
في ظل التقلبات المستمرة في أسعار العملات، يبرز الدولار الأمريكي كأحد أبرز العوامل المؤثرة على الاقتصاد العالمي والمحلي. ومع تزايد تأثير تغير سعر الدولار على الأسواق المالية والتجارة الدولية يصبح من الضروري فهم تداعيات هذه التقلبات.
في هذا السياق، يسرنا أن نجري لقاءً صحفيًا مع الخبير الاقتصادي البارز، الأستاذ وحيد الجبو، الذي يتمتع بخبرة واسعة في تحليل الوضع الراهن لسوق المحلي وأسباب ارتفاع الدولار وانهيار الدينار مع تقديم رؤى استراتيجية في الجوانب الاقتصادية المهمة في عالم يتسم بالتغيرات الاقتصادية السريعة والتحديات المتزايدة.
تابعونا في هذا الحوار الذي سيقدم لنا رؤى عميقة حول تأثير تغير سعر الدولار على الاقتصاد الليبي والأسباب والمعالجات المنطقية لتحسين الدينار.
كيف يؤثر تغير سعر الدولار على الاقتصاد الليبي بشكل عام؟.
يؤثر تغير سعر الدولار بشكل كبير على الاقتصاد الليبي حيث إن ليبيا تعتمد على الواردات لتلبية احتياجاتها الأساسية. ارتفاع الدولار يؤدي إلى زيادة تكاليف الواردات مما يضغط على الميزانية الحكومية ويزيد من التضخم.
ما القطاعات الاقتصادية الأكثر تضرراً من ارتفاع الدولار في ليبيا؟.
القطاعات الأكثر تضرراً تشمل التجارة حيث تتزايد تكاليف السلع المستوردة. أيضاً قطاع البناء يتأثر بشدة بسبب ارتفاع أسعار المواد الأساسية بالإضافة إلى القطاع الصحي الذي يعتمد على المستلزمات الطبية المستوردة.
كيف يؤثر ارتفاع سعر الدولار على أسعار السلع الأساسية في السوق الليبي؟.
ارتفاع سعر الدولار يؤدي إلى زيادة أسعار السلع الأساسية مثل : الغذاء والدواء مما يثقل كاهل الأسر ويزيد من معدلات الفقر.
ما هي التحديات التي تواجهها الحكومة الليبية في إدارة سعر الصرف في ظل تقلبات الدولار؟.
تواجه الحكومة تحديات مثل : نقص الاحتياطيات النقدية عدم الاستقرار السياسي وصعوبة السيطرة على السوق السوداء مما يجعل إدارة سعر الصرف بحاجة إلى خبراء محنكين في مجال معالجة تقلبات الدولار وطرق تقوية الدينار الليبي.
ما دور السوق السوداء في تحديد سعر الدولار في ليبيا؟، وكيف يؤثر ذلك على الاقتصاد؟ .
تلعب السوق السوداء دوراً مهماً في تحديد سعر الدولار؛ حيث تتسبّب في تضخم الأسعار وتفاقم الأزمات الاقتصادية من خلال تقويض الجهود الرسمية للحكومة في إدارة سعر الصرف.
هل إلغاء الضريبة يحسنُ من سعر الصرف وتقوية الدينار الليبي؟.
قال «الجبو» : إنّ الخبر الخير فيما يخص اتفاق رئيس مجلس النّواب مع محافظ المصرف المركزي بشأن الغاء الضريبة والآن 15%المفروضة والتي كانت 27% وهذه خطوة جيدة ولكن لا تعني أن هذا المطلوب بل توجد خطوات أخرى على المركزي أن يقوم بهذا الدعم القوة الشرائية لدينار الليبي الذي اصبح مؤخرًا منهارًا ولا قيمة له حيث إن القيمة الشرائية لدينار الليبي محدودة جدًا بعد ان كان في 2010م. 90سنت أي يساوي الدولار دينار و30 درهمًا، وأصبح الان في السوق السوداء إلى 8دينارات، وهذا مخجل أن ينهار الدينار الليبي هكذا بعد تخفيض قوته الشرائية وهذا ناتج على ممارسات خاطئة كالإنفاق الحكومي المتزايد والمبالغ فيه والذي نتج عنه التضخم في الدين العام وهنالك جهات تشريعية وحكومية تعد السبب في مشكلة انهيار الدينار الليبي.
هل السياسة المالية لدى المسؤولين أسهمت في تحسين سعر الدولار؟ .
لقد انتهج المسؤولون في الحكومتين الصرف دون حدود ودون مراعاة للظروف التي تمر بها ليبيا خاصة وأن الدولة الليبية تعتمد على إنتاج النفط وهو أساس اقتصادها كما فشلتْ الحكومات السابقة في إيجاد تنوع في مصادر الدخل الليبي والثقل واقع على قطاع النفط كما أن أسواق النفط الدولية متقلبة فبرميل النفط يصل إلى 90 دولارًا، وأحيانا ينخفض إلى 50 دولارًا وكل ما انهار سوق النفط تنهار أسعاره فهو يؤثر سلباً ويسبب مشكلات للخزينة الليبية كما يؤثر على الاحتياطي الاستراتيجي من العُملة الصعبة بالمصرف المركزي.. وأكد أن بيان الانخفاض الضريبي 15% على سعر الدولار فهو اتفاق شفوي وصدر عنه بيانٌ لكن الحقيقة لا يمكن المضي فيه خلال المدة المحددة له خلال سبتمبر القادم وهذا لا يمكن تنفيذه إلا بعد صدور قانون وقرار من مجلس النّواب يحدد فيه تاريخ بداية التنفيذ لان المركزي يعمل وفق قرارات وقوانين ولا يعمل باتفاقات شفوية، ولو كانت مكتوبة فالقانون المالي لدولة الليبية يتطلب أن يصدر قانون بشأن الغاء الضريبة والتخفيض الضريبي يكون تدريجيًا فهل البداية تكون 15% بحيث يخفض المركزي 10 % تم تصبح الضريبة 10% والخطوة الثانية والثالثة والرابعة غير محددة حتى نصل الى إزالة هذه الضريبة نهائياً
هل توضح أسباب حدوث التضخم في السوق الليبي؟.
وفي عام 2019م عندما تم فرض رسم على العُملة الصعبة انقلب سعر الدولار الذي تعتمد عليه الدولة الليبية بشكل كبير حيث تستورد أكثر من 95 من احتياجاتها المعيشية والدوائية والغذائية وتستورد السيارات والمعدات والمواد الخام للمصانع والملابس والاحذية وحتى القرطاسية أي كل ما يتعلق بمناحي الحياة بالتالي أي ارتفاع كما حصل للدولار سيؤثر في السوق الليبي ويزيد سعر الدولار ويتبعه تضخمٌ وتسبب زيادة في معاناة المواطن والمرتبات وان زادت تعد قليلة حالياً. فكلما زاد سعر الدولار تنخفض القيمة الشرائية للمرتب أو لدينار الليبي.
وأوضح قائلاً : فما فائدة زيادة المرتبات كحد أدنى 1000دينار وهذا يعني أقل من 130دولارًا وهذا يؤدي إلى توسع دائرة الفقر واكد انه لا فائدة من زيادة المرتبات تقابلها زيادة سعر الدولار الذي وصل إلى 9 دينارات في السوق الموازي.
وأشار الجبو أن الانخفاض الضريبي وزيادة المرتبات ليس حلاً لان التغير لن يكون كبيرًا جدًا واعتبرها )ذر الرماد في العيون(.
وأوضح أنه قبل عامين قرر المركزي تغير سعر الدولار من )دينار و30درهمًا إلى 5دينارات(، وشهد السوق خلال عامي 2023م كان الدولار بـ5 دينارات والآن وصل 8 خلال هذ العام 2025م وهذا يجعل الدينار مستمرًا في الهبوط حتى درجة الانهيار واتوقع ان تكون الحالة الاقتصادية صعبة على المواطن الليبي .
هل اعتماد الميزانية يُسهم في تحسن سعر الدولار؟.
قال : لو قرار الميزانية المبالغ فيها حوالي 190 مليارًا سيزيد الضغط على الدولار فستشري الحكومة الدولار لتوفير عديد الاحتياجات المواطنين فسيرتفع الدولار أكثر واذا كان سعر الدولار في المركزي 6دينارات ونص الدينار وفي السوق السوداء 8 دينارات لو المصارف التجارية توقفت عن المعاملات في بيع العُملة قد يصل الى 9 دينارات والحمد لله ان قانون الميزانية لم يصدر والمصرف المركزي رفض هذا الرقم لانه لم يتم مراعاة الأوضاع المالية وحاجة الخزينة الليبية لإصدار هذا القانون في ظل حكومتين وكل حكومة تعتمد الصرف وينتج انفاق عال جدا وينتج ضغط على الدولار وسترتفع الأسعار اكثر ممن عليها اليوم ولهذا يستمروا في سياسة الترتيبات المالية الماضية كالصرف في 2024م التي شهدت مبالغة في آلية الصرف .
كيف تؤثر السياسة المالية في ليبيا على الاقتصاد المحلي؟.
السياسة النقدية والتشريعية لازالت ضعيفة في ليبيا والأشخاص المكلفون بإدارة المال العام اغلبهم غير مؤهلين وتنقصهم الكفاءة ولا بد من إعادة النظر في هيكلة الاقتصاد الليبي .. وشدد ان الحل الإسراع هو التنويع في مصادر الدخل وضرورة إيقاف الهدر الحكومي وإلغاء بعض المميزات ومرتبات أعضاء المجالس الحكومية كمجلس النواب ومجلس الوزراء والرئاسي ومجلس الدولة لا بد ان تنخفض وإلغاء التميز لان هكذا حال يشكل عبء كبيرًا على الميزانية العامة ولو ميزانية 2025 م زيادة الصرف فيها تسبب زيادة الدين العام الذي لا يمكن معالجته الا بتخفيض الدولار وأتمنى ان تكون 2026 تكون السياسة المالية محكمة ورشيدة فيما يخص الانفاق الحكومي ولا بد ان يكون الانفاق عن طريق تشكيل حكومة واحدة
ما أسباب هدر المال العام؟.
الانقسام السياسي والاقتصادي سبب مشكلة كبيرة لدولة الليبية وصرف غير مبرر ولا توجد ضوابط ومراقبة شديدة له لأجل الحفاظ على المال العام في عدم التبذير ووجود حكومتين يسمح بالانفلات في صرف المال العام غير الحكيم ويسبب ضعفًا للاقتصاد، وتزايد الدين العام سبب تتقلب الدولار يكون بسبب العرض والطلب كلما زاد الطلب على الدولار كلما ارتفع السعر وهذه لها أسبابها في حالة المصرف المركزي والمصارف التجارية التابعة له اتقفت صرف الدولار أو فترة الجرد أو مشكلة ما يحدث زيادة الطلب على الدولار وكذلك أصحاب الشركات الموردين لا يتوقفون عن زيادة الطلب على العُملة وعليها التزامات فيتجهون لشراء الدولار من السوق السوداء والنتيجة زيادة سعره .
هل هناك أي سياسات، أو إجراءات يمكن أن تعتمدها ليبيا للتخفيف من الأثار السلبية لارتفاع الدولار؟.
يمكن للدولة الليبية اعتماد سياسات مثل تنويع مصادر الدخل )زيادة الإنتاج المحلي( تحسين الإنتاج الزراعي وتعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين لتوفير السلع الأساسية بأسعار معقولة.كما أن المعالجة لا تتم إلا بتنويع مصادر الدخل بدل الاعتماد على مصدر واحد وهو «النفط» الذي جعل من ليبيا أحادية المصدر، وذلك بتشجيع المشروعات الصغرى والمتوسطة وتنشيط السياحة الداخلية والخارجية والمشروعات الزراعية والصيد البحري والصناعية والمواصلات والاهتمام بتجارة العبور والمناطق الحرة وبتكليف اقتصاديين ذوي كفاءة قادرين على إدارة المال العام بشكل مقنّن ووضع آلية إدارة السياسة المالية بشكل حكيم وتقوية الدينار مرتبط بزيادة الإنتاج أو التحول للإنتاج؛ حيث يوجد أكثر من 2مليون موظف انتاجهم ضعيف وبعضهم غير موجود في مواقع الإنتاج ولا بد من تشجيعهم بالتوجه للقطاع الخاص وإيجاد فرص عمل للباحثين عن شغل للخريجين الجدد ولتحسين الظروف المعيشية لا بد من فتح الإقراض لإنشاء مصانع جديدة وأن تسعى الدولة في التنمية المستدامة.