التشارك في بناء المجتمع الصيني الأفريقي للمستقبل المشترك في كل الأجواء في العصر الجديد، وإضافة النقاط البارزة للتحديث في سجل التعاون الصيني الافريقي
بقلم السيد ليو جيان القائم بأعمال سفارة الصين لدى ليبيا
انعقدت في الفترة ما بين يومي 4 و6 سبتمبر 2024، قمة منتدى التعاون الصيني الافريقي في العاصمة بكين، حيث اجتمع القادة الصينيون والافارقة لكتابة فصل جديد في سجل الصداقة والتعاون بين الجانبين ورسم الخطوط العريضة لعملية التحديث للجنوب العالمي.
وألقى الرئيس الصيني “شي جينبينغ” الكلمة الرئيسية في الجلسة الافتتاحية للقمة بعنوان ”العمل يدا بيد على دفع عجلة التحديث، وبذل جهود مشتركة لبناء مجتمع المستقبل المشترك“، والتي طرح فيها المبادرات والإجراءات الجديدة لزيادة توطيد وتعزيز العلاقات الصينية الافريقية.
واعتمدت القمة وثيقتين مهمتين، هما ”إعلان بكين بشأن التشارك في بناء المجتمع الصيني الافريقي للمستقبل المشترك في كل الأجواء في العصر الجديد“ و”خطة عمل بكين لمنتدى التعاون الصيني الافريقي (2025-2027)“، مما يعكس الإرادة القوية والعمل الفعلي للجانبين في تعميق الثقة السياسية المتبادلة وتعزيز التعاون العملي.
تركز القمة على موضوعين رئيسيين، هما ”مجتمع المستقبل المشترك“ و”التحديث“.
واقترح “جينبينغ”، رفع العلاقات الثنائية بين الصين وجميع الدول الافريقية التي لها العلاقات الدبلوماسية مع الصين إلى مستوى العلاقات الاستراتيجية والارتقاء بالعلاقات الصينية الافريقية ككل إلى مستوى المجتمع الصيني الافريقي للمستقبل المشترك في كل الأجواء في العصر الجديد، الأمر الذي يُعتبر معلما بارزا في سجل التبادلات بين الصين والدول الافريقية، ويكتب فصلا جديدا لقضية بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
أكد الرئيس “شي جينبينغ”, أن ”تحقيق التحديث حق غير قابل للتصرف لكافة دول العالم“، و”لا تحديث للعالم بدون تحديث لافريقيا والصين اللتان تضمان ثلث السكان في العالم“، كما شرح الرئيس “شي جينبينغ”, سبل دفع عجلة التحديث بالجهود المشتركة الصينية الافريقية بـ6 نقاط، العمل على دفع التحديث الذي يتسم بالعدالة والإنصاف، والتحديث الذي يتسم بالانفتاح والنفع للجميع، والتحديث الذي يضع الشعب فوق كل الاعتبارات، والتحديث الذي يتسم بالتنوع والشمول، والتحديث الصديق للبيئة، والتحديث الذي يتسم بالسلام والأمن. في سبيل تحقيق التحديث، أعلن الرئيس “شي جينبنيغ” عن تنفيذ ”أعمال الشراكة العشرة“ بين الصين والدول الافريقية لدفع التحديث في السنوات الثلاث المقبلة، والتي تغطي المجالات التالية: الاستفادة المتبادلة بين الحضارات، والازدهار التجاري، والتعاون في سلاسل الصناعة، والترابط والتواصل، والتعاون الإنمائي، والصحة، والنهوض بالزراعة وخدمة الشعب، والتواصل الشعبي والثقافي، والتنمية الخضراء، وتحقيق الأمن. من أجل دفع تنفيذ “أعمال الشراكة العشرة”، تحرص الحكومة الصينية على تقديم 360 مليار يوان صيني من الدعم المالي في السنوات الثلاث المقبلة، بما فيها خط الائتمان بقيمة 210 مليار يوان صيني، و80 مليار يوان صيني من مختلف الأنواع من المساعدات، ودفع الشركات الصينية باستثمار ما لا يقل عن 70 مليار يوان صيني في افريقيا.
كما يشجع ويدعم الجانب الصيني الجانب الافريقي لإصدار “سندات الباندا” في الصين، بما يقدم دعما قويا للتعاون العملي بين الصين وافريقيا في شتى المجالات.
وعلى هامش القمة، التقى الرئيس الصيني “شي جينبينغ”, برئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، وأعلنا معا عن إقامة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين لدفع العلاقات الثنائية إلى مستوى أعلى.
وشدد “جينبينغ”، أنه لن يتغير موقف الجانب الصيني المتمثل في دعم الاستقرار والتنمية في ليبيا وتعزيز التعاون الثنائي الودي مع ليبيا بغض النظر عن كيفية تطور الوضع.
إن الجانب الصيني على استعداد لتعميق الثقة السياسية المتبادلة مع الجانب الليبي، وتوسيع التبادلات والتعاون، وتعزيز العلاقات بين البلدين لتسير بخطى ثابتة وبعيدة المدى.
إن الجانب الصيني يدعم ليبيا في إعادة بناء اقتصادها وتحسين معيشة شعبها ويأمل في أن يوفر الجانب الليبي بيئة عمل سليمة للشركات الصينية.
ويستعد الجانب الصيني للعمل مع الجانب الليبي لتعزيز الحوار والتعاون مع الدول الافريقية والعربية، وتقوية التواصل في الأمم المتحدة والمنصات متعددة الأطراف الأخرى، وتعزيز التضامن والتنسيق بين دول الجنوب العالمي، وحماية المصالح المشتركة للدول النامية والنزاهة والعدالة الدوليتين.
عُقدت الدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني بالنجاح يوليو العام الجاري، والتي تستقطب أنظار العام وتكتسب أهمية ضخمة. وضعت الدورة الكاملة ترتيبات منهجية بشأن تعزيز تعميق الإصلاح على نحو شامل لدفع التحديث الصيني النمط، وأكدت على ضرورة التمسك بالسياسة الوطنية الأساسية للانفتاح على الخارج وبناء نظام اقتصادي جديد ومنفتح على مستوى أعلى، الأمر الذي لا يوفر ضمانا متينا للتحديث الصيني النمط فقط، بل يعطي دفعة قوية لبناء اقتصاد عالمي منفتح، كما يأتي بالمزيد من الفرص التنموية لجميع دول العالم بما فيها ليبيا، ويصبح محركا جديدا ونقطة بارزة جديدة لتطوير العلاقات الصينية الافريقية، ويضفي ديناميكية جديدة لجهود الصين والدول الافريقية في تحقيق التحديث.
تربط بين الصين وليبيا صداقة تقليدية، ويتمتع البلدان بإمكانية ضخمة للتعاون الثنائي. إن الجانب الصيني على استعداد تام للعمل مع الجانب الليبي على تعزيز التعاون المتبادل المنفعة في كافة المجالات مثل الاقتصاد والتجارة والطاقة والبنية التحتية والثقافة والتربية والتعليم والتكنولوجيا وغيرها، ودعم ليبيا لاستتباب الأمن والاستقرار في أسرع وقت ممكن، وتسريع عملية إعادة الإعمار، وتحسين رفاهية المواطنين، والمضي قدما بثبات في مسيرة التحديث الوطني.
تحدونا ثقة تامة بأن الشراكة الاستراتيجية بين الصين وليبيا ستشهد مزيدا من التطور تحت الجهود المشتركة من الجانبين، بما يقدم مساهمات جديدة وأكبر في بناء المجتمع الصيني الافريقي للمستقبل المشترك في كل الأجواء في العصر الجديد، ويضيف النقاط البارزة الجديدة للتحديث في سجل التعاون الصيني الافريقي!