أزمة الكهرباء, سياسية أم اقتصادية ؟
أبوبكر المحجوب
الكهرباء تعتبر من أساسيات الحياة اليومية لكل الناس على هذه الكرة الأرضية , و الكهرباء كغيرها من الصناعات مرّت بمراحل تطور كبير, فقد بدأت بما يعرف بالمحطات البخارية ثم الغازية و اليوم تدار بالطاقة النووية , و بالطاقة الشمسية أيضا …
و الكهرباء تمر بآلاف الكيلومترات عبر كابلات و أبراج و محطات توزيع من دولة إلى دولة و من مدينة إلى أخرى و أذكر أن تركيا في نهاية السبعينيات قد وقعت عقدا مع بلغاريا و لمدة خمس سنوات حتى تستطيع تحديث شبكتها و بالفعل يوم انتهاء العقد , تم إيقاف نقل الكهرباء من بلغاريا إلى تركيا و من ثم تم تشغيل محطاتهم الكهربائية و لا أذكر أنها انقطعت على مدينة ما منذ ذلك التاريخ …
نحن نعلم أن هناك اتفاقية عربية ما بين الأردن و مصر و ليبيا و تونس بما يعرف بالربط الكهربائي وكانت ليبيا في الفترات الماضية لديها فائض في الكهرباء و كانت تمنح فيه لمصر و تونس و يصل إلى الأردن أيضا …
و نحن نسأل الحكومة هل هذه الاتفاقية لا زالت سارية المفعول ..
و هل بامكاننا أن نجري اتفاقية مع تشاد أو مصر لمدة محدودة حتى يتم حل معضلة الكهرباء في ليبيا ..
إن انقطاع الكهرباء له تأثير على الحياة اليومية للمواطن و أيضا له تأثير كبير في اقتصاديات التجار والحرفيين و غيرهم .. فكم من كميات اللحوم جرى إعدامها و كم من منتجات المواد الغذائية تم إتلافها و كم من أجهزة المنازل للعائلات الليبية قد أصيبت بضرر فادح و انتهت و لم تعد تصلح بتاتا و لا يوجد تعويض من قبل المسؤولين عن الكهرباء ..
نعم المواطن يعيش حياة ظنكى في ظل فلسفات بدائية ما أتى الله بها من سلطان , فهذا يريد أن يقطع الكهرباء لغرض سياسي في نفسه و آخر يقفل أنابيب البترول و يقف التصدير لمادة البترول والتي هي ملك كل الليبيين , و منها رواتبهم و مصاريف حياتهم المتمثلة في التعليم الرديئ و الصحة التي لا يبدو أنها قد عالجت المواطن , بل زادت في عنائه , و صار يذهب إلى مستشفيات دول الجوار المتواضعة هي أيضا ..
فالأزمة الحقيقية ليست في انقطاع الكهرباء بل في العقول التي تدير البلاد و التي لا نرى فيها عزم الرجال و حسن التدبير و قوة الإرادة و إحكام العقل في تسيير أمور البلاد ..
هل يعلم السادة أن هناك هجرة ليبية تدار بشكل غير منظور لاستقطاب العائلات المتعلمة و الراقية لتفريغ المجتمع الليبي من مثل هذه العائلات التي لها قدرة على التعلّم والتعليم و الإنتاج …
والبحث عن الحلول لا يكلف كثيرا , إذا ما نظرنا إلى الأمر من أنه قضية أمن قومي و علينا جميعا أن لا نستهين بالأحداث العابرة و لا نسيّس متطلبات المواطن في حياته اليومية ..اللهم إلا إذا كان الموضوع ذاته يدار بحسن نيّة .