‭.. ‬كما‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬النخب‭ ‬التي‭ ‬تعرض‭ ‬سلعتها‭ ‬الفكرية‭ ‬والمعرفية‭ ‬سإلا‭ ‬إذا‭ ‬لجأت‭ ‬إلى‭ ‬شبابيك‭ ‬أصحاب‭ ‬الحضوة‭ .. ‬لكل‭ ‬هذا‭ ‬فقدنا‭ ‬التأثير‭ ‬وسلبت‭ ‬من‭ ‬الشفافية‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى