أمين مازن.. لنكتب جميعاً ما يفيد الوطن
في حواراتنا التي لا تعرف التوقف كلما جمعتنا الصدف العارضة أو المواعيد المُرَتبّة مع المحامي المثقف الدكتور جمعة عتيقة، اختلفنا حول ما إذا كان يحق للأنسان المسكون بالرأي أن يضرب صفحاً عما يدفع به بعض الذين شاركوا يوماً في أحداث الوطن من كُتب تتعلق بتجربتهم و وزعت بهذه الطريقة أو تلك، حين لا تتوفر لدى من يعرض عن القراءة في وجود المستوى الدافع للقراءة، لينتهي الرأي لذوي هذا الموقف إلى الربط بين الحرفية و الأمانة الإنسانية، كان جمعة مشتطاً بين الجد و الهزل و الانتقال من إسم لآخر و أثر جديد و آخر قديم، غير أن المهم بالنسبة لي أن المسئولية الفكرية و قد أقول الوطنية توجب الصبر على الاطلاع خشية أن نبخس الناس أشياءهم و نتحامل على مزاجنا و خصوصياتنا و ما ينتابنا مما لا أُبَرِّئ النفس منه و العزيز جمعة يدفع به، و منه ما يتعلق بإسهامي في الخصوص و الذي كان موضوع حوار الأعزاء من رفاق الكلمة هنا في طرابلس و هناك في خريف هون الثقافي الذي كرّسه الشاعر و المناضل سنوسي حبيب للراحل يوسف الشريف و كاتب هذه السطور كما دوَّن في سيرته، و قد كان جمعة عتيقة في مقدمة من حضر و أبلى البلاء الحسن في المحفلين، و ما تزال مشاركته محفوظة في هذا الفضاء و استفيد بها في أكثر من إطروحة جامعية، بعضها توقف عند تجربتي و بعضها الآخر جاء ضمن دراسة جامعية لنيل الدكتوراة و جمعت بيني و بين الراحلين الأساتذة عبد الله القويري و كامل المقهور و علي خشيم، و الأستاذ أحمد نصر أمد الله في عمره، كانت المرحلة مرحلة اختزال الزمن في الرجل الواحد المفتخر بالأب الواحد و الجد الواحد و الأم الواحدة، و القرية التي تتقدم على أم القرى و كان تمرير الأحداث و إعفاء الرقيب من ممارسة سلطاته التي يريد أولو الأمر توظيفها للحد، إن لم نقل المنع عن أي شيء يتعلق بالمدينة أو العصرنة، مما يجعل من إشارة المرحوم خليفة التليسي، إلى القوة الخفية التي حاول النص أن يوقفها عند حدها، أقوى الإشارات، على غموضها الذي يساعد على تمريرها، ليكون تجنيس «المولد» بجنس الرواية مساعداً مهمة الرقيب، أما من اعتمدها ضمن ندوات معرض القاهرة للكتاب فخيرُ دليل على أن كل من يفلح في التسلل إلى مصادر القرار لن يعجز على تمرير الأجدر لتقديم الوجه الحقيقي للبلاد، و ليت عزيزنا جمعة عتيقة يعطي الأسبقية للكلمة المكتوبة بدل الشاشة الصغيرة التي تخدم المنشط و ليس الوطن.