الخرقُ فيَّ،
لا في الثوبِ.
وفي كلِّ تمزّقٍ
ينزُّ سؤالٌ قديم،
نسيتُ أن أطرّزهُ بجواب.
اللغةُ
إبرةٌ مائلةٌ في يدِ الريح،
تدخلُ من جهةِ القلب
وتخرجُ من جهةِ الغيم،
تتركُ أثرًا لا يُرى
إلا حينَ يبكي الصمتُ وحده.
الريحُ
عجوزٌ لا أبناءَ لها،
تجلسُ على كرسيٍّ هزّاز
في آخرِ الصمت،
تحيكُ جواربَ المعنى
لحفيدٍ لم يُولد،
كلُّ غُرزةٍ
سؤالٌ بلا جواب،
وكلُّ عقدةٍ
دمعةٌ يختزنها الغيم.
ولا تمطر
اللغةُ ابنة متبناة،
هجرتها منذ قرون،
لكنها لا تزال تحيك،
لعلّ القصيدةَ تأتي.
أسحبُ السلكَ من حنجرتي
كأنني أخيطُ القصيدةَ
من صوتٍ لم يُولد بعد،
أُمرّر المعنى
في ثنايا الخرق،
فلا يلتئم.
أنا الراتقُ دون يقين،
أرقّعُ الوجودَ
بشيءٍ يشبه المعنى،
وأخيطُ الزمنَ
بخيطٍ من شهقة.
يا أيها الخرقُ
الممتدُّ في جسدي كقَدَر،
كلما ظننتُ أنّني رتقتُكَ،
انفتحتْ من جديد
كبابٍ لا يُغلق،
كحُلمٍ لا يزال تحت الوسادة.
القصيدةُ؟
هي محاولتي الكسيرة
أن أُخفيَ هذا العَطَبَ
بقصيدةٍ تضيءُ
ولا تشفي.
كثرتْ خيوطي،
واختبأتِ الإبرةُ في حنجرتي،
ضاعَتْ بين استعاراتٍ
لم تعُد تسعُ صمتي.
أُرتّقُ القصيدة
بما تبقّى لديَّ من شكّ،
أرقّعُ الصمتَ بالصدى،
وأُدخِلُ الإبرةَ لثُقبِ الغيم،
فتهطلُ مجازًا
لا يقينًا.
كلما طالتْ خيوطُ الشعر،
ضاعَ خيطٌ من يدي،
وصارتِ القصيدةُ
تُفتّش عن نفسها
كما تفتّش عن إبرةٍ
في كومةِ ريح.
يقولون:
)طُولُ السلكِ يُضيّعُ الإبرة(،
وأنا أمدّدتُ اللغةَ
حتى نسيتُ أنها كانتْ أداةً،
أنها كانتْ جُرحًا حادًّا
لا مرثيّةً أنيقةً.