إعداد: أ وفاء ميلود ساسي
يتمثل أساس الالتزام بالإعلام في القانون المدني(أولاً) وفي موضوع حماية المستهلك (ثانياً) فيما سيأتي بيانه:
أولاً: أساس الالتزام بالإعلام في القانون المدني:
تباينت وجهات النظر حول الأساس القانوني للالتزام بالإعلام، فالبعض رده إلى نظرية عيوب الإرادة من غلط وتدليس، والبعض الآخر إلى مبدأ حسن النية ومشتملات العقد ويرى آخرون بأن الالتزام بالإعلام يرجع أسـاسه القانوني إلى العلم بالمبيع علمـاً كافيـاً نافيـاً للجهالة، والبعض منهم يعتبر الالتزام بالإعلام مكملاً للالتزام بالسلامة، وأيضاً يرى جانب من الفقه الفرنسي أن الالتزام بالإعلام يجد أساسه في الالتزام بضمان العيب الخفي، والاتجاه الآخر في الفقه يرى أن الالتزام بالتسليم يعتبر أساساً للالتزام بالإعلام.
بالرغم مما أورده الفقه بشأن الأساس القانوني للالتزام بالإعلام ورده إلى عدة التزامات في مُجملها تمثل أساساً للالتزام بالإعلام إلا أني أرى أن ما رجحه الفقه يندرج تحت طائلة حسن النية في التعاقد مما يجعل العقد خالياً من أي عيب من شأنه أن يضر بسلامته أو توازنه.
حيث يُفترض أساس الالتزام بالإعلام في القانون المدني قيامه على حسن النية، وقد استقــر الفقه والقضـاء على وجوب الالتزام بالتفاوض بحسن نية، بحيث يتسم سلوك المتفــاوض بالنزاهة والأمانـة والثقة، وأن يمتنع عن كل ما من شأنه إعـاقة المفاوضـات أو فشلها، أو اتباع أسلوب الحيلة والمراوغة بغية الإضرار بالطرف الآخر. وهذا ما نصت عليه المادة (148ق.م.ل) على أنه «يجب تنفيذ العقــــد طبقاً لما اشتمل عليه، وبالطريقة التي تتفق مع ما يوجبه حسن النية».
حيث يتضح من النص السابق أن مبدأ حسن النية واجب في كل العقود بصرف النظـــــــر عن نوعها وموضوعها وهذا ما تقتضيه قواعد العدالة والأنصاف، وطالما أن عقد الكفالة هو عقد كغيره من العقود يخضع للقواعد العامة والخاصة، فإن مبدأ حسن النية من المبادئ التي تحكم هذا العقد، وأيضاً هناك نصوص متفرقــــة في القانون المدني تنص على مبدأ حسن النية في التعــامل بين الأطراف المتعـــــــــاقدة بصرف النظر عن طبيعـــــــــة المعاملة، مثلاً نص المــــــادة (124ق.م.ل) بشأن الغلط، حيث نصت على أنه «ليس لمن وقع في غلط أن يتمسك به على وجه يتعارض مع ما يقضي به حسن النية».
ويتبين من النص أن مبدأ حسن النية مفترض في المُعاملات أياً كان الطرف المتعـــاقد دائنــاً أو مديناً أو كفيلاً، فالعبرة بالنزاهة والأمانة والثقة في التعامل بغية الوصول للهدف المنشـود وهو خلق نوع من التوزان في العقود وحمـاية الأطراف الضعيفة في العلاقــة التعاقديـة.
كما أن حسن النيـة يفترض في عقـــــد الكفـــالة قائم على أساس الالتزام بالإعلام، والتبصير، والتعاون، والنصح بين الدائن والكفيل.
حيث أن مبــدأ حسن النية يفرض التزاماً بالتعاون على المتعاقدين في مرحلتي إبرام العقد وتنفيذه.
وكذلك قضت المحكمة العليا بمبدأ حسن النية في عقد الإيجار بالحكم الآتي «إن عقد المؤجر الذي لا يملك العين وإن كان صحيحاً في خصوص علاقته مع المستأجر فإنه لا يكون نـافذاً في حق المالك إلا إذا كان المؤجر حائزاً للعين وكـان المستأجر حسن النيـة فإذا لم يكن المؤجر حائزاً لها أو كان المستأجر سيء النية فإن العقد لا يكون نافذاً على المالك ويستطيع ما لم يُقر الإيجار أن يسترد العين من تحت يد المستأجر باعتباره غاصباً ولا يتقيد بالمواعيد المقررة بالتنبيه بالإخلاء وبانقضاء المدة المبينة للتنبيه في العقد لانتهاء الإيجار».
وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بالقول: «يفترض التزام حسن النية وجود رابطة تعاقدية بين الطرفين وتزول هذه الروابط عندما لا يتحقق شرط التعليق الذي كانت خاضعة له».
كما قضت في حكم آخر: «أن الدائن الذي أثبت امتناعه عن توجيه أي إنــذار مسبـق، قبل نهاية الفترة التعاقدية الأولى البالغة أربع سنوات، وقد ترك الدائن الاتفاقية تتجـــــدد ضمنياً لمدة سنتين إضافيتين، بشروط خـالية من حسن النيـة، مستفيـداً من صمت الكفيـل المتعاقد معه في إطالة الأمــد، وهذا وضع لا يمكن أن يسري إلا لمصلحته فقط».
ويتبع في العدد القادم جزء آخر من الرسالة متعلق بالأساس القانوني للالتزام بالإعلام في القانون المدني.
الجزء الخامس من رسالة الماجستير الموسومة ((بالحماية القانونية للكفيل الشخصي)) التي نُوقشت يوم 1_4_2021م بكلية القانون _ جامعة طرابلس.