رأي

إنها مؤامرة ولكن ضد من؟

الدكتور محمد العلاقي

‎ثار الجدل واحتدم النقاش حول ثورات الربيع العربي، حيث أنكر بعض مؤيدي الأنظمة العربية الدكتاتورية هذه الثورات، قائلين إنها مؤامرة عربية!!!. ‎والحق يقال إنها مؤامرة غربية فعلاً وسنأتي إلى توضيح ذلك لاحقاً. ‎ولم يفكر هؤلاء لعدة أسباب في المعاناة التي تعرضت لها هذه الشعوب، والمحاولات المتكررة لتحقيق أحلامها التي أجهضت في كثير من الأحيان، ولم ينتبه أحد إلى أنه من غير الممكن عقلا الإيحاء للتونسي البوعزيزي! حرق نفسه احتجاجا على معاملة الدرك التونسي له.. ‎ولم يفكر أحدا بأن وزيراً سابقاً وممثلا لليبيا في هيئة الأمم المتحدة ونائبه إبراهيم الدباشي (الرجل الوطني المعروف)، لديه جميع المميزات التي يحلم أي إنسان بتحقيقها، أن ينضم إلى انتفاضة شعبه في موقف يسجله التاريخ كأول دبلوماسي، ينتصر لشعبه وينضم إليه وهو ممثل للنظام الرسمي في بلاده، الذي انتظره كثيرا أن يصلح من حاله ولكن دون جدوى.. ‎ففاض به الكيل وانضم لشعبه لأنه يدري أكثر من غيره شراسة النظام الذي يمثله، ومعه كامل البعثة الليبية في الأمم المتحدة..‎ والحق يُقال أن معظم سفراء النظام في الدول المهمة قد انشقوا عليه بما فيهم وزير خارجيته ومندوبه في الجامعة العربية ومن كان شريكه في ثورة سبتمبر.. ‎ونعود إلى مناقشة المؤامرة… ونقول لقد استطاع النظام الليبي أن يحول الصراع بينه وبين الشعب الليبي، من صورة خروج ضده إلى تصوير الواقعة على أنها مواجهة بين الشعب الليبي وحلف الناتو، على عكس حقيقة الحال أن المواجهة الحقيقية كانت بين النظام وشعبه، وساعد على ذلك طلب الأمين العام لجامعة الدول العربية مجلس الأمن في التدخل لحماية المدنيين، الذي اتضح أنه حق أريد به باطل.. ‎وحيث أن الثورات العربية ومنها الليبية قد خرجت وبدأت من مجمع المحاكم في بنغازي ومصراتة وطرابلس وقبل ذلك في كل من البيضاء والزنتان .. ‎وأنها انتفاضات شعبية حقا قدمت لها وقفات السبت الذي كان أهالي أبو سليم وراءها وأيضا المحاميين وما تعرضت له نقابتهم.. ‎وفرضهم انتخابات نقابة بنغازي غصبا عن إرادة السلطة في ذلك الوقت .. ‎فإن هذا الوعي لدى الشعوب العربية لم يرق للغرب الصليبي عموما، فتدخلوا في الشأن الليبي وأنكروا عليه أنه نادى بحريته وتقرير مصيره فاجهضوا نجاح ثورته. ساعدهم في ذلك بعض المتخاذلين من الأنظمة السابقة الذين يتصورون نجاحهم في اخفاقات الثورة.

‎وبالتالي نقول إن ما تعرضت له ليبيا وباقي الدول العربية هو فعلا مؤامرة على شعوبها وليس على أنظمتها الفاسدة.

‎وخلاصة القول أن معمر القذافي قد استكثر على الشعب الليبي أن ينتفض ضده ويطالب بحريته بدليل قوله (من أنتم؟).

‎  أعود وأقول لم يعد ينفع البكاء على اللبن المسكوب…

‎ فتعالوا نبني وطناً يحتاج إلى جهود المواطنين ويسع الجميع، لكي لا نصبح نادمين جميعاً على ما سيؤول إليه حالنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى