أثارتْ دعوة هيئة الرقابة الإدارية بطرابلس ايقاف التعيينات خلال الأسبوعين الماضيين إلى انتقادات وجدل واسعين بين كافة شرائح وفئات المجتمع التي جاء في نصها )إن المصلحة العامة باتت تقتضي تعليق إجراءات شغل الوظائف العامة -التعيينات والتعاقدات – إلى حين اعادة النظر فيها(.
مشيرة في هذا الصدَّد إلى أن ارتفاع عدد موظفي الدولة في القطاع العام تجاوز مليونين و99 ألف موظف خلال 12 عامًا الماضية بنحو 372 مليارًا، و795 مليونًا و500 ألف د. ل.
تبيّن أن آخر تقريرٍ لديوان المحاسبة الليبي لعام 2023، أشار إلى أن عدد الكادر الوظيفي في ليبيا حتى ديسمبر من العام نفسه بلغ 2,095,799 موظفًا، في حين أشار تقرير هيئة الرقابة الإدارية السّنوي الثالث والخمسون 2023 إلى أن عدد العاملين في ليبيا بلغ 2,099,200 موظّفً، وأرجعت الهيئة، في منشور عبر صفحتها على «فيسبوك» التضخم الوظيفي إلى قيام الجهات العامة بإصدار قرارات شغل الوظيفة العامة «التعيين والتعاقد» بأعداد كبيرة وإجراءات عشوائية دون التقيد بأحكام القانون )12( لسنة 2010 مما رتّب التزامات مالية على الخزانة العامة، متمثلة في الإفراجات والفروقات المالية، عجزتْ الدولة عن الوفاء بها.
وأشارتْ الهيئة إلى منشور وزير المالية بحكومة الوحدة الوطنية رقم )4( لسنة 2022 بشأن إلزام كافة الجهات الممولة من الخزانة العامة التقيد بالإنفاق في حدود المخصصات المقرَّرة لها بالميزانية العامة، وعدم ترتيب أي التزام مالي لا يقابله تغطية مالية، وعدم إحالة أية مطالبات مالية للوزارة تتعلق بالمستحقات المالية لعدم اختصاص الوزارة بصرفها»
وقالت : إنّ ذلك أربك سير العمل بالجهاز الإداري للدولة، وأنهك كاهلها بالتزامات مالية طائلة واستنفاد جهود الجهات الرقابية في بحث ومتابعة شكاوى وبلاغات الموظفين المطالبين بمستحقاتهم المالية «بوابة الوسط».
وقال البنك الدولي في تقرير صدر العام الماضي، استنادًا إلى مسح أجري في 2022، إن نحو 89 % من قوة العمل في ليبيا موظفون في القطاع العام.
وتشير بيانات البنك المركزي إلى أن رواتب القطاع العام في الدولة المنتجة للنفط قفزت 104 % خلال السنوات الأربع الماضية إلى 67.6 مليار د.ل نحو 13.70 مليار دولار العام الماضي مقارنة مع 33.1 مليار دينار في عام 2021.
وهناك َمن يرَ أن هذه الدعوة ضرورية لتخفيف العبء على القطاع العام والانفتاح على القطاع الخاص، وآخرون يحذرون من تداعيات هذا القرار إن تم تنفيذه فعلاً.
يقول أحد الخبراء إنّ ليبيا اعتمدتْ منذ الثمانينيات على القطاع العام، وأهملتْ القطاع الخاص وهنا نشأت شريحة كبيرة من الباحثين عن العمل في الوظيفة العامة دون وضع سياسات تشجع القطاع الخاص والعمل على بروز مشروعات صغرى ومتوسطة للباحثين عن العمل.
وهو ما أدى إلى نشر ثقافة التعيين واللجوء إلى الراتب والتعيينات في إطار القطاع الحكومي، ونتيجةً للعدد الكبير من الموظفين الحكوميين ضعفت الميزانية العامة.
وفي المقابل لم تكن هناك رؤية واضحة فيما يتعلق بالسياسة العامة للاقتصاد للدولة الليبية خاصة فيما يتعلق بالنهوض بالقطاع الخاص، والاستفادة من الأموال الطائلة الموجودة في المصارف في تشجيع القطاع الخاص، وما زالت القوانين القديمة لا تشجع الاستثمار في القطاع الخاص ما يؤدي إلى تخوف شريحة كبيرة من المواطنين تجاه الانضمام للقطاع الخاص، وهو ما جعل المواطن يخشى القطاع الخاص ويلجأ للقطاع العام حتى لا يتعرض للتعسف أو الإهمال.
نعم نحن فى هذا الصدد لا ننكر وجود خروقات من قبل اللي ميت معاشه ماشي، واللي قاعد يقرا، ومتعين ومعاشه ماشي واللي مهاجر ليه سنين برا البلاد راتبه ماشي واللي واللي.
لكن أن نأتى للمتخرجين بشهائدهم وموجودين فالبلاد دون تعيين ولا راتب طامة كبرى واثبت بذلك قرارات الآخرة يدفع ثمنها المواطن المسكين فقط : وقفوا التعيينات، هددوا برفع الدعم على الوقود، ركبوا عدادات الكهرباء لزيادة الفواتير، وكلها خطوات تخنق المواطن أكثر وأكثر فهناك ألف باب فساد بمقدورنا قفله .
فالطالما كانت البطالة في ليبيا لغزاً مُرَكَّباً تتداخل فيه تفاصيل اجتماعية واقتصادية فدعوة هيئة الرقابة الإدارية الأخيرة بوقف التعيينات الحكومية كانت الشرارة التي أضاءت المشهد؛ لكنها أيضاً أثارت عواصف من التساؤلات والمخاوف.
فكيف ندعو لإيقاف التوظيف دون أن تُقدم بدائل؟، كيف تُلغي أملاً في التعيين دون أن تبني جسوراً لمستقبل أفضل؟
إن دعوة الرقابة الإدارية لإيقاف التعيينات مجحفة، فلا يمكن تحميل المواطن البسيط عبء هذه القرارات دون حلول عملية ويظل السؤال قائماً:
ما الحل؟ هل نملك الجرأة والشجاعة لمواجهة هذه التحديات بسياسات مبتكرة؟.
بكل تأكيد يتطلب الاستثمار في التعليم والتدريب الفني لسد فجوة الكفاءات وإعادة هيكلة القطاعات العامة لتوظيف الطاقات الزائدة بفعالية.ودعم القطاع الخاص ليكون شريكاً حقيقياً في خلق فرص العمل من وجها الى جانب ضروري الطرح بدائل لاستيعاب طوابير الباحثين عن العمل
فايقاف التعيينات والتوظيف لن يفتح باب المنافسه كما يرى البعض بل من وجهه نظري سيجعل قطاع الخاص يعمل وبكل قوة على استوطأ حيط المواطن البسيط لأن القطاع الخاص يرفض ابرام اي عقود تلزمه بدفع الضرائب والتقاضي وحقوق العامل أو الموظف وهو ما يحدث وبشكل خاص مع تجار الملابس والأحذية والمواد الغذائية ومن والمصحات الخاصة، والمدارس الخاصة على سبيل المثال لا للحصر يحدد قيمة 700.د.ل على سبيل المثال والعمل لحدود 14 ساعة يوميًا وفي حالة رغب صاحب المحل وبمزاجيته طرد العامل أو الموظف متى شاء؟؟!!!!!!!
ومن هنا يلزم على وزارة العمل إعادة النظر في قانون العمل 212 ولائحته التنفيذية ومراجعته وعلى مكاتب العمل إلزام القطاع الخاص بإبرام عقود العمل مع العنصر الوطني والزامه بدفع حقوقه كاملة وله حق التقاضي في حالة تأخر ذلك أو رفض رب العمل على سداد حقوقة أما هكذا مزاجية اعتبره بمثل التعامل مع العمالة الوافدة وعمال المناولة !!!!
وبالتالي الموضوع غاية في الأهمية يلزم أخذ الأمر بغاية من الجدية والمتابعة وعلى الدولة العمل على الاهتمام بالتنمية المكانية والمشروعات التي تستوعب الخريجين والأعداد الكبيرة من البطالة أو اقول الباحثين عن العمل.
وهذه من مسؤولية الدولة ولا يجوز التهرب منها ليبيا غنية بالموارد على مختلف انواعها وبالتالي لا مبرر للدولة في التقاعس بما يتطلبه سوق العمل للمواطن الليبي وضمان عيشة كريمة للخريجين والباحثين عن العمل وبما يتناسب ومؤهلاتهم
إن علاج أي تجاوزات في موضوع التعيين بالقطاع العام وتقليل النفقات وتخفيف العبء على ميزانية الدولة يجب أن لا يحل بمثل هذه العشوائية والاندفاعية غير مدروسة وبدل ذلك يجب ان يكون بدعم القطاع الخاص وتقليل النفقات جهات ومؤسسات الدولة بالمقام الأول.
فاليوم نقف أمام مفترق طريق صعب يحتاج المزيد والمزيد من الحكمة والوعي والمسؤولية. والأصوات التي تُنادي بالإصلاح يجب أن تُقابل بخطوات جادة تُعيد الأمل إلى طوابير الباحثين عن عمل وبما يخدم مصلحة البلاد فى خط متوازٍ.