استطلاعاتالرئيسية

ادب الطفل : هل انتهى عصر الكتابة للطفل ..؟!

غسان‭ ‬الفرجان

نحن‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬الطريق

لدينا‭ ‬الاهتمام‭ ‬ونحاول‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لنا‭ ‬مساهمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬ونحن‭ ‬محتاجون‭ ‬للوقت‭ ‬والمثابرة‭ ‬بهذا،‭ ‬أول‭ ‬تجربة‭ ‬كانت‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬دار‭ ‬النشر‭ ‬الإنجليزيةنشرنا‮ ‬‭ ‬12‭ ‬كتابًا‭ ‬ترجمة‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬لغات‭ ‬ثلاثة‭ ‬منها‭ ‬مترجمة‭ ‬من‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬من‭ ‬سورية،‭ ‬والكويت‭.‬

بالعربي‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬الطريق‭ ‬نشرنا‭ ‬الأجزاء‭ ‬الاربعة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬سلسلة‭ ‬النَّور‭ ‬والظلام‭ ‬للكاتب‭ ‬أحمد‭ ‬البخاري‭ ‬وهي‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬16‭ ‬جزءًا،‭ ‬وهي‭ ‬موجهة‭ ‬للأطفال‭ ‬من‭ ‬حوالي‭ ‬14‭ ‬عامًا،‭ ‬وما‭ ‬فوق‭ ‬

‭)‬أدب‭ ‬الناشئة‭(‬،‭ ‬وهناك‭ ‬برنامج‭ ‬لسلسلتين‭ ‬آُخريين‭ ‬مع‭ ‬الكاتب‭ ‬نفسه‭.‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الخطوط‭ ‬العريضة‭ ‬لإنتاج‭ ‬كتب‭ ‬للأطفال‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬كتّاب‭ ‬وفنانين‭ ‬ليبيين‭ ‬وعرب‭.‬

طبعًا‭ ‬هذا‭ ‬مشروع‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬إن‭ ‬شاءالله

مشكلات‭ ‬إنتاج‭ ‬كتب‭ ‬الأطفال‭ ‬هي‭ ‬نفس‭ ‬مشكلات‭ ‬النشر‭ ‬بمجمله‭. ‬إحداها‭ ‬طبعًا‭ ‬التسويق‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬العربي‭ ‬المشكلة‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الكاتب‭ ‬الليبي‭ ‬يكتب‭ ‬للأطفال‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬ليست‭ ‬هناك‭ ‬تجربة‭ ‬تراكمية‭ ‬في‭ ‬انتاج‭ ‬الكتب‭ ‬عربيًا‭ ‬عامة‭ .. ‬هناك‭ ‬من‭ ‬بضع‭ ‬سنين‭ ‬قليلة‭ ‬ابتدأتْ‭ ‬بعض‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬تنتج‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأدب،‭ ‬لكنها‭ ‬تجارب‭ ‬قليلة،‭ ‬كتب‭ ‬الأطفال‭ ‬تحكمها‭ ‬خبرات‭ ‬مختلفة‭ ‬لكي‭ ‬تكن‭ ‬مرغوبة‭ ‬وينتبه‭ ‬لها‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬وينجذب‭ ‬لها‭ ‬الأطفال،‭ ‬حاليًا‭ ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬بمتوفر‭ .. ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬التجارب‭ ‬الجيدة‭ ‬ولكنها‭ ‬قليلة‭ ‬وغير‭ ‬واسعة‭ ‬الانتشار‭ ‬بسبب‭ ‬مشكلة‭ ‬التسويق‭ ‬والتوفر‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وهي‭ ‬ليست‭ ‬سوقًا‭ ‬واحدة‭ ‬وإنما‭ ‬23‭ ‬سوقًا‭.‬

أيضًا‭ ‬هناك‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الكسل‭ ‬أو‭ ‬الخوف‭ ‬لإنتاج‭ ‬كتب‭ ‬أطفال‭ ‬عربية‭ ‬اصلية‭. ‬معظم‭ ‬الناشرين‭ ‬العرب‭ ‬يعتمدون‭ ‬على‭ ‬اقتباسات‭ ‬كتب‭ ‬الاطفال‭ ‬الغربية‭ ‬والتراجم‭ ‬سوق‭ ‬كتب‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬تجربتي‭ ‬الخاص‭ ‬تشكل‭ ‬حوالي‭ ‬30‭-‬35‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬التي‭ ‬تباع‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬مثلاً‭ ‬ليبيا‭ ‬خوذي‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬الكتب‭ ‬هنا‭ ‬والمكتبات‭ ‬المتوفرة‭ ‬الخاصة‭ ‬والعامة‭ ‬وعلى‭ ‬عدد‭ ‬الناشرين‭ ‬الليبيين‭ ‬وقيسي‭ ‬عليه‭.‬

للاسف‭ ‬المدارس‭ ‬الليبية‭ ‬بالأخص‭ ‬من‭ ‬الروضة‭ ‬إلى‭ ‬السادس‭ ‬الابتدائي‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬بها‭ ‬مكتبات‭. ‬في‭ ‬معظم‭ ‬البيوت‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬ثقافة‭ ‬القراءة‭ ‬للأطفال‭.‬فاقد‭ ‬الشيء‭ ‬لا‭ ‬يعطيه‭. ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬سياسة‭ ‬حكومية‭ ‬وأعمال‭ ‬تطوعية‭ ‬كثيرة‭ ‬لإحياء‭ ‬القراءة‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬ويجب‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬كثيرة‭ ‬العدد‭ ‬وليس‭ ‬مشاريع‭ ‬فردية‭ ‬والتي‭ ‬هناك‭ ‬منها‭ ‬موجودة‭. ‬لكن‭ ‬الموضوع‭ ‬يتطلب‭ ‬الكثير‭ ‬للحاق‭ ‬بركب‭ ‬الثقافة‭ ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬غيرها‭ ‬نحن‭ ‬ملعونون‭ ‬إلى‭ ‬مستقبل‭ ‬مخيف‭ ‬

اشتيوية‭ ‬محمود‭ – ‬أ‭. ‬جامعية

أدب‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬ليبيا

الصناعة‭ ‬والتلقي

‮ ‬أدبُ‭ ‬الطفل‭ ‬مصطلح‭ ‬يثير‭ ‬عديد‭ ‬التساؤلات‭ .. ‬فما‭ ‬هو‭ ‬الأدب‭ ‬الذي‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نطلق‭ ‬عليه‭ ‬هذه‭ ‬التسمية‭ .. ‬من‭ ‬ينتجه؟‭ ‬وكيف‭ ‬ينتجه؟‭ ‬ولمن‭ ‬يوجهه؟‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬هي‭ ‬قضية‭ ‬أجناسية‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تتبع‭ ‬وتدقيق‭ ‬لنحت‭ ‬مفاهيم‭ ‬تساعد‭ ‬الكاتب‭ ‬والمتلقي‭ ‬على‭ ‬خوض‭ ‬غمار‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬الخاص‭ ‬من‭ ‬الكتابة‭. ‬

‮  ‬‭ ‬صعوبات‭ ‬شتى‭ ‬تعترض‭ ‬طريق‭ ‬المؤلف‭ ‬و‭ ‬القارئ‭ ‬المنتج،‭ ‬لأن‭ ‬الطفولة‭ ‬بكماء‭ ‬نتحدث‭ ‬بلسانها‭ ‬ونصوغها‭ ‬وفق‭ ‬رؤانا‭ ‬البعيدة‭ ‬عنها‭ ‬وعن‭ ‬هواجسها،‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬الدراسات‭ ‬التطبيقية‭ ‬على‭ ‬عينات‭ ‬من‭ ‬المتلقين‭ ‬الصغار‭ ‬أجدى‭ ‬من‭ ‬الحديث‭ ‬النظري‭ ‬المكرور‭.‬

‮  ‬‭ ‬نظرًا‭ ‬لتسارع‭ ‬التقنيات‭ ‬والوسائط‭ ‬الإلكترونية‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬الكتاب‭ ‬الورقي‭ ‬مغريًا‭ ‬للقراء‭ ‬الصغار‭ ‬وللكبار‭ ‬أيضا،‭ ‬ويلاحظ‭ ‬غياب‭ ‬شبه‭ ‬تام‭ ‬لبرامج‭ ‬الأطفال‭ ‬التي‭ ‬تهتم‭ ‬بخصوصية‭ ‬البيئة‭ ‬والثقافة،‭ ‬فإما‭ ‬أن‭ ‬يتجه‭ ‬الطفل‭ ‬الليبي‭ ‬إلى‭ ‬قنوات‭ ‬تبث‭ ‬أناشيد‭ ‬بلهجات‭ ‬أقطار‭ ‬أخرى،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يشاهد‭ ‬أفلامًا‭ ‬بلغات‭ ‬أخرى‭ ‬وربما‭ ‬بأفكار‭ ‬لا‭ ‬تنسجم‭ ‬ومحيطه،‭ ‬واللغة‭ ‬أداة‭ ‬الفكر‭ ‬توجهه‭ ‬وتعبّر‭ ‬عنه،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬ضعف‭ ‬علاقتهم‭ ‬باللغة‭ )‬الأم‭/‬العربية‭( ‬التي‭ ‬تضمن‭ ‬جمهورًا‭ ‬واسعًا‭ ‬مما‭ ‬يتيح‭ ‬إثارة‭ ‬المسائل‭ ‬الفكرية‭ ‬والسلوكية‭ ‬وتقويمها‭ ‬واستبدالها‭ ‬بما‭ ‬يوائم‭ ‬مستجدات‭ ‬الحياة‭.‬

‮  ‬‭ ‬أمّا‭ ‬عن‭ ‬الهامشية‭ ‬والمركزية،‭ ‬فهي‭ ‬أزمة‭ ‬ثقافة،‭ ‬حيث‭ ‬يهيمن‭ ‬نسق‭ ‬وتُسخر‭ ‬له‭ ‬بقية‭ ‬الأنساق‭ ‬الأخرى،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ظهور‭ ‬حفريات‭ ‬تُعري‭ ‬تلك‭ ‬الأنساق‭ ‬المهيمنة‭ ‬وتتبع‭ ‬آليات‭ ‬تكوينها‭ ‬وأزمنة‭ ‬تكريسها‭ ‬وسيطرتها،‭ ‬وهناك‭ ‬مقال‭ ‬للصادق‭ ‬النيهوم‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭:‬

‭)‬كل‭ ‬طفل،‭ ‬كل‭ ‬مراهق،‭ ‬كل‭ ‬عجوز،‭ ‬كل‭ ‬امرأة‭( ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مفهوم‭ ‬الطفولة‭ ‬من‭ ‬المفاهيم‭ ‬المغيبة‭ ‬في‭ ‬الثقافة،‭ ‬وأدب‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬الأنساق‭ ‬المتنحية‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأدبية،‭ ‬فهو‭ ‬هامشي‭ ‬وثانوي‭ ‬حتى‭ ‬لدى‭ ‬المتخصصين‭ ‬فيه،‭ ‬هناك‭ ‬أقلية‭ ‬تحاول‭ ‬التعاطي‭ ‬معه‭ ‬لكنها‭ ‬جهود‭ ‬فردية‭ ‬لا‭ ‬تُكوِّن‭ ‬نسقا‭ ‬سائدا‭ ‬مؤسساتيا،‭ ‬له‭ ‬رؤى‭ ‬مختلفة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬التصارع‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬إلى‭ ‬التوفيق‭ ‬والتكامل،‭ ‬إن‭ ‬الاختلاف‭ ‬حول‭ ‬أدب‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬ماهيته‭ ‬وآليات‭ ‬كتابته‭ ‬وتلقيه‭ ‬وسياقاته‭ ‬ضرورة‭ ‬منهجية‭ ‬للنضج‭ ‬والتجاوز‭ ‬والاستيعاب‭.‬

‮  ‬‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬استدراكه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقام‭ ‬هو‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالتصورات‭ ‬التي‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬دراسة‭ ‬أدب‭ ‬الطفل،‭ ‬لأن‭ ‬العبارات‭ ‬النقدية‭ ‬تتكرّر‭ ‬بشكل‭ ‬لافت‭ ‬والأسئلة‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬حلقة‭ ‬مفرغة،‭ ‬هناك‭ ‬رصيد‭ ‬إبداعي‭ ‬ونقدي‭ ‬لا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬قارئ،‭ ‬فقط‭ ‬لو‭ ‬تمت‭ ‬مقاربته‭ ‬بتصورات‭ ‬مُحسّنة‭ ‬أو‭ ‬متحولة،‭ ‬ليرقى‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الظاهرة‭ ‬الأدبية‭ ‬التي‭ ‬تنافس‭ ‬الظواهر‭ ‬الأخرى‭ ‬وتتخذ‭ ‬مكانتها‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأدبية‭ ‬

غالية‭ ‬ذرعاني‭/ ‬أ‭. ‬جامعية‭ ‬وقاصة‭ ‬

الفاعلية‭ ‬تتوقف‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬نهج‭ ‬تجديدي‭ ‬

إنّ‭ ‬الاهتمام‭ ‬ضروري‭ ‬بهذا‭ ‬المجال‭ ‬الحيوي‭ ‬‮«‬أدب‭ ‬الأطفال‮»‬‭ ‬وبهذه‭ ‬الشريحة‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وقفات‭ ‬جادة‭ ‬لتقف‭ ‬باعتدال‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بوجود‭ ‬حقيقي‭ ‬وفاعل‭ ‬لأدب‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬ليبيا؟

يُعد‭ ‬أدب‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬ظاهرة‭ ‬ثقافية‭ ‬ذات‭ ‬جذور‭ ‬تاريخية‭ ‬عميقة؛‭ ‬فقد‭ ‬بدأ‭ ‬الاهتمام‭ ‬بهذه‭ ‬الفئة‭ ‬منذ‭ ‬أوائل‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬وشهدت‭ ‬فترات‭ ‬من‭ ‬النشاط‭ ‬التاريخي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬الكتب‭ ‬والمبادرات‭ ‬الثقافية‭ ‬التي‭ ‬تناولت‭ ‬حياة‭ ‬الطفل،‭ ‬وتنمية‭ ‬قدراته،‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬جهود‭ ‬الرواد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬السيدة‭ ‬خديجة‭ ‬الجهمي،‭ ‬وخليفة‭ ‬حسين‭ ‬ويوسف‭ ‬الشريف‭ ‬وغيرهم،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬تأثيره‭ ‬وفعاليته‭ ‬في‭ ‬الحاضر‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قضية‭ ‬محل‭ ‬نقاش،‭ ‬إذ‭ ‬تُظهر‭ ‬النقاشات،‭ ‬والحوارات‭ ‬الأدبية‭ ‬أنه‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬جهود‭ ‬حقيقية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬متقطعة‭ ‬أو‭ ‬محدودة‭ ‬النطاق،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إنه‭ ‬يوجد‭ ‬أدب‭ ‬طفل‭ ‬حقيقي‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬لكن‭ ‬فاعليته‭ ‬وتأثيره‭ ‬العملي‭ ‬تتوقف‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬التحوّل‭ ‬إلى‭ ‬نهج‭ ‬تجديدي‭ ‬يضمن‭ ‬استمرارية‭ ‬الإنتاج‭ ‬وتوزيعه‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع،‭ ‬مما‭ ‬يستدعي‭ ‬ضلوع‭ ‬المؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬والمجتمعية‭ ‬والأدبية‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬الحيوي‭.‬

هل‭ ‬لأدب‭ ‬الطفل‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هيمنة‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والانفتاح‭ ‬التكنولوجي‭ ‬المتسارع‭ ‬؟

في‭ ‬ظل‭ ‬هيمنة‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والانفتاح‭ ‬التكنولوجي‭ ‬المتسارع،‭ ‬يواجه‭ ‬أدب‭ ‬الطفل‭ ‬تحديات‭ ‬وفرصًا‭ ‬جديدة‭ ‬تتطلب‭ ‬منه‭ ‬إعادة‭ ‬صياغة‭ ‬أساليبه‭ ‬لتقديم‭ ‬محتوى‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬التراث‭ ‬التربوي‭ ‬والابتكار‭ ‬الرقمي،‭ ‬فمن‭ ‬جانب،‭ ‬تُقدم‭ ‬الوسائط‭ ‬الرقمية‭ ‬تجارب‭ ‬تفاعلية‭ ‬غنية‭ ‬من‭ ‬ألعاب‭ ‬القصص‭ ‬التفاعلية‭ ‬إلى‭ ‬الكتب‭ ‬الإلكترونية‭ ‬المدعومة‭ ‬بالوسائط‭ ‬المتعددة‭ ‬تستقطب‭ ‬الأطفال‭ ‬وتثير‭ ‬اهتمامهم‭ ‬بطريقة‭ ‬قد‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬القراءة‭ ‬التقليدية،‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل،‭ ‬عند‭ ‬تصميمها‭ ‬وفق‭ ‬معايير‭ ‬تربوية‭ ‬وإعلامية‭ ‬دقيقة،‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬نقل‭ ‬قيمة‭ ‬أدب‭ ‬الطفل‭ ‬وتطوير‭ ‬مهارات‭ ‬اللغة‭ ‬والتفكير‭ ‬النقدي‭ ‬لديه‭.‬

ما‭ ‬الذي‭ ‬ينقص‭ ‬أدب‭ ‬الأطفال‭ ‬ليكون‭ ‬راسخا‭ ‬بشكل‭ ‬فعال؟

ما‭ ‬ينقص‭ ‬أدب‭ ‬الأطفال‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬رسوخ‭ ‬فعّال‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬تجديد‭ ‬المحتوى‭ ‬وتنوعه،‭ ‬ودعم‭ ‬مؤسسي‭ ‬متكامل،‭ ‬واستغلال‭ ‬أمثل‭ ‬للتقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الهوية‭ ‬الثقافية،‭ ‬إذا‭ ‬تحقق‭ ‬هذا‭ ‬التكامل،‭ ‬يصبح‭ ‬أدب‭ ‬الأطفال‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬وسيلة‭ ‬للتسلية،‭ ‬بل‭ ‬منصة‭ ‬تعليمية‭ ‬غنية‭ ‬تُسهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬وعي‭ ‬الطفل‭ ‬وتمكينه‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬المستقبل‭. ‬

مفتاح‭ ‬قناو‭/ ‬قاص

لا‭ ‬اريد‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬متشائما‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الحقيقة‭ ‬

عند‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬أدب‭ ‬الطفل‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بإن‭ ‬السنوات‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬الانفتاح‭ ‬الألكتروني‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬وهي‭ ‬سنوات‭ ‬الستينيات‭ ‬والسبعينيات‭ ‬وحتى‭ ‬الثمانينيات‭ ‬قد‭ ‬شهدت‭ ‬انتاجًا‭ ‬ثقافيًا‭ ‬ليبيًا‭ ‬لصالح‭ ‬ثقافة‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجالات‭ ‬من‭ ‬إصدار‭ ‬المجلات‭ ‬والمطبوعات،‭ ‬والكتب‭ ‬الخاصة‭ ‬بالأطفال‭ ‬وإنشاء‭ ‬الملاعب،‭ ‬والمدن‭ ‬الترفيهية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬مقتصرة‭ ‬على‭ ‬دورات‭ ‬معرض‭ ‬طرابلس‭ ‬الدولي،‭ ‬وتابعنا‭ ‬في‭ ‬طفولتنا‭ ‬مجلات‭ ‬الأطفال‭ ‬المشرقية‭ ‬وقصص‭ ‬مغامرات‭ ‬الفتيان‭ ‬وعروض‭ ‬الرسوم‭ ‬المتحركة‭ ‬في‭ ‬التلفزيون‭ ‬المحلي‭ ‬وغيرها،‭ ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬الثورة‭ ‬التكنولوجية‭ ‬والسماء‭ ‬المفتوحة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الانترنت‭ ‬أصبح‭ ‬الطفل‭ ‬الليبي‭ ‬أسيرًا‭ ‬لجهاز‭ ‬الموبايل‭ ‬الخارج‭ ‬عن‭ ‬سيطرة‭ ‬الأهل‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬يدري‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬شيئًا‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬خطورة‭ ‬ما‭ ‬يقم‭ ‬خلاله،‭ ‬وتراجع‭ ‬دور‭ ‬الدولة‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الفوضى‭ ‬العارمة‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬بلادنا،‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬معطلة‭ ‬بالكامل،‭ ‬ووزارة‭ ‬الشباب‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬منح‭ ‬الزواج‭ ‬التي‭ ‬اعتقد‭ ‬البعض‭ ‬أنها‭ ‬منحة‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬نكبة‭ ‬على‭ ‬الكثيرين،‭ ‬وزارة‭ ‬الرياضة‭ ‬لا‭ ‬هم‭ ‬لها‭ ‬إلا‭ ‬مشكلات‭ ‬دوري‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬والصراعات‭ ‬بين‭ ‬الأندية‭.‬

في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬سيقل‭ ‬بل‭ ‬سينعدم‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالطفل،‭ ‬ويصبح‭ ‬الاهتمام‭ ‬به‭ ‬مقتصر‭ ‬على‭ ‬الوالدين‭ ‬ومدى‭ ‬ثقافتهم،‭ ‬وإدراكهم‭ ‬لحجم‭ ‬المسؤولية‭ ‬التي‭ ‬تخلت‭ ‬عنها‭ ‬الدولة،‭ ‬أما‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أدب‭ ‬وثقافة‭ ‬الطفل‭ ‬الليبي‭ ‬إن‭ ‬وجدت‭ ‬فهي‭ – ‬حاليًا‭ – ‬ثقافة‭ ‬وافدة،‭ ‬مجلة‭ )‬الأمل‭( ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬أيدي‭ ‬الأطفال‭ ‬الليبيين،‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬برامج‭ ‬تلفزيونية‭ ‬موجهة‭ ‬للأطفال،‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬استثنينا‭ ‬برنامج‭ ‬مسابقات‭ ‬رمضاني‭ ‬موسمي‭ ‬يشارك‭ ‬فيه‭ ‬الكبار‭ ‬بدل‭ ‬الصغار،‭ ‬فلا‭ ‬وجود‭ ‬لبرامج‭ ‬موجهة‭ ‬للأطفال،‭ ‬مواقع‭ ‬‮«‬التكتك‭ ‬والانستجرام‮»‬‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تستولي‭ ‬على‭ ‬عقول‭ ‬الصغار‭ ‬والكبار‭.‬

لا‭ ‬أُريد‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬متشائما‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬أراها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى