براح
ليس بوسعي أن أتطرق إلى جميع (ألعابنا) الشعبية وهي جزء من تراثنا الثقافي الوطني وربما تكون هناك بعض الإختلافات في طريقة وشكل بل وأسماء هذه الألعاب بإختلاف المناطق في ليبيا ولكنني سأتطرق هنا لبعض الألعاب التي عايشتها ومارستها بنفسي في طفولتي وفي مدينتي الأصلية إجدابيا أيام زمان ! .. فهناك مثلا ً لعبة (الباصة) التي كان يلعبها أولاد وشباب ورجال البادية حيث ينقسم المشتركون إلى فريقين متنافسين وتكون أداة اللعب عبارة عن كرة صغيرة الحجم يمكن إلتقاطها باليد الواحدة ومصنوعة من القماش المحشو بالرمل وقد يستخدم جورب (شخشير) لهذا الغرض ! .. ويقوم أعضاء كل فريق برمي الكرة لبعضهم بعضا ً وتداولها فيما بينهم فقط بواسطة الأيدي دون الفريق الآخر بينما يحاول أعضاء الفريق الآخر قطع الطريق عليهم وإلتقاط الكرة لصالحهم ويحق لكل من يلتقط الكرة أن يضرب بيده ظهر لاعب الفريق الآخر الذي يزاحمه محاولا ً سلب كرة (الباصة) منه ولا يحق له ضربه إلا إذا كان واقفا ً بجواره أما إذا جلس وأنحنى اللاعب الآخر المزاحم أو أخذ وضع القرفصاء فلا يحق له ضربه وإذا ضربه خرج الضارب من اللعبة ! …. وأحيانا ً يحمى وطيس المنافسة بين الفريقين ويكون الضرب فيه على أشده وتأخذ العبة عندها طابع الخشونة الشديدة !!!؟؟
…. وأما لعبة (الوابيص) فهي لعبة للأولاد فقط وهي ما يطلق عليها في مصر إسم لعبة (الإستغمايه) حيث يتم من خلال القرعة أو الإتفاق اختيار أحد الأولاد ليلعب دور (المفتش) فيغمض عينيه ويدير وجهه نحو الجدار ثم يبدأ في العد بشكل بطيئ حتى العشرة أو العشرين أو العدد المتفق عليه بينما يفر بقية الأولاد للإختباء في أمكنة متفرقة وحينما ينتهي من العد يبدأ في التفتيش عن الأولاد وكل من يكتشف مكانه ويراه يشير إليه بإصبعه قائلا ً ( وابيص) ! .. فيخرج هذا الولد الذي تم اكتشاف مكان إختباءه .. ويكون الأخير هو الفائز ! …. أما البنات ففضلا ً عن صناعة العرائس الخشبية وصناعة بعض الملابس لهذه العرائس بقطع القماش أو بقطع ورق القصدير (القزير) المرن الذهبي أو الفضي الذي كن يتحصلن عليه من علب السجائر الفارغة فهناك أيضا ً لعبة (النقيزه) الشهيرة وهي عبارة عن مجموعة من المربعات المرسومة على الأرض بطريقة خاصة أو مرسومة على الرصيف (المرشبادي) بواسطة الفحم حيث يستوجب على البنت القفز من مربع إلى آخر برجل واحدة فقط وفق قواعد محددة وتنتقل من مرحلة إلى أخرى حتى تصل إلى المرحلة الأخيرة والخطيرة التي يستوجب عليها أن تعبر المربعات بقدميها الإثنتين وهي مغمضة العينين وهي تردد ( آآآمي !؟) فترد عليها الأخريات (سلامي !؟) إذا لم تطأ بقدمها الخط الفاصل بين المربعات وإلا فتخرج لتأخذ بنت أخرى مكانها ، وهكذا حتى تستكمل إحداهن كافة المراحل فتكون هي الفائزة !والشاهد أن الألعاب على أيامنا كانت كثيرة ومتنوعة بل وموسمية .. فلكل موسم ألعابه ! .. والمميز فيها أن معداتها وأدواتها كانت من صنع الأطفال أنفسهم وأحيانا ً يقوم الكبار بمساعدتهم في صناعة اللعبة أما اليوم فإن أطفالنا لا يصنعون ألعابهم بأنفسهم بل يشترونها جاهزة من السوق ولا يستمتعون ولايعانون ويعيشون بأنفسهم تجربة عملية صنع هذه اللعبة كما كنا نفعل أيام زمان .. ثم دخل على الخط عالم (الكومبيوتر) و(الفيديو قيم) و(البلي إستيشن) وسائر الألعاب الإلكترونية وأصبح أسعارها في متناول الجميع أو أنها متاحة من خلال مراكز الألعاب العامة فبدأ من ثم عصر إنقراض ألعابنا القديمة وكأنها ديناصورات بائدة ! .واحسرتاه على ألعاب زمان أيها الأحبه !!. ولذلك فنحن نحتاج اليوم إلى من يشد الهمة ويجمع المعلومات والذكريات عن تلك الألعاب القديمة (المنقرضة ) أو التي في طور الإنقراض وحبذا لو نصنع (نماذج) لها ونصورها ثم ندرجها في كتاب يتحدث عن (ألعابنا) وألعاب أبائنا وأجدادنا .. فهي جزء من تراثنا الوطني الثقافي الشعبي .. وتسجيل هذا التراث وحفظه واجب وطني على كل مقتدر .