ابدأ بنفسك فأنهها عن غيها
أمين مازن
كنتُ في السابع والعشرين من شهرنا الربيعي هذا الذي يوشك أن يلفظ أنفاسه لصيف نأمل ألا يكون حاملاً لما يهدّد حياتنا الطبيعية والسياسية مستأنساً بحشد من الحشود التى طالما حرص العزيز الدكتور نجيب الحصادي على تفعيلها بالمساهمة الشخصية وتحفيز من يثق في جديته لحضورها لاختتام الندوة العلمية التى حملت عنوان (دور القانون في المصالحة الوطنية) تلك التى أقيمت من طرف المركز القانوني التابع لجامعة بنغازي في جلسات عُقِدتْ في أكثر فضاء جامعي وأوراق جمعت بين البحث والإستبيان والتعويل على قواعد البيانات, هو حضورٌ شد من أثرى فيه الأُستاذان رضى بن موسى وإبراهيم حميدان تلبية لدعوة وجهت إلى جمعية الآداب والفنون التى تسعى للإسهام في الحياة الثقافية قدر المستطاع, فأمكن الإنصات إلى مجموعة الأبحاث المعدة من المُكلَّفين سلفاً ومساهمة مكتوبة من المجلس الوطني الذي استضاف النشاط, وأخرى ألقتها المثقفة سعاد الوحيدي باسم المجلس الرئاسي, تلاها مجتمعة حوار شارك فيه عديد الحاضرين بجدية واضعي اليد من حضر بجدية أيضا أملاً في أن يتمكن المنظمون من التوثيق المنتظر لاحقا, فوجدتني هنا مدعوٌ لتدوين ما أعلنته من الامتنان لجهود الجميع من تحية الدكتور الحصادي على حرصه الدائم على الإحاطة بما يخطط له ويسهم فيه, وإفساح المجال لكل من يأنس فيه الحماس لكل نشاط جمعي, ولا سيما حين يرى في الحضور ما يقطع الطريق على المتطوعين بالاقصاء, مع التذكير بأن المصالحة الوطنية لن تنجح ما لم ينظر إليها كمصلحة مشتركة وليست مِنَّة من طرف قوي على آخر ضعيف, ولا سبيل إليها لمن يتبنون فكرة الحذر من ذوي الأفكار السياسية, وما جاء في ورقة المجلس الوطني حول الجدليين و المؤدلجين إذ لا وجود للجدية من دون الهوية الفكرية, ولا قدرة على الإنجاز وإنتاج المشترك من دون الحصيلة المعرفية وبالتالي فإن الحذر الذي قد يكون لا مهرب منه, هو ضآلة الصدق أو تسخير المجال للاستفادة الخاصة, أو التخريب المتعمد مما يوجب على المجلس الرئاسي الذي جعل من أولوياته تحقيق المصالحة الوطنية, والتى حض عليها المجتمع الدولي لمجرد اعترافه بالذين تقدموا انتفاضة فبراير من الداخل ولم يصلوا بعد أن أعلن الناتو موقفه أن يصحح مسار المصالحة الوطنية بالإشراف عليها صراحة ومن دون تحويلها إلى بيروقراطية تقودها مفوضية وسيارات فخمة وسفريات هنا وهناك وإنما هي ببساطة امتلاك عدد من الفضائيات الحاملة اسم ليبيا الوطنية أو الرسمية أو أي اسم من هذا النوع تتبنى الخطاب الثقافي الهادف و الواعظ الديني القائم على الحكمة والموعظة الحسنة مع التفريق بين التنبيه للأخطاء قصد الإصلاح وأساليب التخوين وكل ما يبيح إهدار دماء المواطن ظلماً وعدواناً, وأن يكون شعار الجميع : (ابدأ بنفسك فاننهها عن غيها .. فإذا انتهت عنه فأنتَ عظيم).